أصبح العمال المصريون يدفعون ثمن الأخطاء التي وقعت فيها حكومة المخلوع مبارك التي قامت بفتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين الأجانب بحجة توفير فرص عمل، فبعد منحهم الأراضي والحوافز والامتيازات قدمت لهم الحكومة العمال على طبق من فضه ليستعبدوهم كيفما ما يشاءون دون رادع من قانون يعيد إليهم حقوقهم المسلوبة، بعد أن تم تفصيل كل القوانين لخدمة رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب.
غلق مصانع المنطقة الصناعية
في تطور مفاجئ بالمصانع المصرية التي استفاد منها المستثمرون، فبعد قيام العمال الذين هبوا للمطالبة بحقوقهم التي لا مناص من الاستجابة لها، قرر بعض المستثمرين من أصحاب مصانع سبأ وقناة السويس و ترانس وعلى رأسهم الإدارة الألمانية لشركة "هنكل للمنظفات الصناعية ـ برسيل ، قرروا -وكرد فعل لتلك المطالب- غلق مصانعهم الكائنة بالمنطقة الصناعية بالهيئة العامة للاستثمار ببورسعيد؛ حيث قام المستثمرون بتعليق منشورات بذلك على أبواب مصانعهم .
العمال يعلنون الإضراب
ووسط استهجان ورفض العمال الذين كانوا قد أعلنوا إضرابهم عن العمل، منذ صباح أمس الأول "الثلاثاء" بأول مصنع باكورة الإضرابات "برسيل"، للمطالبة بزيادة مرتباتهم وإصلاح أحوالهم المعيشية ، وتحقيق مبدأ العدالة بين جميع العاملين بالشركة، في صرف مستحقاتهم من المرتبات، والحوافز، والبدلات دون تمييز .
خطوة للضغط على الحكومة
أدى الإغلاق إلى توقف العمل والإنتاج بالمصانع تماماً، خلال الورديات الثلاثة، الموزعة على مدار اليوم؛ .
حيث هربت الادراة من المطالب وطالبت العمال أكثر من عشرة آلاف عامل بالاستمرار في العمل ، وعدم تعطيله حتى تدرس مطالبهم، أولا ثم فاجأتهم ـ مؤخرا بقرارها بغلق تلك المصانع، لأجل غير مسمى، ومنح العاملين إجازة مفتوحة بدون مرتب..وطالبت العمال بمغادرته فوراً، وألا تحملوا المسئولية الجنائية لأية أعمال تخريبية قد تحدث بداخلة في سابقة هي الأولي من نوعها للضغط على الحكومة المصرية بالتهاون في حقوق العمال .
تجمهر العمال بالتسلسل التدريجي للأيام منذ الثلاثاء الماضي ليصل لذروته بإغلاق 4 مصانع –حاليا – ومع ذلك رفض العديد من العمال ترك المنطقة ووقفوا أمام مصانعهم يتحسرون وينتظرون المصير المجهول –دون حسيب أو رقيب –لهؤلاء المستثمرين.
العمال يعيشون مأساة
أكد العمال المرابطون أمام أبواب مصانعهم –الذين رفضوا الإدلاء بأسمائهم خوفا من البطش بهم –أنهم يعيشون مأساة حقيقية بسبب عدم استجابة الإدارات لمطالبهم التي وصفوها على حد تعبيرهم بأنها مشروعة، قائلين: إنهم قرروا عدم مغادرة مصانعهم، وتقسيم أنفسهم مجموعات للإقامة أمام أبوابها لحراستها على مدار الساعة خاصة بعدما سرت بينهم شائعة أن إدارة المصانع الأجنبية ـ والراغبة في مغادرة البلاد ـ ستقوم بجلب عدد من البلطجية للقيام بإضرام النيران بها، واتهام العمال بإحراقها، كي تسقط حقوقهم في أي مطالب لتحصل تلك الإدارات التي تنوى مغادرة البلاد على كافة التعويضات المالية المستحقة لها في مثل هذه الحالات، من شركات التأمين المختصة.
أين وزير القوى العاملة والمحافظ؟!
كما ناشدوا المسئولين بحكومة الرئيس المنتخب د. مرسي سرعة التدخل لحماية حقوقهم وأسرهم من الضياع، بعد سنوات طويلة قضوها في خدمة تلك المصانع، بذلوا خلالها كل جهودهم حتى أصبحت منتجاتها من الملابس الجاهزة تصل إلى 40 %من الصادرات المصرية للخارج فضلا عن مصنع المنظفات الصناعية الذي يعد إنتاجه من أولى المنظفات في الأسواق المحلية والعربية والأفريقية .. سواء في عهد الإدارة المشتركة "المصرية الألمانية " السابقة، أو في عهد الإدارة الأجنبية الحالية.
أصيبوا بالأمراض
قالوا إن عددا كبيرا منهم، أصيبوا خلال تلك السنوات بسبب العمل والتعامل اليومي في المواد الكيماوية وأبخرتها، المستخدمة في عملية الإنتاج ، بالعديد من الأمراض الصدرية والحساسية ، وأن هناك العشرات من زملائهم تركوا العمل من قبل نتيجة لذلك، ولم تعوضهم أصحاب المصانع بالتعويض المناسب وأن الحاجة الماسة للعمل هي التي أبقت عليهم حتى اليوم رغم كافة المتاعب التي يعانون منها .
طالب العمال بضرورة تعيين إدارة مصرية لهذه المصانع، في حالة غلقها نهائياً، كما تشاع أخبار بذلك وتسوية حالاتهم والحصول على كافة مستحقاتهم، حتى لا يشردون وأسرهم لأنه لا يعقل أن تأخذهم المصانع لحماً، ثم تتركهم بعد كل هذه السنوات عظما.
وفد من السفارة
وفي سياق متصل، أرسلت السفارة الألمانية بالقاهرة وفدا لها لمقابلة العمال الغاضبين بمصنع برسيل في بورسعيد، لتهدئتهم ومطالبتهم بالتريث لحين إيجاد الحل المناسب لتلك الأزمة التي تفجرت بينهم وبين إدارة المصنع .
في حين رفض العمال لقاء جمال حمزة، مدير عام القوى العاملة والتدريب بالمحافظة بعد تدخله للوساطة، مطالبين بتدخل كل من وزير القوى العاملة بحكومة قنديل، وكذا اللواء أحمد عبد الله محافظ بورسعيد لعدم ضياع حقوقهم وحل مأساتهم وإنقاذهم من الضياع والتشريد.