حذر خبراء وبيطريون من قرار الحكومة المصرية الخضوع لضغوط المستوردين، واستئناف استيراد اللحوم البرازيلية المستوردة، في ظل ضعف جهات الرقابة المصرية، وتفشي الفساد، وسهولة دخول شحنات برازيلية فاسدة.

ففي الوقت الذي انتفضت فيه دول العالم ضد اللحوم البرازيلية المستوردة، وقامت مصر بمنع استيراد هذه اللحوم، جاء القرار المصري باستئناف استيرادها، ليزيد المخاوف من خطورة هذه اللحوم على الأسواق، ويثير التساؤلات حول أسباب مصر في الإسراع بعودة استيراد هذه اللحوم، في ظل الشكوك حول فساد الجهات الرقابية.

وزارة الزراعة تستأنف استيراد اللحوم

وبعد العقوبات الدولية بسبب فساد لحوم البرازيل، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية استئناف عمليات استيراد اللحوم والدواجن من المجازر المعتمدة من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية بالبرازيل.

وقالت الوزارة في بيان لها إن عملية الاستيراد تخضع إلى رقابة مزدوجة في بلد المنشأ، وفور وصول الرسائل إلى الموانئ المصرية، التي من شأنها تقليل مخاطر دخول أي منتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي للبلاد.

وأوضح البيان أن هذه المجازر معايَنة ومعتمدة من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وتتم عمليات المعاينة للتأكد من مطابقة الأوراق والفحوص المعملية والتأكد من وجود ذباح مسلم يتبع المركز الإسلامي المشرف على المجزر، والتأكد من أن عمليات الذبح تتم وفقًا للشريعة الإسلامية.

تحرك برلماني

طالب إبراهيم خليف، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، بإجراء تحقيقات حول اللحوم البرازيلية الفاسدة التي تم استيرادها، متسائلا: “كيف دخلت هذه اللحوم لمصر دون وجود رقابة والتأكد من صحتها؟”.

وقال: “لجنة الزراعة ستجتمع اليوم الأحد، وسيتم طرح هذه الأزمة، والمطالبة بعدم بيع هذه اللحوم الموجودة في المخازن لحين التأكد من سلامتها”.

وأضاف “خليف” أن هناك ادعاءات خطيرة بهذا الشأن، منها أنه تم منح شهادات للحوم فاسدة على أنها صالحة للاستهلاك، وتم استخدام مواد مسرطنة فى بعض الحالات لإخفاء رائحة اللحوم الفاسدة، فضلا عن مزج بعض منتجات لحوم الدواجن بورق مقوى.

وتابع عضو مجلس النواب: يجب الحفاظ على صحة المواطن المصرى وإذا ثبت فساد اللحوم فإنها تسبب أمراضًا كثيرة للمواطنين، وستتم مطالبة الجانب البرازيلى بتعويض عن هذه اللحوم، حيث إنها ستعدم، ما يتسبب في خسائر مالية لمصر.

تهديد المستوردين

وهدد رئيس شعبة المستوردين أحمد شيحة من توقف استيراد اللحوم البرازيلية، وأوضح أنه في حالة منع استيراد اللحوم البرازيلية، التي يتراوح سعر الكليو الواحد منها في السوق المصري بين 60 جنيهًا و95، سيصل سعر كيلو “اللحم البلدي” إلى مائتي جنيه؛ نتيجة اختفاء هذه اللحوم المستوردة.

وعن منع عديد من الدول استيراد اللحوم من البرازيل، مثل المكسيك واليابان، علق رئيس شعبة المستوردين بأن هذه الدول تعتمد على استيراد لحوم الخنازير، كما أنها لا تذبح طبقًا للشريعة الإسلامية، موضحًا أنه على الرغم من منع أربع شركات سعودية استيراد اللحوم البرازيلية؛ إلا أنه لم تصدر أي حكومة عربية بيانًا رسميًا تُعلن من خلاله عزمها على مقاطعة البرازيل.  .

بلومبرج: رغم تلوثها وفسادها.. مصر تنقذ اللحوم البرازيلية

وقالت صحيفة بلومبرج إن تحقيق الشرطة البرازيلية في تقارير حول تلقي مفتشين رشاوي للسماح ببيع لحوم فاسدة وملوثة بـ”السالمونيلا”، وجه ضربة كبيرة للصناعات الزراعية في البلاد، وتمثل اللحوم البرازيلية 20 % من صادرات لحوم البقر العالمية، و40 % من صادرات الدجاج.

قالت وكالة بلومبرج إن صناعة اللحوم البرازيلية شهدت قدرًا من الانتعاش بعد إعلان ثلاث دول، هي الصين وتشيلي ومصر، رفع القيود عن استيراد اللحوم من البرازيل.

وأعلن وزير الزراعة البرازيلي بليرو ماجي أن “السوق الصينية مفتوحة بالكامل أمام اللحوم البرازيلية”، معتبرًا ذلك شهادة على سلامة الإجراءات الصحية في بلاده.

وكانت الشرطة البرازيلية فتحت تحقيقًا في مزاعم حول تلقي عدد من المفتشين رشاوي للسماح ببيع لحوم فاسدة، وعلى أثر ذلك وضعت 25 دولة قيودًا على استيراد اللحوم البرازيلية.

خبراء يحذرون من خطورة استئناف الاستيراد

وأكد أطباء وبيطريون لـ”رصد”، على خطورة هذه اللحوم على صحة المواطنين، مؤكدين على ضعف الهيئات الرقابية المصرية، وأن استئناف استيراد اللحوم البرازيلية يسهل دخول اللحوم الفاسدة منها.

ومن جانبه أكد الدكتور علي عبد المنعم، الخبير البيطري، ومدير عام التفتيش بوزارة الزراعة سابقا، أن نظام الرقابة على اللحوم المستوردة، ضعيف، وأن الفساد متفشٍ في هذا القطاع، مؤكدا على أن ضعف الإمكانيات، وقلة أعداد الأطباء البيطريين، وتفشي الفساد سيسهل من عملية دخول اللحوم الفاسدة.

وأوضح “عبد المنعم”، أن اللحوم البرازيلية يتم الكشف عليها في البرازيل من قبل لجان وزارة الزراعة المصرية، وتحديدا الهيئة العامة للخدمات البيطرية بالوزارة.

وأشار إلى أن اللجان تذهب إلى دولة المنشأ لتكشف على اللحوم، وتتأكد من جودتها، ومن ثم تسمح بدخولها إلى مصر، وأنه طالب أن تكون هناك لجنة أخرى بانتظار اللحوم للكشف عليها والتأكد من سلامتها قبل الدخول، وتلك الخطوات في مصر من السهل التحايل عليها لكثرة الفاسدين خصوصًا في هذا المجال”.

وحذر “عبدالمنعم” من خطورة الوضع الحالي والذي يسمح بدخول اللحوم الفاسدة بأنواعها مصر، متوقعًا أن تكون اللحوم البرازيلية الفاسدة قد وصلت لشرائح كبيرة من الشعب المصري، وتم التعتيم على الأمر.

من جانبها، قالت الدكتورة حنان قرني، الخبيرة البيطرية، إن “هناك مافيا تقوم بتحريك الأسواق وتعمل طوال الوقت على إدخال اللحوم المستوردة مصر”، موضحة أنها قامت بضبط عدد كبير منها خلال جولاتها الميدانية.

وأضافت “قرني”، أن “ضعف الرقابة البيطرية وقلة عدد البيطريين وعدم الاهتمام به قد يؤدي إلى أكثر من ذلك”، مؤكدة أنه من المفترض خضوع اللحوم الواردة إلى مصر للرقابة والفحص في ظل ما تشهده دول العالم حاليًا.

وأوضحت أن هناك من يحاول التستر على تلك اللحوم الفاسدة الموجودة في أحياء راقية وتباع إلى المواطنين على أنها صالحة للاستهلاك، كما يتم استخدام تلك اللحوم في المأكولات خصوصًا التي تدخل فيها اللحوم بحيث أنها لا تكون مراقبة ولا يسهل ضبطها.