كثيرة هي المياه التي جرت تحت جسر “جامعة الدول العربية” منذ انطلاقها قبل سبعة عقود كاملة؛ فشعوب تحررت من الاحتلال، وجيوشٌ حكمت، وحروبٌ أهلية وقعت، وثوراتٌ اندلعت وأخرى مضادة هاجمتها بكل شراسة وأعادت الأوضاع إلى ما هو أسوأ.
أما عن أحوال الشعوب فحدث ولا حرج؛ أزمات اقتصادية، تحديات اجتماعية وثقافية تضع الهوية العربية نفسها في دائرة الخطر.
كل هذا يحدث تحت سمع هياكل تابعة للجامعة العربية ولجانها وعلى بصرها، ولا يصدر منها أكثر من بيانات إدانة وشجب اعتادتها شعوب المنطقة. أما التحرك الفعلي فلا يحدث إلا في حالات يراد للجامعة فيها من قبل قوى كبرى أن تقوم بدور وظيفي في أزمات بعينها.
حتمية التغيير
وحول ما تبقى من الجامعة بعد 70 عامًا، قال نائب المفوض العام للعلاقات الدولية في حركة التحرير الفلسطينية (فتح) عبدالله إبراهيم عبدالله إن معظم التكتلات الدولية في العالم تعتمد على التزام الدول المكونة لها بوعودها، ودعا -رغم الوضع الحالي- إلى عدم التخلي عن الجامعة.
جامعة فاشلة
من جهته، رأى أنور مالك، الكاتب الجزائري والمراقب السابق في جامعة الدول العربية، أن الوحدة تعد أمرًا ضروريًا في هذا العصر؛ لكنه أوضح أن الجامعة العربية لم تقدم للأمة العربية شيئًا غير الفشل في كل الأزمات، وأكد أنها تحولت إلى هيكل ميت، وإلى جامعة أنظمة عربية يلتقي فيها الحكام العرب شكليًا فقط وليس من أجل حل الأزمات والنزاعات.
وقال مالك إن الجامعة فقدت معناها، وما زالت تسير وفق الميثاق الذي وضعته الدول السبع المؤسسة، وعزا ذلك إلى عدة أسباب؛ منها أن الميثاق صار ميّتًا، إضافة إلى ولاءات بعض الدول الخارجية، وأن قرارات الجامعة لا تساوي الحبر الذي كتبت به؛ لأن هناك جهات أخرى تتدخل لاعتراضها، واتهم الجامعة بلعب دور سلبي للغاية إبّان ثورات الربيع العربي.
نقمة على القضية الفلسطينية
وأكد الكاتب الجزائري أن جنسية الأمين العام للجامعة العربية ودولة المقر والدول الغنية لديها تأثير على قرارات الجامعة، وقال إن الجامعة ظلت نقمة على القضية الفلسطينية ولم تقدم لها شيئًا، وتاجرت بها رغم أنها أصدرت مئات القرارات بخصوصها.