تشهد مصر منذ سنوات قليلة محاكمات لمصريين وفلسطينيين أقل ما توصف به أنها غريبة؛ ففي إحداها صدر حكم على متهم بعد وفاته، وفي أخريات تتم محاكمة متهمين بارتكاب جرائم في مصر وقعت بعد وفاتهم خارجها، أو بينما كان أحدهم في سجون إسرائيل؛ ما يجعل تورطهم في تلك القضايا ضرب من المستحيل.
فلم تكد تهدأ الضجة حول خبر الحكم علي الممثل المصري الراحل قبل عامين، نور الشريف، بالحبس لمدة عام، حتي اتهم نائب في مجلس النواب (البرلمان) المصري الروائي نجيب محفوظ، الراحل عام 2006، الحاصل علي جائزة نوبل عام 1989، بخدش الحياء.
وسخرية من اتهام البرلماني المصري، دشن نشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي “هاشتاج” (وسم) بعنوان: “الحرية لنجيب محفوظ”.
وكانت محكمة جنح العجوزة (غرب العاصمة القاهرة) أصدرت حكما بحبس الفنان الراحل نور الشريف، لمدة سنة غيابيا، في دعوى تتهمه بـ”التزوير”، إلا أن المحكمة تداركت الحكم، وعدلته إلى تأجيل الدعوى إلى جلسة 5 ديسمبر الجاري، للإعلان بوفاة الفنان الراحل (وانقضاء الدعوى)، بعد علمها بوفاته.
الشريف كان قد رفع دعوى قضائية عام 2015 ضد منتج ومالك قنوات فضائية؛ يتهمه فيها بتحرير شيك بدون رصيد، إلا أن المنتج حصل على حكم بالبراءة، واتهم الفنان بالتزوير.
في واقعة أخرى، شهد اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري، يوم 28 نوفمبر الماضي، جدلا بشأن إن كان نجيب محفوظ يستحق المحاكمة أم لا.
فخلال مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الخاص بقضايا النشر، ولا سيما المواد المتعلقة بخدش الحياء العام، قال النائب أبو المعاطى مصطفى إن هذا المشروع يخدش الحياء.
ومستنكرا، تساءل مصطفى: “هل يعنى الإبداع أن أقوم بتصوير حالة جماع كاملة على الشاشه؟”
عندها، قاطعه النائب أحمد سعيد متسلائا بدوره: “هل يعني ذلك أن (روايتي) قصر الشوق والسكرية خدش حياء؟”.
فرد مصطفى بالإيجاب: “نعم.. السكرية وقصر الشوق فيهما خدش حياء، ونجيب محفوط يستحق العقاب، لكن لا أحد حرك الدعوى الجنائية”.
لكن تحت وطأة الانتقادات عاد مصطفى وقال في تصريحات تلفزيونية إنه لم يقصد نجيب محفوظ، بل كان يقصد صناع فيلمي السكرية وقصر الشوق.
وتحولت رواية قصر الشوق لمحفوظ إلى فيلم عام 1967، بطولة يحيي شاهين، و نادية لطفى، و ماجدة الخطيب وسمير صبرى، من إخراج حسن الإمام، وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامى، وإنتاج حلمى رفلة. وجميعهم رحلوا عن الحياة باستثناء نادية لطفي وسمير صبري.
فيما تحولت رواية السكرية لمحفوظ أيضا إلى فيلم عام 1973 بطولة نور الشريف، و ميرفت أمين، و يحيي شاهين، و تحيه كاريوكا، و محمود المليجى، و نجوى فؤاد و هدى سلطان، من إخراج حسن الإمام، أيضا، وسيناريو وحوار ممدوح الليثى، وإنتاج صبحى فرحات. وجميعهم رحلوا عن الحياة باستثناء ميرفت أمين و نجوي فؤاد.
وقائع أخرى لمحاكمات لموتى في مصر، لكن أبطالها هذه المرة ليسوا مصريين، حيث ضمت قائمة المتهمين في قضية اقتحام السجون المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011، 71 فلسطينيا، بينهم حسام الصانع، الذي استشهد يوم 27 ديسمبر 2008، عندما قصفت إسرائيل مقرا أمنيا للحكومة المقالة في قطاع غزة، وينتمي الصانع إلى سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
قائمة المتهمين المصرية ضمت أيضا الفلسطيني حسن سلامة، القابع في سجون إسرائيل منذ عام 1996؛ بتهمة قتل 48 إسرائيليا، وهو محكوم عليه بالسجن 48 مؤبدا (المؤبد 99 عاما) وعشرين عاما.
وفي 28 يناير 2014، اتهمت صحيفة حكومية مصرية الفلسطيني أحمد الجعبري، نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي استشهد في نوفمبر 2012، بالمسؤولية عن أحداث أمنية في مصر بعد تاريخ استشهاده.
وأثار اتهام هؤلاء الفلسطينيين في أحداث أمنية بمصر حالة من السخرية والانتقاد بين الفلسطينيين، ولا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي.