يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة، اليوم الأربعاء، لمناقشة هجوم شنته طائرات النظام السوري على خان شيخون في ريف إدلب، مما أدى إلى مصرع وإصابة المئات.
وقد قوبل الهجوم بتنديد دولي واسع النطاق، وطالبت المعارضة السورية بمحاسبة المسؤولين عنه.
فلماذا تُصر قوى دولية على بقاء النظام السوري رغم الشواهد الدالة على استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه؟ وما الآليات والمسارات المتاحة دوليا لوقف المذابح بحق المدنيين في سوريا ومحاسبة المسؤولين عنها؟
إنكار النظام
اللافت أن قوات النظام السوري نفت مسؤوليتها عن أي هجوم بالأسلحة الكيميائية على خان شيخون في ريف إدلب، لكن تحقيقات دولية في هجمات سابقة أشارت إلى مسؤولية هذا النظام ورئيسه بشار الأسد وشخصيات أخرى عن هجمات سابقة مماثلة ضد معاقل المعارضة.
الفيتو جاهز
وسينظر مجلس الأمن في الهجوم الجديد، غير أن السؤال المطروح: ماذا بعد؟ فقد كفل الفيتو الروسي والصيني عدم محاسبة النظام، كما أن الإدارة الأميركية الحالية حملت إدارة باراك أوباما المسؤولية عن الوضع الراهن في سوريا، وأشارت إلى أنها ليست مستعدة للحديث عن الخطوة التالية في هذا البلد.
أولويات واشنطن
بشأن هذا الموضوع، قال أندرو تابلر كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمختص في الشؤون السورية ومؤلف كتاب “في عرين الأسد” إنها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها النظام السوري على استخدام أسلحة كيميائية، وكانت هناك أيضا اجتماعات للأمم المتحدة في هذا الإطار.
وأضاف أن الرؤية الأميركية كانت تنصب على مواجهة تنظيم الدولة في المقام الأول، ولم يكن رحيل الأسد أولوية بالنسبة لهم.
اجتماع مجلس الأمن
وبشأن ما ينتظر من اجتماع مجلس الأمن، قال تابلر إن روسيا نفت أن تكون طائراتها في المنطقة التي وقعت فيها المجزرة، وهذا يُظهر كيف تمت العملية. وأضاف أن التحدي الآن أن نجمع كلمة الروس والصينيين لرفع الضغط عن الأسد، والاجتماع سيكون غدا صباحا، وحتى ذلك الحين ستتوفر الكثير من الأدلة والحقائق بشأن ما حدث.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن الدبلوماسيين يحاولون جمع ما يكفي من الدعم لاستصدار قرار بالإجماع في مجلس الأمن، مؤكدا أن بقاء نظام الأسد في الحكم رغم الممارسات المشينة ما كان ممكنا لولا الدعم الروسي والإيراني.
تصريح بالقتل
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في باريس الدكتور زياد ماجد، أن المسؤول الأول عن الجرائم والخراب الذي حل بسوريا يبقى نظام الأسد “أولا وثانيا وثالثا” ثم روسيا وإيران اللتان تدعمان هذا النظام، فضلا عن مسؤولية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام الذي لم يتلكأ تجاه المقتلة السورية فحسب، بل تركها مفتوحة على كل أنواع التصعيد “وهناك نوع من الهضم للجرائم، بحيث إن جريمة تنسي الأخرى”.
وأوضح أنه في عام 2012 كانت هناك محطة أساسية، وهي تلك التي رفضت فيها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تسليح المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، مما مكن نظام الأسد من استخدام الطيران وسلاح سكود اللذين حولا المناطق المحررة إلى مناطق موت يومي للسوريين.
ويضيف ماجد في تصريحات لتلفزيون الجزيرة أنه في 2013 كان هناك تصريح آخر بالقتل بعد المجزرة الكيميائية في غوطة دمشق، وهو أن يسلم القاتل سلاح القتل فيستثنى من أي عقاب أو تأديب أو قانون، معتبرا أن هذا مبدأ خطير جدا لأنه أتاح للأسد حصانة ما في عمليات القتل.
واعتبر أن التصريحات الأميركية الأخيرة التي تأتي لتعلن ما كان يدور في الخفاء وهو أن إسقاط الأسد أو رحيله ليس أولوية أميركية في الوقت الحالي أعطت لنظام الأسد فرصة أكبر لارتكاب المزيد من الانتهاكات.
ويرى ماجد أن فلسفة حكم نظام الأسد تقوم على القتل واستخدام العنف سياسة وفلسفة وليس فقط أداة في مواجهة المجتمع السوري.
آليات قانونية
كما أشار إلى مشكلة أخرى وهي أن سوريا ليست طرفا في محكمة الجنايات الدولية ولم توقع على معاهدة روما التي تتيح لهذه المحكمة بشكل آلي أن تدخل في الملف السوري وتبحث في الجرائم المرتكبة على الأرض السورية، لذلك يتطلب نقل جرائم سوريا إلى المحكمة قرارا من مجلس الأمن، وهو ما لن تقبل به روسيا ومعها الصين.
ولا بد من البحث عن أشكال أخرى مثل محكمة خاصة بجرائم الحرب الموثقة المرتكبة في سوريا والمستندة إلى أن اتفاقيات حظر الأسلحة الكيميائية يتم انتهاكها، وأن اتفاقية جنيف الرابعة 1949 تم انتهاكها، وهناك تقارير من الأمم المتحدة نفسها توثق وتؤكد هذا الانتهاك.