اُنتُخب إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحركة “حماس” في أحدث معالم التغيير في الحركة، سبقه في فبراير الماضي اختيار الأسير المحرر يحيى السنوار رئيسًا لمكتب الحركة في غزة. وقبل أيام، أعلنت الحركة وثيقة سياسية جديدة تقبل بموجبها دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو عام 1967، دون أن يعني هذا التنازل عن أرض فلسطين التاريخية.
فهل حقّقت هذه المستجدات مكاسب سياسية لحماس على النحو الذي يقوّي موقفها في مواجهة مشروع الاحتلال؟ وكيف ستنعكس على آليات عملها وأنظمته وعلى رؤاها في مواجهة التحديات المستجدة؟
استقرار مؤسسي
يقول القيادي بـ”حماس” أسامة حمدان إن انتخاب هنية يدل على استقرار مؤسسي في الحركة ضمن آليات انتخابية من القاعدة التنظيمية إلى المجالس الشورية ومجلس الشورى العام والقيادة.
ويضيف في تصريحات تلفزيونية أن الحركة دأبت منذ عام 1992 على التجديد ضمن الصراع مع الاحتلال الذي يغتال قادتها ويعتقلهم، وقال إن أعضاء المكتب السياسي منتخبون كليًا وبه تغيير “لا بأس به” من الجيل الشاب الذي يضفي إيجابية وفاعلية دون أن ينقص هذا من تقدير من سبقوهم.
وأشاد أسامة حمدان بقدرة الحركة على التغيير في ظرفٍ قاسٍ، آخذة في الاعتبار المصالح الوطنية الفلسطينية العليا والنظر بتوازن في العلاقات الإقليمية على قاعدة القضية الفلسطينية.
تقليد ديمقراطي
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني معين الطاهر إن التقليد الديمقراطي أمر يسجل لحماس، وهو ما يغيب عن معظم التنظيمات الفلسطينية والعربية.
لكن الحديث عن التغيير -وفقًا له- ليس في انتخاب قيادات جديدة؛ بل في الوثيقة السياسية التي قدّمتها حماس، ومنها على وجه الخصوص النقطة 20 التي تتحدث عن اعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67.
والمتغير الثاني -في رأيه- عدم التطرق إلى العلاقة المباشرة مع التنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين كما في الميثاق السابق، بل اعتبار “حماس” حركة تحرر وطني فلسطيني.
ومضى يقول إن الوثيقة أرادت نزع ألغام تعترض طريق حماس؛ منها العلاقات مع مصر والحصار وتهديدات محمود عباس لقطاع غزة ومحاولة الخروج من التجاذبات الإقليمية حول ارتباط الحركة بالتنظيم الدولي للإخوان.
عداء للمرونة
وفيما يرى مراقبون أنه مرونة في وثيقة حماس، يرى معين أنها قد لا تقابل بإيجابية من الأطراف الأخرى؛ بل يصل الأمر إلى اعتداء صهيوني قريب، كما جرى مع منظمة التحرير بعد برنامجها السياسي عام 1974 الذي تلته الحرب الأهلية في لبنان والاغتيالات والاجتياحات.
بدوره، قال أسامة حمدان إن الوثيقة فرصة جدية لإجراء مصالحة رغم مواقف محمود عباس السلبية، وأضاف أن إسماعيل هنية قدم سلسلة مبادرات جوبهت بتعطيلات بسبب ضغوط خارجية؛ وربما إسرائيلية.
وخلص إلى أن الوثيقة مبادرة شجاعة تسعى إلى لمّ الشمل الفلسطيني، بينما لم “نسمع تعبيرات إيجابية تجاهها”، وقوبل انتخاب هنية بتعبيرات إيجابية “نأمل أن تنعكس في سلوك إيجابي من السلطة الفلسطينية”.
أما ما يمكن أن تُواجَه به مرونة حماس بمواقف عدائية، يوضح أسامة أن الحركة لا تلقي بنفسها في زاوية؛ بل تُبقي خياراتها مفتوحة، “فالكل يعرف أننا استطعنا هز الكيان الصهيوني وما زلنا قادرين”.