استمرت الاشتباكات بين قواتي أفغانستان وباكستان خلال الثلاثة أيام الماضية على الحدود بينهما، وادعت كلتاهما أنها سببت خسائر فادحة للأخرى، وفق تقرير أعدته صحيفة “دويتش فيله”.
وقال الجيش الباكستاني اليوم إنه قتل أكثر من 50 جنديًا أفغانيًا منذ بداية المعركة على الحدود بينهما، وتسببت هذه المعركة في مقتل مدنيين وهروب مئات من المواطنين إلى “مناطق آمنة”.
وبدأت المعركة الجمعة الماضية عندما اصطحبت قوات باكستانية عمال التعداد السكاني في المنطقة القريبة من الحدود. واتهم المتحدث باسم الشرطة الأفغانية إسلام أباد باستخدام عمال التعداد غطاء لأنشطة غير معلومة وإثارة القرويين ضد الحكومة، مضيفًا أن مليشيات باكستانية حاولت عبور الحدود.
وفي المقابل، قال الجيش الباكستاني إن حُرّاس الحدود من أفغانستان كانوا يضعون عواقب لاستكمال مرحلة التعداد؛ على الرغم من إعلام سلطات أفغانستان قبل القيام بأي تحرك.
وبعد تبادل إطلاق النار، أغلق الجيش الباكستاني معبر شامان الحدودي، وقال الجنرال الباكستاني نديم أحمد للصحفيين اليوم إنهم دمروا خمس نقاط تفتيش تابعة لأفغانستان وقتلوا ما يقرب من 50 جنديًا، بجانب مائة من الجرحى، مضيفًا أنهم ليسوا سعداء بهذه الخسائر للجانب الأفغاني؛ ولكنهم أجبروا على الرد والانتقام، موضحًا أن خسائر باكستان تمثلت في مقتل جنديين وإصابة تسعة.
بينما كذّبت “كابول” على لسان المتحدث باسم الحكومة الأفغانية “صديق صديقي” ما وصفته بادعاءات الجنرال الباكستاني، في الوقت الذي صرّح فيه المتحدث باسم حكومة قندهار “ساميم خابالواك” أنهم فقدوا قوتين في الهجمة بجانب مقتل مدني.
وقالت صحيفة دويتش فيله إنه “على الرغم من أن الصدامات الحدودية بين أفغانستان وباكستان ليست جديدة، أكد خبراء أن الأمر مختلف هذه المرة؛ حيث يأخذ شكلًا حربيًا”.
وقال مراسل دويتش فيله الحربي في كابول “شادي خان” إن قندهار وتورخام شهدتا تظاهرات ضد مزاعم باكستان واعتراضًا على تدخلها في الشأن الأفغاني.
وشهدت العلاقات بين البلدين تدهورًا في الأشهر الماضية بسبب حذر كابول من مساندة إسلام أباد المزعومة للمليشيات الإسلامية، واتهمتا بعضهما بتزويد الجهاديين بالمناطق الآمنة لشن الهجمات عبر الحدود بينهما.
ولم تسفر زيارات مسؤولي باكستان إلى كابول لطمأنة الحكومة الأفغانية عن أي نتائج إيجابية، وقالت تقارير إن الرئيس الأفغاني أشرف غني رفض دعوة باكستان لزيارة إسلام أباد.
وقالت “دويتش فيله” إن الخبراء يقولون إن السبب الرئيس لتزايد العدوانية بين الدولتين هو علاقات كابول المتزايدة مع الهند، التي تعتبر منافسة لباكستان. وفي السنوات الماضية، تقرّبت أفغانستان من الهند في الوقت الذي سعت فيه باكستان إلى تقريب علاقاتها مع الصين وروسيا؛ لعكس نفوذ نيودلهي المتزايد في كابول.
واستمرت أفغانستان والهند في انتقاد دور باكستان في أفغانستان؛ حيث اتهمتا الجيش الباكستاني ووكالات التجسس بدعم متمردي طالبان وزعزعة استقرار أفغانستان من أجل أهداف جيوسياسية لإسلام أباد.
وفي وجود علاقات متوترة مع أفغانستان، أعلنت باكستان في مارس الماضي بناء جدار على الحدود بينهما، وقالت إسلام أباد إن هذا التحرك جاء لتقييد تحركات الإرهابيين العابرين الحدود لتصويب هجمات على أراضيها. وأثارت هذه الخطوة جدلًا في أفغانستان وبين الأشخاص الذين يتحدثون اللغة البشتوية ويعشيون على جانبي الحدود.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن خط ديورند الواقع على الحدود بينهما يشهد يوميًا انتقالات الآلاف بين الدولتين، وأنشأت بريطانيا هذا الخط في فترتها الاستعمارية؛ ولكن حكومة أفغانستان لا تعترف بها.
وعلى الرغم من تحرك باكستان لمنع عبور المليشيات أراضيها؛ قال الخبراء إن هذا التحرك غير مُجدٍ؛ حيث يمكن للمليشيات استخدام معابر غير رسمية، وهو ما يحدث في الغالب. وقال المحلل السياسي بكابول “وحيد مزدة” إن هناك أكثر من 20 معبرًا غير رسمي على طول الحدود بين الدولتين يستخدمهم الإرهابيون.
وقال المحاضر بجامعة كابول “فايزولا زالاند” إنه في كل مرة تُنتقد إسلام أباد من المجتمع الدولي أو تغضب من التقارب بين أفغانستان والهند تغلق الحدود للضغوط على الحكومة الأفغانية.
وقال محللون إن التصادمات الأخيرة بين الدولتين لن تساهم في إيجاد حلول للأزمات بينهما؛ ولكنها ستعمل على تقوية المتطرفين في المنطقة.
وقال الصحفي الباكستاني شاهد شاميم لصحيفة دويتش فيله إن الحوادث الأمنية في باكستان تزايدت في الأشهر الماضية، مضيفًا أنه إذا استمرت التصادمات بين الدولتين سيشعر المتطرفون على الجانبين بالقوة؛ ما سيمثل تهديدًا كبيرًا للمنطقة، مضيفًا أن الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة الحالة هي سعي الدولتين إلى الدبلوماسية والعمل معًا لضمان أمان السكان المحليين.