قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط «جيمس دورسي» إنه مع تركّز الاهتمام على أزمة الخليج العربي سعت الإمارات إلى إعادة تشكيل المنطقة بطرق يمكن أن تغيّر من قوتها الديناميكية؛ حيث بدأت جهودًا لوضع شخص تابع لها في قيادة قطاع غزة، في خطوة يمكن أن تقوي من التعاون مع «إسرائيل» وتسهيل الوصول إلى اتفاقية سلام فلسطيني إسرائيلي.
وشملت جهود الإمارات قيام «إسرائيل» والقيادة الفلسطينية بدور الشرطي السيئ، فيما قامت مصر بدور الشرطي الجيد؛ في سياسة تهدف إلى إضعاف حركة حماس.
وتسبّب خفض رواتب القطاع العام من الرئيس محمود عباس وتقليل إمدادات الكهرباء من «إسرائيل»، بناء على طلب عباس في تقرّب حماس إلى مصر والإمارات، في الوقت الذي حذّر فيه الصليب الأحمر والوكالات العالمية من كارثة وشيكة.
ورغم ضم وزير الخارجية السعودي حركة حماس في بداية الأزمة الخليجية والإصرار على توقف قطر عن دعمها؛ إلا أنها غابت بشكل واضح عن قائمة المطالب المقدمة إلى قطر منذ أسبوعين، في الحملة التي بدأت ضد الدوحة وقادتها السعودية منذ خمسة أسابيع بزعم دعمها جماعات إسلامية.
ويوضح «جيمس» أن هناك تقارير أفادت باستعداد شركاء دحلان لإعادة افتتاح المحطة الحدودية بتمويل يصل إلى خمسة ملايين دولار من الإمارات، بينما زوّدت مصر بأسلاك شائكة وكاميرات مراقبة وغيرها من المعدات لتحسين الأمن الحدودي. إضافة إلى ذلك، خصّصت الإمارات ما يقرب من 150 مليون دولار لبناء محطة طاقة، كما ستموّل بناء ميناء.
يقول الكاتب الإسرائيلي «زافي بارائيل» إن هذه الخطة إذا تحققت وأتت بثمارها يمكن أن يكون لها تأثير جيد على العلاقات المصرية الإسرائيلية، وستحقق ربحًا لكل الأطراف باستثناء محمود عباس.
ويضيف «زافي» أن هذه الصفقة ستؤدي إلى توسيع الفجوة بين غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بجانب وقف العلاقات بين حماس والمعارضين الإسلاميين في سيناء الذين يقودون هجمات إرهابية داخل مصر؛ ما سيؤدي إلى رفع مصر حصارها عن غزة وإدخال الطعام والبضائع، فضلًا عن تمكين قائد فلسطيني تابع للإمارات وترى «إسرائيل» أنها يمكنها التعامل معه، إضافة إلى تقليل نفوذ تركيا وقطر اللتين تعتبران الداعمين الأساسيين لحماس وغزة.
يرى «جيمس» أن جهود إضعاف حماس وإعادة دحلان إلى فلسطين جزء من خطة وضعتها الإمارات ودعمتها السعودية منذ ست سنوات لتقوية الثورات المضادة ضد الثورات العربية التي بدأت في 2011؛ لضمان إعادة الأنظمة القمعية التي أنهكت بسبب سقوط قيادتها في مصر وليبيا واليمن وتونس، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالطريقة التي ترغب فيها الرياض وأبو ظبي.
يضيف «جيمس» أن هذه الخطة بدأت بدعم الإمارات للعسكر في مصر بهدف إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي يتبع الإخوان المسلمين، ووضع عبدالفتاح السيسي في رئاسة الدولة؛ ووصلت ذروتها بحملة مقاطعة ضد قطر قادتها السعودية والإمارات وفشلت حتى الآن في إخضاع الدولة.
بجانب التدخل في الوضعين المصري والقطري، بدأت الإمارات في دعم قوات ليبية معارضة للحكومة الإسلامية المعترف بها دوليًا، وانضمت إلى السعودية في غاراتها على اليمن؛ رغم اختلافهما في شكل مستقبله.
في الفترة الماضية، وجدت السعودية والإمارات و«إسرائيل» أهدافًا مشتركة من معارضتهم إيران والجماعات الإسلامية. ففي مارس الماضي، شاركت الإمارات و«إسرائيل» في تدريبات جوية مشتركة، إضافة إلى شراء الإمارات أسلحة عسكرية منها بمئات الملايين من الدولارات.
في الوقت ذاته، أكدت تركيا -الداعمة لقطر في الأزمة الخليجية- أن الإمارات موّلت انقلاب أنقرة الذي فشل العام الماضي وسعى إلى التخلص من أردوغان. واتهمت صحيفة «دايلي صباح» القريبة من الرئيس التركي، وكذلك مصادر في وزارة الخارجية الأميركية، الإمارات بضخ قرابة ثلاثة مليارات لإنجاح الانقلاب الذي تورط فيه فتح الله غولن.
ويوضح «جيمس» أن حماس ظهرت في مايو الماضي بنهج جديد لإعادة كتابة الخريطة السياسية للشرق الأوسط، عندما تبنّت مبادئ جديدة قبلت بحل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأقرّت وثيقتها إنشاء دولة فلسطينية ذات استقلال وسيادة بوجود القدس عاصمة لها ضمن حدود 1967.
حتى الآن، مرّت جهود السعودية والإمارات لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بمراحل نجاح وفشل؛ تمثّل نجاحها في تدخلها في شؤون مصر والمساهمة في إسقاط الإخوان المسلمين، ولكن تدخلها العسكري في اليمن قاد إلى حالة من الفوضى، أما ليبيا فدخلت في حرب أهلية وحروب بين الجهاديين وقوات إقليمية بالوكالة. وحتى الآن، رفضت قطر الخضوع إلى رغبة الإمارات والسعودية.
ويوضح «جيمس» أن اتفاقية مشاركة السلطة التي تقودها مصر والإمارات في غزة بين دحلان وحركة حماس تعتبر نجاحًا ثانيًا للجهود الإماراتية في المنطقة.
