خرجت مظاهرات في عدة مناطق ومحافظات مصرية -تزامنا مع إحياء ذكرى ثورة 25 يناير- تندد بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبما وصفوه بالإرهاب الذي يمارسه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حين اعتقلت قوات الأمن عشرات المواطنين.
واحتشد المئات في مسيرات في أحياء محافظة الجيزة، منها الهرم وإمبابة وبولاق الدكرور، ورفعوا شعارات تندد بالانقلاب وحكم العسكر.
الإسكندرية والشرقية
كما خرجت مسيرات بالإسكندرية من مناطق العصافرة والحضرة وكوبري الناموس، وردد المتظاهرون الهتافات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وعودة المسار الديمقراطي، ومحاكمة السيسي وجميع المتورطين في جرائم بحق مصر وشعبها.
أما في قرية العدوة بمحافظة الشرقية -مسقط رأس الرئيس المعزول محمد مرسي- فخرجت تظاهرات تطالب بعودته إلى سدة الحكم، ورحيل النظام الحالي ومحاكمته على ما ارتكب من جرائم في حق الشعب المصري، على حد قولهم.
الفيوم
وفي الفيوم، خرجت مظاهرات أخرى تطالب برحيل السيسي والتنديد بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن المصري.
كفر الشيخ ودمياط والبحيرة
كما خرجت العديد من المظاهرات في محافظات كفر الشيخ ودمياط والبحيرة منددة بالانقلاب، والأوضاع التي آلت إليها البلاد في ظل حكم السيسي.
فكيف تستمر هذه المسيرات وإن قل فيها العدد رغم ما يتعامل به النظام من وحشية وقمع وفي ظل قانون للتظاهر يضع كافة المشاركين فيها تخت تهديد السجن لسنوات؟ وهل تمثل هذه المسيرات أملا لمناصري الثورة في مصر أم أنها بمثابة رقصة الموت التي يرقصها المهزوم قبل التواري عن الأنظار؟
دليل الصمودد
قال الإعلامي المصري مسعود حامد، في تصريح خاص لـ”رصد”: “استمرار التظاهرات والمسيرات بعد مرور ثلاث سنوات ونصف على الانقلاب الدموي في مصر إنما هو دليل صمود لمناهضي الانقلاب كما أنه يحمل رسائل عديدة أهمها رسالة إلى الشعب المصري بأن الأحرار موجودون في الشوارع بانتظار الشعب وحالما يقرر الشعب الانتفاضة ضد النظام القمعي الحاكم سيجد الأحرار في انتظاره” على حد قوله.
إستراتيجية وأمل
من جانبه يرى الناشط السياسي محمد عباس أن الشعب يجب أن يكون صريحا مع نفسه، مستطردا: “الفصيل الذي يقود هذه المسيرات المستمرة منذ أربعين شهرا هو “الإخوان المسلمين”، ومن هنا فإن هذه المسيرات تستمر من منطلق إستراتيجية الإخوان بهدف إثبات الوجود وتحدي النظام وعدم الاستسلام”.
وتابع: “أثبتت كافة التحركات منذ الانقلاب أن الإخوان في القلب منها وعادة ما تكون الفعاليات أضعف بدون التيار الإسلامي بشكل عام، ويقول الإخوان يصرون على هذه الوقفات الرمزية على حد قوله من أجل تجديد الأمل في نفوس الناس مؤمنين بأن ثمة لحظة سينتفض فيها الشعب لينضم إليهم”.
رقصة الموت والفشل
وفي سياق مختلف يرى (س.ج.ج) موظف أمني سابق طلب عدم ذكر اسمه، أن هذه المسيرات حتى وإن تزامنت مع ذكرى الثورة فإنها تمثل رقصة الموت بالنسبة لمناهضي الانقلاب، مؤكدا أن الإخوان ومن معهم من أنصار ثورة يناير في مصر أمرهم انتهى سياسيا ويعيشون ما بين الحيرة والوهم، بعد أن فشلوا في إقناع الشعب بأدائهم السياسي، على حد قوله.
طاقة مهدرة
ويرى خبراء أن استمرار المسيرات حتى الآن في ظل قانون التظاهر والقمع الذي يمارسه النظام ما هو إلا هدر للطاقات يجب على أصحابها أن يوفروها في أعمال أخرى تتسم بالنوعية والتميز، فليس بالتظاهر فقط تسقط الأنظمة أو تضعف، كما أكدوا أنه بالنظر لعدد المعتقلين الذي اقترب من المائة ألف وعدد الشهداء فإنه من الخطأ استمرار تلك المسيرات التي تقدم الشباب صيدا سهلا لقوات النظام.
ذكرى الثورة تختلف
من جهته، يرى الدكتور عمرو عبد الرحمن، أستاذ بالجامعة الأسترالية بالكويت، أن وسائل الاحتجاج مهما تنوعت فإن التظاهر في الحالة المصرية يظل شوكة في ظهر الانقلاب على حد قوله.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “في ذكرى الثورة الأمر مختلف والتظاهر رسالة قوية للانقلاب رغم دموية المشهد فإن المعارضة قائمة وقادرة على إثبات الوجود وإيصال الرسائل للعالم خاصة في ظل فشل النظام في مصر اقتصاديا وسياسيا”.
وفي السياق ذاته، تقول أمينة عبد الله، وهو اسم مستعار لإحدى المشاركات بمسيرات الاسكندرية في ذكرى الثورة: “أخي وزوجي في المعتقل ومنذ الانقلاب وأنا أشارك في معظم المسيرات”، متابعة: “يجب أن نوصل الرسالة للنظام أننا على طريق الثورة ولن نتراجع عنه وإن كلفنا ذلك حياتنا”.
اعتقالات
وكانت النيابة المصرية قد قررت الأربعاء حبس عشرات المواطنين بتهم منها التحريض على التظاهر في الذكرى السادسة لاندلاع ثورة يناير، والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية، ومحاولة قلب نظام الحكم.
وكانت أجهزة الأمن المصرية أعلنت رفع درجة الاستعدادات القصوى، وحالة الطوارئ بجميع المحافظات.
وفي ميدان التحرير، الذي شهد أكبر تجمعات ثورة 25 يناير 2011، نصبت قوات الأمن نقاطا أمنية أمام المتحف المصري، كما لوحظت سيارات شرطة تجوب الشوارع الجانبية للميدان وسط وجود مكثف لعناصر الأمن بالميدان.
وقالت السلطات المصرية إنها أغلقت محطة مترو السادات بميدان التحرير لأسباب أمنية.
وشهد محيط نقابة الصحفيين بالقاهرة حضورا أمنيا مكثفا، حيث تمركزت نحو عشر سيارات للأمن المركزي، وسيارات مصفحة لفض الشغب، وعربة للدفاع المدني بالقرب من نادي القضاة.
وأمام محكمة النقض بدار القضاء العالي، نشرت قوات الأمن الحواجز الحديدية بطول سور المحكمة مع انتشار جنود الأمن خلف تلك الحواجز، بينما أشارت وسائل إعلام مصرية إلى أن ميدان التحرير يشهد حالة هدوء مع وجود أمني كثيف.