حالة من الجدل أثيرت على نطاق واسع خلال الأيام القليلة الماضية كرد فعل على القرار الكارثة لوزير الصحة, والخاص بتحرير سعر الدواء، الأمر الذي اعتبره الخبراء بمثابة الضربة القاضية للمرضى الفقراء وأصحاب الأمراض المزمنة؛ لحرمانهم من أبسط الحقوق في بلد ضاعت فيها الحقوق, وهي الحق في العلاج؛ حيث اعتبر الخبراء أن هذا القرار بمثابة تحد واضح من جانب وزارة الصحة وشركات الأدوية لحالة المواطن المصري, الذي يعاني من تراجع حاد في دخله، مؤكدين أن هذا القرار يمثل استحالة بالنسبة للمريض في الحصول على الدواء، نظرا لارتباط سعره بالسعر العالمي, ووصف المواطنون القرار بالكارثة, متسائلين: هل يتساوى دخل المواطن المصري بدخل المواطنين في البلاد الأخرى حتى يربط سعر الدواء بالبلدان الأخرى؟!.
مستوى الدخل
في البداية قال أحمد حسن – 25سنة من شبرا الخيمة -: " قرار وزير الصحة كارثة لمرضى مصر جميعا, فكيف نقارن الأدوية بالأسعار العالمية, علما بأن الكل يعرف مصر متفوقة على بعض دول العالم في إنتاج بعض أنواع الأدوية؟، وبالخارج المصري يرسل لبلده مصر؛ لكي يشتري الدواء منها لرخص السعر وخصوصا بدول الخليج, الأسعار تفوق الخيال مقارنة بمصر، فإلى متى هذه القرارات المجحفة كيف للسيد وزير الصحة أن يسترشد بأسعار دول الخليج وأوروبا وكندا؟, لم يسأل نفسه: هل متوسط دخل الفرد هناك مثل متوسط دخل الفرد عندنا؟ بالطبع لا, ولم يسأل نفسه: هل تكلفة الدواء عندنا مثلهم؟
بالطبع لا؛ لأن التكلفة عندنا أرخص بصراحة حرام أن نجعل أصحاب الصيدليات مليونيرات على حساب الشعب الفقير مش وقتها خالص في حقنا كمصريين اتقوا الله فينا, نتمنى قبل التنفيذ أن يكون سعر الدواء مقارنة بدول متناسبة مع مصر من حيث معدل دخل الفرد اليومي أو السنوي, يعني ما يقولوش: إن سعره في أمريكا أو سويسرا 100 دولار مثلا، ويتركوا أن سعره في بلد آخر قريبة من معدل دخل الفرد المصري 20 دولار مثلا بما يعني أن المفروض يكون السعر بمصر في حدود 20 دولار وليس 100 $, وشكرا للعدالة الاجتماعية والأسعار العالمية هي الناس عارفة تاكل ولا تتعالج عشان تخلي سعر الدواء زي بره طيب يا سيدي طالما إنت كويس كده إديني مرتب أوروبا أو الخليج حرام عليك.
ثورة المرضى.
وأضاف فتحي علي عبد الجواد: إن هذا القرار امتداد لعصر الرئيس المخلوع؛ لأن هذا القرار جاء في توقيت متأزم, وهي نفس الطريقة التي كان يتبعها المخلوع في إرهاق المواطنين, مطالبا بسرعة إلغاء القرار حتى لا تكون هناك ثورة أخرى لمرضى مصر، ومرضى مصر أكثر ممن كانوا في ميدان التحرير, فنصف الشعب المصري مريض.
يحرم الفقراء من العلاج
أما د. كريمة الحفناوي – الناشطة السياسية, وعضو لجنة الدفاع عن الحق في الصحة – أكدت أن هذا القرار من المتوقع أن يتسبب في رفع سعر الدواء داخل مصر، بحيث لا يصبح في متناول يد المريض بعد 5 سنوات من بدء تنفيذه، مفسرة ذلك بأن الشركات المصرية التي تخسر بسبب انخفاض سعر أدويتها ستقوم بطرحها بأسماء تجارية أخرى، وبالتالي تسعرها بأسعار أعلى من أسعارها الحالية، وذلك حتى تستطيع منافسة الدواء المستورد والمنتج من قبل شركات أجنبية.
وأضافت: إن القرار يؤكد على الأخذ بأقل سعر للمستحضر, الذي سيتم تسجيله في مصر بدول العالم، إلا إنه لم يلتفت إلى أن كل دولة تقوم بتسعير الدواء وفقا لظروفها الاقتصادية, ومستوى دخل الفرد بها, ونظامها الصحي، في حين أن المواطن المصري يعد الأقل دخلا في العالم, و43% من المصريين تحت خط الفقر، بالإضافة إلى انتشار الأمراض بين المصريين, وعدم وجود نظام تأمين صحي اجتماعي شامل يكفل علاجهم.
التأمين الصحي الشامل
وطالبت الحفناوي بضرورة تطبيق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل قبل تطبيق القرار، كذلك دعم صناعة الدواء الوطنية, وإنشاء مصانع لإنتاج المواد الخام الدوائية، مؤكدة أنه في حالة وجود صناعة دوائية مصرية كاملة بجميع مراحل الإنتاج، يمكن التحكم في عدم ارتفاع أسعار الدواء.
أما د. علاء الغنام – رئيس لجنة الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية – فأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة بالعالم التي تتعامل مع الدواء وفقا لمنطق العرض والطلب, وهي النقطة التي أوردها النواوي في تصريحاته بالمؤتمر الصحفي، مؤكدا أن التخوف الوحيد عند تنفيذ هذا القرار يتمثل في عدم وجود نظام صحي وطني متكامل، كذلك عدم وجود رقابة محكمة على السوق الدوائي المصري، بما يؤدي إلى ظاهرة تهريب الأدوية.
وأشار غنام إلى ضرورة أن يتم استيراد الأدوية – وفقا للقرار – عبر الشركة القابضة للأدوية؛ لضمان عدم حدوث تلاعب في تسعير الأدوية المستوردة، خاصة في ظل عدم وجود ضوابط محكمة للسوق الدوائي المصري، لافتا إلى أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ما زالت تدرس القرار لمعرفة المزايا والعيوب لمعرفة التحرك المطلوب بشأنه.
السعر بالسوق العالمي
فيما أعلن المركز المصري للحق في الدواء أن هذا القرار يعتمد بشكل شبه كلي على البيانات المقدمة من شركات الأدوية، بالإضافة إلى أن بلاد المرجعية الدوائية الـ36، وهي: السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، الكويت، عمان، المغرب، إيران، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، أسبانيا، أستراليا، الأرجنتين، البحرين، بلجيكا، كندا، قبرص، الدانمارك، فنلندا، اليونان، هولندا، المجر، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، النرويج، البرتغال، السويد، تركيا، بولندا ليس بها نظام للسعر الموحد، وتترك تحديد سعر الدواء لقوى السوق كأية سلعة أخرى.
وأشار إلى أن ذلك يعني اختلاف سعر الدواء من صيدلية إلى أخرى، ومن يوم إلى آخر، لافتا إلى أنه على الرغم من أن القرار سينطبق على الأدوية الجديدة فقط، إلا إنه سيؤثر على أسعار الأدوية المتداولة في السوق حاليا، وذلك لأنه في النظامين السابق والجديد، يتم إعادة النظر في أسعار جميع الأدوية بعد مرور فترة معينة من تاريخ تسعيرها، بعد عامين طبقا للنظام السابق, وثلاث سنوات طبقا للنظام الجديد، كما أن سعر الدواء سيرتبط ارتباطا مباشرا بأسعار العملات الأجنبية.