تسبّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قلّة مصداقية دولته على الساحتين المحلية والعالمية بعد نشره عدة أكاذيب، بالإضافة إلى كلماته العدوانية التي لم تتوقف منذ ترشحه وحتى دخوله البيت الأبيض.
وقال نائب وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلنكن إنه يجب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يتجاوز الفجوة التي حدثت في مصداقيته؛ خاصة أنه يواجه تحديين يتعلقان بالأزمة السورية والأزمة الكورية الشمالية، مضيفًا أن إصراره على نظريات المؤامرة يؤثر على الديمقراطية الأميركية والأمن القومي.
وأضاف في مقاله المنشور اليوم الثلاثاء بموقع “نيويورك تايمز” أن تغريداته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تقلل من هذه المصداقية، سواء على مستوى وطنه أو حول العالم، موضحًا أن أعداء أميركا يمكنهم استخدام عدم مصداقيته كسلاح خطير.
وأكد أن أفعال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطت الفرصة لكوريا الشمالية أن تُصعّد من تهديداتها؛ حيث قال وزير الخارجية الكوري إن “ترامب دومًا ما يقوم باستفزازات عن طريق كلماته العدوانية”.
وأوضح بلنكن أن عدم تقدير ترامب للوضع واستمرار تهديداته باستخدام هجمات عسكرية يمكن أن يؤديا إلى استخدام كيم جونج أون أسلوبًا قتاليًا دون الاهتمام بالعواقب. وتوقّع البعض أن تهاجم كوريا الشمالية دولة كوريا الجنوبية لتذكير العالم أنها ما زالت قوية، موضحًا أن أسلوب الرئيس الأميركي هو أسرع طريق للتنازع مع خصم مسلح بالنووي.
وأشار إلى أن الأزمة الأخرى هي تحدي ترامب للحقائق الموثّقة من منظمات لتقصي الحقائق، ومن أبرز أكاذيبه اتهامه للرئيس السابق باراك أوباما بالتجسس عليه، وتحدثه عن هجمات إرهابية لم تحدث في السويد، وأن أوباما أطلق سراح حوالي مائة شخص من المحجوزين في معتقل جوانتنامو وعادوا إلى أرض المعركة.
وقال إن ترامب كان محقًا في ضرب المطار السوري، ولكن هذه الهجمة سببت حربًا إعلامية سعى فيها الرئيس السوري بشار الأسد وعناصره الروسية إلى الإفلات من اللوم الفظيع.
وتراوحت ردود النظام السوري ما بين تقديم تبريرات بديلة أو التأكيد على أن الأدلة المقدمة من أميركا مزيفة؛ حيث قال إنهم لا يعرفون أين قتل هؤلاء الأطفال وهل كانوا ميتين بالفعل أم لا.
وأكد بلنكن قدرة الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين على إطلاق الأكاذيب عن طريق وسائل إعلامه، وهكذا يصعب على الجميع الوصول إلى الحقيقة.
وقال بلنكن إنه خلال أزمة العدوان الروسي على أوكرانيا في 2014 حاول ومعه أشخاص من إدارة أوباما إقناع دول العالم أن القوات الروسية كانت توجه الانفصاليين في أوكرانيا وأن هؤلاء الانفصاليين هم من أسقطوا الطائرة الماليزية وقتل كل من عليها، موضحًا أنهم أمضوا ساعات يتحدثون مع مجتمع الاستخبارات بشأن المعلومات التي يجب حجبها والمعلومات التي يجب طرحها في وسائل الإعلام.
وأوضح أن أميركا كانت لديها ميزة لا توجد الآن في حكم ترامب، وهي مصداقيتها؛ حيث كان زعماء العالم يصدقون كلماته حتى إذا اختلفوا مع سياساته.
وأضاف أن ذلك ينطبق أيضًا على الرئيس الأميركي جون كينيدي، الذي عبّر عن أهمية المصداقية الرئاسية في ذروة أزمة الصواريخ الكوبية؛ عندما أرسل مبعوثين إلى حلفاء أميركا في أكتوبر 1962 لتأمين الدعم الجوي للحجر الصحي في كوبا، مضيفًا أنه عيّن “دين أتشون” وزير الخارجية السابق للتعامل مع شريك واشنطن، الرئيس الفرنسي تشارل دي جول.
وأشار إلى أنه عندما قدّم أتشون دليلًا للرئيس الفرنسي على نشر الاتحاد السوفيتي صواريخ نووية على بعد 90 ميلًا من الشواطئ الأميركية، أكد ديجول أنه لا يحتاج أي دليل وأن كلمة الرئيس الأميركي كافية له.
وأكد بلنكن أنه إذا استمر ترامب في نشر معلوماته غير الصحيحة فسينزع هذه الميزة عن أميركا وسيُنظر إليها وكأنها مثل أي دولة أخرى؛ ما سيُعقّد من قدرة إدارته على حشد دول أخرى في حالة تعرض أمن أميركا إلى خطر.