شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

نظام السيسي واستغلال التفجيرات..”لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”!

نظام السيسي واستغلال التفجيرات..”لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”!
بنبرةٍ منفعلة، أعلن عبدالفتاح السيسي عقب وقوع تفجيرين استهدفا كنيستين بمحافظتي الغربية والإسكندرية عن قرارات اتخذها مجلس الدفاع الوطني بدعوى حماية أمن البلاد ومجابهة التطرف، في حين سارعت أطراف معارضة لانتقاد الخطوات الرسمية

بنبرةٍ منفعلة، أعلن عبدالفتاح السيسي عقب وقوع تفجيرين استهدفا كنيستين بمحافظتي الغربية والإسكندرية عن قرارات اتخذها مجلس الدفاع الوطني بدعوى حماية أمن البلاد ومجابهة التطرف، في حين سارعت أطراف معارضة لانتقاد الخطوات الرسمية والتشكيك في نواياها.

وشملت قرارات مجلس الدفاع الوطني إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، والدفع بعناصر من الجيش لمساعدة قوات الشرطة على تأمين المنشآت الحيوية، إلى جانب تشكيل “مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف”.

ولم يفُت السيسي أن يشير كعادته إلى مخططات دولية ضد مصر وتنظيمات وصفها بالإرهابية تهدف إلى تدمير البلاد.

وسارع إعلام السلطة بدوره إلى الترحيب بالقرارات واعتبارها ضرورية بالتوازي مع استغلال الفرصة لتوجيه اتهامات إلى الخصوم السياسيين، في مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين؛ لدرجة أن بعض الإعلاميين طالبوا بالإسراع في إعدام قادة الجماعة المعتقلين.

فكيف سعى النظام المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي إلى توظيف تفجيري طنطا والإسكندرية لصالح سياساته وتعزيز فلسفته في الحكم التي قامت منذ انقلاب يوليو 2013، بحسب مراقبين، على قمع المعارضة وشمولية الحكم؟

تثبيت المؤامرة

يرى الدكتور عمرو عبدالرحمن، من الجامعة الأسترالية بالكويت، أن ظهور السيسي بعد اجتماع مجلس الدفاع الوطني كان يحمل رسالة واضحة، سعى من ورائها إلى تثبيت موقف النظام؛ مفادها: “نحن نتعرض إلى مؤامرة ويجب عليكم جميعًا التكاتف معنا”.

ويؤكد أن السيسي هنا لا يقصد “نحن” أي مصر، بل “النظام”؛ وبالتالي يجب أن نبقى في مواقعنا، بل ويجب على الشعب أن يتكاتف معنا.

ويتابع: هناك تلامس واضح بين هذا المبدأ وما كان يروّج له حكم العسكر منذ الستينيات بأن الأعداء يسعون إلى إسقاط النظام بهدف إضعاف الدولة، ملمحًا في ذلك إلى ما كان يعتمد عليه عبدالناصر من ترويجٍ بأن بقاء النظام أهم من كسب المعركة ذاتها.

وبحسب عبدالرحمن، فإن النظام عندما يسعى إلى تثبيت فكرة أنه يواجه مؤامرة داخلية وخارجية فإنه يثبّت أركانه في الحكم ويستجلب تعاطفًا شعبيًا واسعًا.

الخصوم السياسيين

ورغم مسارعة جماعة الإخوان المسلمين، عبر بيان لها، إلى اتهام النظام بتدبير الحادثين أو تسهيلهما، وتحميله المسؤولية؛ إلا أن النظام لم يفوّت الفرصة لوضع الإخوان في قفص الاتهام والترويج لكونهم أصل الإرهاب بالبلاد، بل في العالم أحيانً؛ فانطلقت جهات إعلامية محسوبة على النظام في اتهام الإخوان بتمويل مثل هذه العمليات وتوجيهها، من خلال التلميح إلى ضلوع أجهزة مخابرات عالمية في التفجيرات، وهذه المخابرات لها موقف إيجابي من جماعة الإخوان؛ مما يضغ الإخوان في موضع الاتهام.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي سليم عزوز إن شماعة الإخوان ما زال لها استخدام لدى النظام رغم ما يلاقيه الإخوان من اعتقالات وقتل وتغييب وتهجير؛ إلا أن النظام لا يستطيع الاستغناء عن هذه الشماعة، على حد قوله.

ومن جانبه، يرى الناشط السياسي أحمد غنيم أن الأنظمة الشمولية بشكل عام لا تمرر مثل هذه الأحداث بسهولة حتى تسعى من خلالها إلى توجيه ضربات إعلامية وسياسية للخصوم السياسيين، وفي حالة تفجيري طنطا والإسكندرية سعى النظام لإثبات “إرهابية” الإخوان دون تقديم أي أدلة كعادته؛ ولكنه في ذلك يعتمد على جهل البعض، ويكون مدفوعًا بإفلاسه السياسي والأمني.

وأكد غنيم أنه ليس هناك تصرف أكثر دلالة على استغلال السلطة لعمليات العنف من محاولة اتهام جماعة الإخوان المسلمين بتفجير الكنائس رغم إعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عن الحادثين.

ضرب المعارضة

ويرى الباحث السياسي مسعد خيري أن من أهم مكاسب النظام جراء مثل هذه التفجيرات وضع المعارضة السياسية من غير الإسلاميين في موضع المسؤولية؛ حتى تتنازل عن أي مطالب لها ترتبط بحقوق الإنسان أو تحسين مستوى المعيشة، وذلك من خلال توجيه الاتهامات إليها بأنها معارضة غير مهتمة بالأمن القومي للدولة ولا تسعى إلى الحفاظ على مؤسساتها.

انتقاد الأزهر

من جانبه، قال البرلماني السابق الدكتور حاتم عبدالعظيم إن “النظام في مصر عادة يستغل مثل هذه المواقف بشكل يتجاوز حدود الإنسانية والضحايا؛ بل ويتجاوز مسؤولياته التي جاء للحكم للقيام بها”، واستشهد في هذا السياق بانتقاد النظام لمؤسسة الأزهر، وقال: “السيسي أعطى الإشارة خلال كلمته مساء وقوع التفجيرات لوسائل الإعلام لتبدأ هجومًا على الأزهر وشيخه، في سياق سعي حثيث من السلطة لتغيير قانون الأزهر وإحكام السيطرة عليه إلى حد تكليف الكيان الجديد المسمى المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب بتجديد الخطاب الديني”، وهو الأمر الذي يراه عبدالعظيم استغلالًا فجًّا وغير مقبول لتحقيق أهداف سياسية خاصة بالنظام نفسه وليس بمصلحة الوطن.

وأضاف أن السلطة انشغلت بإعلان حالة الطوارئ ونشر قوات عسكرية في أنحاء البلاد، في حين لم تصدر قرارات بتغيير مسؤولي الأمن إلا على مستوى محدود للغاية؛ معتبرًا ذلك مؤشرًا على استغلال النظام للحدث وعدم حرصه على الوصول للجاني

إسقاط مطالب الشعب

ويرى أحمد سمير، عضو جبهة طريق الثورة، أن أهم ملامح توظيف النظام لمثل هذه التفجيرات هو السعي إلى إسقاط مطالب الشعب، من خلال الترويج لفكرة وجوب التخلي عن أية مطالب أخرى سوى التصدي للإرهاب؛ فمن يتكلم عن غلاء الأسعار “خائن” في نظر النظام الذي يواجه الإرهاب، وكذلك من يشكُ من الظلم وينادِ بالحريات والحقوق، فهو شخص مغرض غير حريص على مصلحة الوطن.

ويتابع: هذا ما يسعى النظام إلى تثبيته؛ حيث “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” في مواجهة الإرهاب.

رسائل للخارج

من جانبه، قال الدكتور محمد العادل، أكاديمي سياسي، إن النظام في مصر استغل تفجيري الكنيستين، ومن قبلهما تفجير الكنيسة البطرسية بقلب القاهرة، لتوجيه رسائل للخارج مفادها: “يجب عليكم أن تدعموني”؛ تحت دعوى أن النظام يواجه إرهابًا مثله مثل الغرب تمامًا.

ومن هنا، يرى العادل أن حل مشكلة الإرهاب بشكل جذري ليس من مصلحة النظام في مصر؛ لأنه يقتات على هذه القضية ويتسول بها سياسيًا.

ولذلك؛ والحديث للعادل، قال ترامب عن السيسي في أول تعقيب على زيارة الأخير للبيت الأبيض إنه “يحارب في ظروف صعبة”، وهو عين ما أراد السيسي أن يوصله إلى ترامب وللغرب عمومًا بـ”أنني أحتاج لدعمكم وسأكون معكم على خط سياسي واحد”، على حد قوله.

سلبيات الاستغلال السياسي

وفي تصريحات تلفزيونية، رأى المحلل السياسي أسامة الهتيمي أن الاستغلال السياسي يؤدي إلى استنزاف الجهود في تبادل الاتهامات بعيدًا عن البحث عن آليات فعالة لمواجهة العنف، متوقعا أن ينتج عن ذلك مزيد من الهجمات المسلحة.

وعن القرارات الرسمية بعد تفجير الكنيستين، أوضح الهتيمي أن الاقتصار على المعالجة الأمنية لقضية الإرهاب لا يمكنه تحقيق نجاحات كبيرة في مواجهة خطر الإرهاب، مشيرًا إلى شكوك بشأن جدوى إعلان حالة الطوارئ؛ خاصة مع عدم الإعلان عن المهام المنوط بها المجلس الأعلى لمقاومة الإرهاب والتطرف ومكافحتهما.

تيران وصنافير

من جهته، قال وزير العدل الأسبق أحمد سليمان إن النظام استغل التفجيرات الأخيرة ذريعة لتمرير اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وفرض حالة الطوارئ التي بموجبها ستتم إحالة المتهمين إلى محاكم أمن الدولة وستعطي السلطة حق مراقبة الرسائل ومصادرة الصحف والتحفظ على الأموال.

وأكد سليمان، في تصريحات لتلفزيون “الجزيرة”، أن الإرهاب لا يُحارب إلا بتطبيق القانون ونشر العلم والثقافة، وأردف: “علينا أن نتذكر أن حالة الطوارئ لم تمنع وقوع كثير من حوادث الاغتيال، كاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفعت المحجوب في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك”.

انتقاد الأداء

مقابل هذا، اندفعت أطراف من المعارضة المصرية إلى انتقاد الأداء الأمني للشرطة والسياسي للحكومة، مستبعدة أن تمنع القرارات الأخيرة عمليات العنف التي تعاني منها البلاد منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي في يوليو 2013.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجومين نفذهما انتحاريان في كنيستين بمحافظتي الغربية والإسكندرية صباح الأحد الماضي وأسفرا عن مقتل 45 شخصًا وإصابة أكثر من 130 آخرين.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023