للمرة الثانية، رفض اليوم مجلس الدولة تعديلات قانون السلطات القضائية المقدم من مجلس النواب ويتعلق بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وقرّر إرسال مذكرة بأسباب الرفض إلى البرلمان اليوم.
ويأتي الرفض إعمالًا لنص المادة 185 من الدستور التي أوجبت أخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين المنظِّمة لشؤونها، وناقش المجلس الخاص، وهو أعلى سلطة إدارة في مجلس الدولة ويضم شيوخ القضاة، التعديلات الجديدة لمشروع القانون وقرر رفضها.
وناقش قِسم التشريع بمجلس الدولة سابقًا مشروع التعديلات على مدار عدة جلسات عامة في ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2014، ولفت الانتباه في تقريره الذي وضعه على مشروع التعديلات إلى أنها لم تعرض على الجهات والهيئات القضائية لأخذ رأيها؛ بالمخالفة لنص المادة 185 من الدستور التي أوجبت أخذ رأي الهيئات القضائية في القوانين المنظمة لشؤونها.
وقال المجلس في رفضه السابق إن المحكمة الدستورية العليا ذهبت إلى أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، والأوضاع الشكلية هي من مقوماتها ولا تقوم إلا بها.
وأشار إلى أن المشروع الحالي يختلف عن المشروع السابق تقديمه وعرضه على بعض الجهات القضائية، ومن ثم كان لا بد من عرضه على الهيئات القضائية، كما تم وضع عدة ملاحظات أخرى؛ أهمها مخالفة القانون لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء.
وسبق وأرسل مجلس الدولة رفضه لمشروع التعديلات الأول، كما رفضت الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة التعديلات الأخيرة وأكدت تمسكها بمبدأ الأقدمية المتعارف عليه في اختيار رؤساء الهيئات القضائية.
وأثار القانون المقدم من البرلمان ثورة الهيئات القضائية التي رفضت مقترحًا برلمانيًا بإسناد تعيين رؤساء هذه الهيئات إلى رئيس الجمهورية واعتبرته تدخلًا من السلطة التنفيذية في القضائية.
دعوة البرلمان للحوار
من جانبها، قالت النائبة الدكتورة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، إن رفض قسم التشريع بمجلس الدولة مشروع قانون الهيئات القضائية كان أمرًا متوقعًا؛ خاصة أنه رفض من قبل تعديلات القانون.
وأكدت، في بيان صحفي لها اليوم، أن مجلس النواب التزم بنص اللائحة وأرسل قانون الهيئات القضائية لمجلس الدولة تنفيذًا لما جاء بلائحة المجلس فيما يخص الرقابة اللاحقة على القانون؛ إلا أنهم فوجئوا بأن الرد على القانون تضمن النواحي الموضوعية.
ودعت عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان مجلس النواب إلى عقد جلسات استماع مع الهيئات القضائية لتقريب وجهات النظر معهم في التعديلات المطروحة والتوصل إلى أنسب تعديل إلى قانون الهيئات القضائية؛ خاصة وأن التعديل ليس جوهريًا، ولكنه مجرد عملية تنظيمية، بحسب ادعائها.