محاولة تنصل بعض السعوديين من دعم الانقلاب في مصر بحجة أنهم انحازوا لخيار الشعب في 30 يوينو محاولة تنم – ليس فقط عن جهل من يقول ذلك – ولكن عن حقده وكبره وعنجهيته!
الرئيس مرسي جاء بانتخابات لم تعرف السعودية مثيلا لها.. فكما نعلم جمعا فإن آخر انتخابات قامت بها السعودية (والخليج عموما) كان حين انتخبوا من كل قبيلة رجلا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم.
والرئيس مرسي – كما في أي ديمقراطية عريقة لا تريد السعودية أن تحذو حذوها – صوت له ملايين، كما صوت ضده الملايين..ولو نزل المعارضون له ثاني يوم الانتخابات لملأوا الميادين.. لكن هذا لا ينزع عنه شرعيته، فمن جاء بالصندوق لا يذهب إلا بالصندوق..
السعودية خشيت من وجود ديمقراطية في مصر وهذا تخوف مبدئي، بغض النظر عن نتيجة هذه الانتخابات.. وعندما أتت الانتخابات بالإخوان صار الخطر أشد ومركب، لأن نموذج الديمقراطية المصري سينتقل خلال عدة دورات انتخابية فقط للخليج، وسيطالب شبابهم المقموع بتكراره، كما سترسخ جماعة الإخوان أرجلها في الحكم، التي تصر المملكة على رؤيتها كمنافس لها فقط على زعامة العالم السني.
لقد كان موقف السعودية من الثورات العربية واضحا ومبدئيا وثابتا لم يتغير: الوقوف في وجه ثورة تونس، الوقوف في وجه ثورة مصر، الوقوف في وجه ثورة اليمن، الوقوف في وجه أي نموذج ديمقراطي في المنطقة، ولا سيما إذا أتى بالإخوان.
وهم في سبيل ذلك دفعوا للسيسي أكثر مما تلقاه الجيش في مصر من الأمريكان بسبب كامب ديفيد طيلة 30 عاما. فعلوا ذلك وهم يعلمون أنه صهيوني ولم يهتموا، فعلوا ذلك وهم يعلمون أنه منقلب خائن ولمم يهتموا، فعلوا ذلك وهم يعرفون أنه سفاح مجرم حرب ولم يهتموا..
لكن سرعان ما انتهى شهر العسل بين الخليج وبين من وصفهم السسيسي بعظمة لسانه أنهم أنصاف دول، فانقلب عليهم كما انقلب عليهم علي عبد الله صالح الذي أجرت له السعودية 10 عمليات جراحية (منها تسعة في الوجه) وما كاد أن يخرج من غرفة العمليات حجتى انقلب ضدهم وتحالف مع الحوثيين!
السعودية ليست غاضبة من السيسي لأنه قاتل انقلابي صهيوني، بل لأنه تماطل في تسليمهم قطعة أرض غالية من تراب مصر، لعدم حصوله على أرز مناسب، ولأنه لم يكن تابعا لها كما ينبغي، فكما بلطج على خصومها في مصر، بلطج عليها وابتزها وساتفزها، لذا، فعلى السعودية أن تكف عن لعب دور الضحية الذي تعرض للخيانة! إنها ملطخة ايديها بكل قطرة دم وكال لحظة تعذيب حدثت في مصر.
وإذا قال قائل، هذا كان في عهد عبد الله، ونحن الآن في عهد سلمان، فليظهر سلمان أنه مختلف.. حقيقة لست مقتنعا أنه مختلف، إلا بقدر اقتناعي بوجود شرفاء في الجيش!