كشفت صحيفة إندبندنت البريطانية عن مساع برلمانية مصرية لإقرار تشريعات من شأنها فرض سيطرة غير مسبوقة على منصات التواصل الاجتماعي وفي الوقت ذاته قررت نيابة الرمل بالإسكندرية حبس ثلاثة ناشطين 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة “الإساءة إلى رئيس الجمهورية” عن طريق الإنترنت، مع عدد من التهم الأخرى.
وأفادت الصحيفة البريطانية بوجود مساع لإقرار مشروعي قانونين منفصلين قدما للبرلمان الشهر الماضي يتضمنان إجراءات مثل ربط حسابات المستخدمين بأرقام بطاقات الهوية الوطنية لإنشاء قاعدة بيانات، وأخذ رسوم تسجيل من المستخدمين، وإنشاء منصة لفيسبوك خاصة بمصر فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا تمت الموافقة على التشريعين فإن مستخدم الإنترنت الذي لا يحصل على “رخصة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي” على المواقع التي يختارها خلال ستة أشهر سيغرم نحو 213 دولارا، وبتكرار المخالفة ربما يتعرض للسجن ستة أشهر.
ومؤخرا تزايدت حالات القبض على نشطاء بسبب ما ينشرونه في مواقع التواصل الاجتماعي، كان آخرها قرار حبس كل من إسلام الحضري، والشاذلي حسين، وأحمد إبراهيم السبت الماضي 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة “الإساءة إلى رئيس الجمهورية” عن طريق الإنترنت، والاشتراك مع آخرين لإثارة الرأي العام وإسقاط النظام.
ليست الأولى
ومعلقا على ذلك، يشير الخبير في الإعلام الرقمي بسام شحادات إلى أن مصر ليست أول من سعى لمثل هذه الإجراءات التي تضيق على الجمهور، فقد سبقتها إيران وكوريا الشمالية والصين، وتشترك تلك الدول في أن أنظمتها دكتاتورية تعمل على منع مواطنيها من الاحتكاك بالعالم الخارجي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأكد في تصريحات صحافية أن تنفيذ هذه الإجراءات وارد بشدة في ظل الأنظمة القمعية، لكن النجاح في ذلك لن يكون كاملا، حيث هناك دائما أبواب خلفية تمكن الجمهور من تجاوز هذه الإجراءات إلا أن من لهم معرفة بهذه الأبواب فئة قليلة من المستخدمين.
ولفت شحادات إلى أن هذه الإجراءات ذات الأبعاد السياسية ستمنع الجمهور المصري من التواصل مع العالم الخارجي وستحد من حرية التعبير، كما أن الشبكات الخاصة التي ستنشأ كبديل ستكون تحت سيطرة الحكومات ومن يديرها من الشركات الخاصة.
ورأى أن السيناريو المطروح بربط حسابات المستخدمين بأرقام بطاقات الهوية الوطنية سيكون مرفوضا من قبل المنصات العالمية لأنه يخالف المعايير العالمية لحرية التعبير، لكن تلك المنصات قد تتجاوب مع بعض التصورات الأقل حدة من ذلك.
زرع الخوف
بدوره، يرى نقيب الإعلاميين الإلكترونيين السابق أبو بكر خلاف أن هذا التوجه ليس مستغربا من النظام المصري الذي بسط قبضته الأمنية على الإعلام بكافة وسائله المسموعة والمرئية ولم يبق له سوى الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي فقام بإغلاق الصفحات والقبض على المعارضين بحجة التحريض.
وأشار إلى أنه تم رصد العديد من حالات الاعتقال العشوائي لمواطنين بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن إقرار مثل هذه الإجراءات سيكون لها أثر على مستوى حرية التعبير، فغالبا ما يؤثر الناس السلامة خوفا من التتبع والملاحقة.
بدائل إلكترونية
لكنه رأى كذلك أنه لا يمكن الوقوف في وجه التكنولوجيا، ففي حال صدور مثل هذه التشريعات سيلجأ المصريون إلى برامج وتقنيات للتغلب عليها، وقد حدث ذلك عندما قطعت الحكومة لفترة مكالمات الفيديو عبر بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي.
في حين يرى رئيس تحرير صحيفة “المشهد” مجدي شندي أن التضييق على التشدد ومكافحة الإرهاب لا يكون عبر سن تشريعات ذات أثر وخيم على الحريات العامة والحرية الشخصية اللذين يكفلهما الدستور المصري.
لكنه في تصريحات تلفزيونية استثنى “مراقبة من يشتبه في تورطهم في التخطيط أو التنفيذ لعمليات إرهابية”، مشددا في ذات الوقت على ضرورة ألا تتوسع السلطة في إطار استهدافها هذه الدائرة بحيث يتضرر أحد غيرها.
واستبعد شندي إقرار هذه الإجراءات وتمرير قوانينها، مشيرا إلى أنه في حال إقرارها فإن رفع الأمر للمحكمة الدستورية يمكن أن يبطلها دون جهد كبير، كما أن تأثيرها على النشطاء وأصحاب الرأي السياسي سيكون ضئيلا، فقانون التظاهر لم يمنع التظاهر على حد قوله.