تعد محافظة شمال سيناء من أكثر المحافظات التي تعرضت للتهميش وحملات التشويه الإعلامي طيلة الثلاثين عاما الأخيرة من نظام مبارك البائد، فبالرغم من مقوماتها الطبيعية التي تجعلها على رأس المحافظات الصناعية والسياحية إلا إنها حرمت من التنمية, فهي تمتلك الأرض الخصبة والرمال الصافية التي تضم بين طياتها أنقى أنواع ملح الطعام بالإضافة لنقاء شواطئها, التي تعتبر من أفضل وأنقى المنتجعات السياحية حول العالم، إلا إن حالة الإهمال جعلتها من أفقر المحافظات على الرغم من كل تلك المقومات والثروات الطبيعية والكنوز التي تمتلكها سيناء، فمن خلال جولة لـ«رصد» داخل محافظة شمال سيناء أثارت دهشتنا تلك المقومات الطبيعية المهمشة لدى المسئولين, وأثار أيضا دهشتنا حال المواطن السيناوي, الذي يرغب في ممارسة الحياة الطبيعية الكريمة مثله مثل أي مواطن مصري يسكن على أرض مصر.
سيناء تحتاج لنظرة اقتصادية
في البداية يقول مسعد أبو سالم: إن محافظة شمال سيناء تعد من أفضل المحافظات على مستوى الجمهورية, فلديها مقومات طبيعية تجعلها تستقل بذاتها اقتصاديا بل الفائض منها يعم بخيره على بقية المحافظات, فتربتها الخصبة تؤهلها إلى زرع أفخر أنواع الموالح والفواكه والقمح, وتجعلنا نحتل المركز الأول في صناعة الملح وتصديره إلى الخارج, ولكن قلة وجود موارد تؤهلنا لفعل ذلك تجعل المحافظة دائما بهذا الشكل, فلا بد من النظر إلى ملف شمال سيناء نظرة اقتصادية أكثر منها أمنية, فإذا وفرنا فرص عمل للعاطلين من أهالي شمال سيناء سنقضي على تلك البؤر الإجرامية التي تهولها القنوات الإعلامية.
24ألف فدان صالحة للزراعة
وأوضح محمود الرميلي – عضو بجمعية تنمية شمال سيناء – أن هناك ما يقارب من 24 ألف فدان صالحه لزراعة القمح, فإذا تمت زراعتها لن نكون بحاجة إلى الاستيراد من الخارج بل سنصدر إنتاجنا إلى الخارج، وأيضا يوجد بشمال سيناء حوالي 20 نوعا تربة صالحة لمختلف أنواع المحاصيل, ولكن لا يوجد أي وسيلة من وسائل الري, التي تشجع على ذلك فمعظم الأهالي هنا تعتمد على زراعة الزيتون, والذي يصنف الثاني عالميا.
صناعة الزجاج والكريستال
ويؤكد سعيد زايد -إعلامي- أن رمال سيناء تعد ثاني أنقى رمال العالم, والتي تستخدم في صناعة أجود أنواع الزجاج والكريستال, ونحن نقوم بتصديرها لدول أوروبا وإسرائيل ونستوردها بأضعاف القيمة مرة أخرى؛ لأنهم يمتلكون مصنعا لغسل الرمال وتنقيتها من الشوائب, فلماذا لا نقيم مصنع غسيل وتنقية الرمال هنا, ونستفيد من الفارق في السعر؟, فهذا سيوفر فرص العمل لأهالي شمال سيناء, فلا بد من فتح الباب للمستثمرين, ولا بد من عمل دراسة كاملة من خلال الخبراء؛ لكي نستغل تلك الموارد الاستغلال الأمثل.
المياه الصالحة للشرب
أما هيثم راتب – عضو بجمعية فكرة خير – فيتساءل: "كيف يكون هناك تنمية في المحافظة, وأغلب الطرق المؤدية إلى هنا لا يوجد فيها إنارة, ولا وحدة إسعاف فالطرق كلها يسكنها الظلام الدامس, وأيضا أين المياه الصالحة للشرب التي تساعد على فتح المصانع والمنتجعات السياحية؟ فأين المسئولون الذين يتحدثون سنويا من أمام مبنى المحافظة على التنمية, فلا بد من إعادة النظر في البنية التحتية للمحافظة؛ لأنها تعد رقم واحد في أي دراسة جدوى يقوم بها أي مستثمر قبل أن يغامر برأس ماله.