نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا عن الاعتقالات التعسفية في مصر، مشيرا إلى قضية المواطن الكولومبي “أرماندو” الذي قال إنه لا يحب الشرطة إذ انه في كل مرة يمر فيها بجانب شرطي يشعر بالتوتر والخوف من الاعتقال التعسفي دون أي ذنب، وأشار إلى أنه بعد وقت قصير من اعتناق الإسلام، قرر الانتقال إلى القاهرة والالتحاق بجامعة الأزهر.
وأوضح الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه موقع “وطن”، أن أرماندو يأمل أن يكون يوما ما عالما دينيا في بلده الأم، وعلى الرغم من أنه كان يتوقع أن يكون بعيدا عن عائلته وتعلم اللغة العربية سيكون صعبا، لكنه خلال العامين الماضيين كان يدرس في الأزهر.
وأشار الطالب الكولومبي إلى تجربة جرت بعد شهرين من انتقاله إلى مصر، قائلا إنه في طريق عودته من الجامعة، عرض مساعدة على ضابط شرطة كان يحاول تحريك طاولة، لكن ضابط الشرطة بدأ في الصراخ والرد بقوة، مضيفا أنه قرر أن يهرب عندما أمسكه العديد من ضباط الشرطة، ولكن تم القبض عليه وتم نقله إلى مركز شرطة مدينة نصر للخضوع لمزيد من الاستجواب والتحقيقات، وعندما أدرك ضباط الشرطة أنه أجنبي، تضاعف موقفهم العدواني تجاهه.
“كان لدي لحية، والضباط يسألونني عن كل شيء مثل لماذا تدرسون هنا؟ ما هو هذا العطر؟، ثم بدأوا يفتشون هاتفي، وينظرون إلى صور أمي والصور الأخرى الخاصة بي، وكنت أظهر لهم كل شيء فلم يكن لدي ما أخفيه”، هكذا يقول أرماندو.
ويضيف الطالب الكولومبي: “فتح الضابط حسابي على فيسبوك وبعد ساعات قليلة، سمح لي أخيرا بمغادرة مركز الشرطة لأن الضابط لم يتمكن من العثور على أي شيء يدينني”.
وفي أعقاب هذا الحادث، أُوقف أرماندو واستجوب مرة أخرى عند نقطتي تفتيش مختلفتين في طريق عودته إلى بلاده، مما أوحى له أن قوات الأمن تلقت تعليمات بمراقبته بعد إطلاق سراحه.
وفى وقت سابق من هذا الشهر أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إن طالبا من الأزهر قتل بالرصاص خلال عملية مداهمة فى محافظة الإسماعيلية شرقي القاهرة مدعيا أنه هو الذي بادر بإطلاق النار، واتهم الطالب المصري حسن جلال مصطفى بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين التي منذ عام 2013، تصفها الحكومة بأنها إرهابية، غير أن أسرته قالت إنه اختفى في طريقه إلى الجامعة في ديسمبر 2016، وقتل أثناء احتجازه لدى الشرطة، وفقا لبيان صادر عن الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي حالة أخرى وقعت في يناير، احتجز صديق تركي لأرماندو لمدة 10 أيام بعد أن شاهده شرطي يستخدم هاتفه لالتقاط صورة للسماء في أحد شوارع مدينة نصر، حيث أن الرجل التركي الشاب كان خائفا جدا للمضي قدما والتحدث إلى وسائل الإعلام حول محنته.
وفي عام 2016، احتجزت قوات الأمن اثنين من الأشقاء الأتراك، الذين كانوا يدرسون في الأزهر، في منزلهم في القاهرة، وقال أرماندو إن الشرطة عادة ما تكون مشتبهة في طلاب الشيشان وكوسوفو وتركيا وألبانيا، بل إنهم يتجسسون على مساجد مدينة نصر حيث يعيش العديد من الطلاب.
وبسبب المخاوف من احتمال الاستجواب والترحيل في المطار والعودة إلى كولومبيا، قال أرماندو إنه يعتزم عدم مغادرة مصر لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل، حتى الانتهاء من دراسته.
وقال محمد عبد السلام، الباحث في جمعية حرية الفكر والتعبير، أن أمن الدولة يضع رقابة وثيقة على الطلاب الأجانب في حين لا توجد إحصاءات محددة توثق مضايقة الشرطة للطلاب، مضيفا: الطلاب في جامعة الأزهر يتعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين، ولهذا السبب فإن الشرطة أكثر قسوة معهم.
وقالت تقرير الموقع: “وبرزت جامعة الأزهر كنقطة ساخنة للاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، واشتبكت قوات الشرطة مع الطلاب داخل الحرم الجامعي، مما أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 20 طالبا واعتقال المئات في العديد من الجامعات في جميع أنحاء مصر بما في ذلك الأزهر منذ عام 2013”.
إلا أن زعماء الأزهر قد قدموا منذ فترة طويلة دعمهم لمن هم في السلطة من خلال دعم السياسات الحكومية، بما في ذلك موقفهم ضد الإخوان المسلمين، وعندما ظهر اللواء عبد الفتاح السيسي على شاشة التلفزيون ليعلن أنه قد أطاح بأول رئيس منتخب، كان الإمام الأكبر أحمد الطيب من بين الذين وقفوا إلى جانبه، معربا عن تضامنه مع الانقلاب، بحسب التقرير
ويدرس في الجامعة الشهيرة حوالي 45 ألف طالب من دول آسيا وأفريقيا، وفى فبراير الماضى قال وزير التعليم العالي الماليزي إن الحكومة الماليزية لن تقدم للطلبة منحا دراسية لمصر لأن الوضع فى ذلك البلد مازال غير مستقر تماما.
وقالت مجموعة من الطلاب النيجيريين الذين يدرسون في الأزهر ويعيشون في مصر على مدى السنوات الخمس الماضية إن الحكومة كانت صعبة للغاية معهم في إصدار الأوراق والتأشيرات على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث قال ادجومو جيليل إن العديد من أصدقائه وزملائه الذين يدرسون في الأزهر اعتقلتهم الشرطة في العامين الماضيين بدون سبب ودون ارتكاب جريمة لأنهم مجرد طلاب هناك.
وأضاف أن الاعتقالات تميل إلى الازدياد خلال نوفمبر وديسمبر ويناير عندما تنتهي عادة وثائق الإقامة، موضحا أنه أمر خطير جدا بالنسبة لنا أن نخرج من دون الإقامة، وقال طالب آخر بالأزهر، يدعى هانغا، إن الشرطة تهاجم عادة الأحياء التي يقيم فيها الطلاب الأجانب خلال هذه الأوقات.
وأشار إلى أنه تم في العام الماضي ترحيل 20 طالبا نيجيريا من الأزهر على الأقل، وزعمت قوات الأمن أنهم لا يملكون الأوراق المطلوبة، لكن هانغا قال إنها حملة ممنهجة من قوات الأمن ضد طلاب الأزهر.