تزامنًا مع عمليات التعذيب الممنهجة داخل السجون المصرية وتعمد القتل البطيء، كما يحدث مع الدكتور محمد مهدي عاكف مرشد جماعة الإخوان السابق الذي يعاني من السرطان، والطالب أحمد الخطيب المريض بداء قاتل هو الآخر؛ انضم نشطاء من مصر إلى حملة دولية لجمع توقيعات لعريضة ضد تعذيب الحيوانات وسلخها وتقطيع أوصالها وهي على قيد الحياة.
وقالت العريضة إن بعض النشطاء في فرنسا استطاعوا زرع كاميرات مراقبة سرية داخل أحد المسالخ التي كان يروج لها على أنها صديقة للحيوانات، في حين أبدى مراقبون دهشتهم من تجاهل تعذيب البشر في مصر.
وأظهرت لقطات مسربة بالمسلخة مشاهد مروعة عن كيفية ذبح الحيوانات؛ فتم إطلاق حملة وطنية كانت نتيجتها تمرير قانون يفرض وضع كاميرات مراقبة داخل الأماكن التي يتم فيها تربية الماشية وذبحها، يشرف على مراقبتها خبراء رعاية الحيوان.
مهزلة في السجون
وعلّق القانوني نجاد البرعي على تضامن بعض المصريين مع هذه الحملة قائلًا: “ما يحدث مهزلة؛ فالسجون المصرية يُضرب بها المثل في المنظمات الحقوقية الدولية وتدرس على أنها أفظع أماكن التعذيب على مستوى العالم لما يمارس بداخلها من انتهاكات لآدمية المعتقلين وحقوقهم”.
وأضاف البرعي في تصريح لـ”رصد”: “أيهما أولى: الإنسان أم الحيوان؟ فالحديث عن هذه العريضة كلام فارغ لا يجب أن نهتم به؛ والأولى أن ندافع عن حقوق المعتقلين في لقاء أسرهم ومحاميهم والكشف عن أماكن المختطفين والمختفين قسريًا”.
مطالب بفتح تحقيق دولي
وطالبت منظمة “هيومن رايتس مونيتور” (جهة حقوقية مستقلة) بفتح تحقيق دولي في جرائم التعذيب في السجون المصرية وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة والعقاب؛ حفاظًا على السلام الإنساني، داعية المجتمع الدولي إلى تشكيل بعثات تقصي حقائق وإرسالها إلى مصر بشكل عاجل، والتحقيق في مقتل ما يزيد على 493 معتقلًا داخل السجون نتيجة للتعذيب الممنهج، والتحقيق في مقتلهم وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.
كما شددت المنظمة في تقرير لها على وجوب إعادة المحاكمات التي صدرت فيها أحكام ضد معارضين في مصر، وأنه على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية بالضغط على السلطات المصرية من أجل الاستجابة لذلك وإيقاف الأحكام “المسيسة” كافة والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي.
وقالت المنظمة إن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر “ممنهج” يرقى إلى كونه جريمة ضد الإنسانية، بحسب اتفاقية روما، التي تقتضي محاكمة السلطات المصرية المسؤولة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت: “شكلت أحداث 30 من يونيو في مصر انحرافًا في مجال الحقوق والحريات؛ حيث قتل 493 معتقلًا داخل السجون وأماكن الاحتجاز. وبالتزامن مع المحاكمات والاعتقالات، وهي تُقدر بالآلاف، تعددت أحكام الإعدام أو المؤبد الصادرة بحق المدنيين التي تتبارى في إصدارها المحاكم العسكرية والمدنية على السواء، ويخضع إليها الأطفال والقاصرون في سوابق تاريخية لم تعرفها مصر في تاريخها من قبل؛ حيث بات الاعتقال ممنهجًا وواسع الانتشار”.
وذكرت أن “الغالبية الكاسحة من المُحتجزين يتعرضون إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة دون أن يكون هناك رادع أو آلية للمحاسبة على هذه الجريمة التي انتشرت وأصبحت واقعًا يعيشه عشرات الآلاف من الشباب في سجون مصر؛ فقد أصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية فادحة الجور”.
وتابعت “مونيتور”: “لم ينكر عبدالفتاح السيسي وجود من دعاهم شبابًا أبرياء في السجون؛ نتيجة الحالة التي تمر بها مصر، وفق تعبيره، في حين أن التقديرات غير الرسمية تُشير إلى أن أعداد المعتقلين تجاوزت 65 ألف معتقل؛ لتبقى حياة عشرات آلاف المعتقلين وراء القضبان في مهب الريح عرضة إلى القتل نتيجة التعذيب في أي لحظة”.
وقالت: “بين الظرف الأمني والانتهاكات يُعلّق مصير آلاف المُعتقلين والمختفين قسرًا على مرأى ومسمع وتحت ناظري الدولة التي شرعنت القتل والحرق والسحل والتعذيب بأنواعه كافة وإهدار الكرامة كوسائل تصل بها إلى استقرار النظام الأمني وتثبيت أركان الدولة التي اتخذت من الأعمال الإرهابية ذريعة لقمع المواطنين؛ فباتت كل الانتهاكات الممنهجة والعنف الفج ضد المواطنين مُبررًا ومُباحة، فقد استخدمت الدولة ذريعة الحرب على الإرهاب والظرف الأمني غطاء قانونيًا لجميع الانتهاكات المتوالية في حق المواطنين”.
19 طريقة للتعذيب
ووثقت منظمة حقوقية دولية مقتل مئات المعتقلين بالسجون وأماكن الاحتجاز في مصر، راصدة نحو 19 طريقة لأساليب للتعذيب المنتشرة في السجون المصرية ويتعرض إليها المُعتقلون على يد أعضاء من جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقًا).
وقصّ ضحايا سابقون ونشطاء حقوقيون التالي:
1- التعليق كالذبيحة، الرأس لأسفل والقدمان لأعلى معلقتان في حبل، ويبدأ الصعق بالعصيّ الكهربائية في كل الجسد؛ خاصة الأعضاء التناسلية (الذكر، الخصيتان، الثديان)، أو ربط سلك في الجسد يتم توصيله بجهاز كهربائي وصعق الجسد، والضرب بالعصي وأسلاك الكهرباء.
2- عصر الخصيتين باليد بشدة، وقرص الثديين كذلك.
3- كل أشكال الصَلْب: فرد الذراع الأيمن وربطه في باب حديدي كبير (مشبك)، أو على تصميم خشبي يُعرف (بالعروسة)، وكذلك الحال مع الذراع اليسرى، وربط القدمين مع فتحهما بشدة وإبعادهما عن بعضهما، أو ربط اليدين مقيدتين من الخلف في باب حديدي أو ربطهما مقيدتان لأعلى، ثم الصعق بالصدمات الكهربائية والضرب بالعصي وأسلاك الكهرباء.
4- التمدد على الأرض مقيد اليدين من الخلف، وكذلك القدمين، والتعذيب والصعق بالكهرباء في كل أنحاء الجسد.
5- التمدد على مرتبة مبللة بالماء ومتصلة بجهاز كهربائي، مع تقييد اليدين من الخلف، وكذلك القدمين، ويجلس شخص بكرسي بين الكتف، وشخص آخر بكرسي بين القدمين المقيدتين، والسبب في ذلك شدة الكهرباء التي تقفز بالإنسان إلى الأعلى أثناء التعذيب.
6- الضرب بكف اليد اليمنى واليسرى على الوجه، وكذلك الضرب بقبضة اليدين.
7- كذلك بات التعذيب بالكهرباء للأعضاء التناسلية منهجيًا داخل أروقة سجون الأمن الوطني في مصر؛ حيث يتم توصيل أسلاك كهربائية بأعضاء المعتقل التناسلية، وصعقه مرارًا حتى يغشى عليه.
8- يستخدم الضباط أوضاع تعذيب متفرقة وشديدة الوحشية، كالكسر المتعمد للأطراف مع ترك المعتقل دون تجبير أو علاج. وكذلك أوردت الرسالة أوضاع تعذيب شبيهة بتلك التي تمارسها سجون النظام السوري بحق معتقليها؛ كإطفاء السجائر في أجساد المعتقلين، والجلد والشبح.
كما أنّ الإهانة النفسية حاضرة بقوة في مناهج التعذيب؛ حيث يجبر المعتقل أحيانًا على امتثال وضعيات “حيوانية” كالكلب والدودة، ويؤمر قهرًا أن يُعامل ككلب نابح ويخطو مثله لكي يعتق نفسه من حصة التعذيب اليومية.
وعبّرت الرسائل التي تمّ تسريبها من سجون الأمن الوطني عن حجم التعذيب الوحشي الممارس ضد المعتقلين السياسيين في سجونها، وكشفت رسالة مسربة من سراديب الأمن الوطني بالفيوم، كتبها أحد المعتقلين بالداخل، نشرتها وسائل الإعلام كافة، عن شرح تفصيلي لـ12 وضعًا يعذب بهم المعتقلون داخل سجون الأمن الوطني، خاصة في غرفة أطلق عليها غرفة الجحيم؛ لما تشهده من أفظع أنواع التعذيب، وفق مونيتور.