آثار تقرير نشره موقع ميدل إيست أوبزرفر البريطاني عن إيصال مياه النيل إلى إسرائيل العديد من ردود الأفعال، حيث تحدث التقرير عن إنشاء أنفاق في سيناء بهدف توصيل المياه إلى إسرائيل.
6 أنفاق لنقل المياه
وأكد موقع ميدل إيست أوبزرفر البريطاني أن الهدف من إنشاء ستة أنفاق – غير معلن عنها – في سيناء (شمال شرقي مصر)، هو إيصال مياه النيل إلى (إسرائيل).
وقال الموقع الذي حصل على صور حصرية من مواقع العمل في هذه الأنفاق – في تقريره إن الحكومة المصرية أعلنت أنها ستبني ثلاثة أنفاق للسيارات ونفق واحد للقطارات إلا أنها لم تعلن أي شىء عن 6 أنفاق أخرى جاري العمل بها، مرجحًا أن الغرض من الستة أنفاق الأخرى هو إيصال مياه النيل إلى (إسرائيل).
وعلم الموقع أن العمل أسند إلى بعض الشركات المملوكة للجيش بالإضافة إلى أوراسكوم المملوكة لعائلة رجل الأعمال “نجيب ساويرس” المقرب من الحكومة.
ويشير التقرير إلى العلاقات الإسرائيلية المصرية المميزة، حيث صرح السفير الإسرائيلي في القاهرة “حاييم كورين” في وقت سابق أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمر بأفضل أوقاتها.
إحياء مشاريع قديمة
في عام 1974 طرح اليشع كالي، وهو مهندس إسرائيلي، تخطيطاً لمشروع يقضي بنقل مياه النيل إلى “إسرائيل”، ونشر المشروع تحت عنوان “مياه السلام”، وهو يتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها، وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس.
وفي مشروع آخر؛ قدم الخبير الإسرائيلي شاؤول أولوزوروف، النائب السابق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية، مشروعاً للسادات خلال مباحثات كامب ديفيد، يهدف إلى نقل مياه النيل إلى إسرائيل من خلال شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، وبإمكان هذا المشروع نقل 1 مليار متر مكعب، لري صحراء النقب.
وكان هناك مشروع ثالث هو مشروع اقترحه السادات في حيفا عام 1979، وقالت مجلة أكتوبر المصرية في حينه: إن الرئيس السادات التفت إلى المختصين وطلب منهم إجراء دراسة عملية كاملة، لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس، لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنسية القيامة وحائط البراق.
وإزاء ردود الفعل على هذه التصريحات، سواء من إثيوبيا أو المعارضة المصرية، ألقى مصطفى خليل، رئيس الوزراء المصري في وقته، بياناً أنكر فيه هذا الموضوع قائلاً: “عندما يكلم السادات الرأي العام يقول: أنا مستعد أعمل كذا، فهو يعني إظهار النية الحسنة، ولا يعني أن هناك مشروعاً قد وضع وأخذ طريقه للتنفيذ”.
إقرار بأربعة أنفاق
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت مؤخراً أنها ستبني أربعة أنفاق للموصلات (السيارات، القطارات) دون التطرق إلى الأنفاق الأخرى التي يجرى العمل عليها الآن، وأوضح التقرير أن مساعي السيسي تهدف إلى المزيد من التضييق على حركة حماس في قطاع غزة، بإغراق الأنفاق على الحدود مع القطاع، على الرغم من أنها تجارية، ولكن الاحتلال ومصر تعملان على تدميرها بحجة أنها لتهريب السلاح.
خبير: أثيوبيا استغلت تراجع الدور المصري لإجبارها على توصيل المياه
كشف الدكتور هشام النشوي – كبير مهندسين بوزارة الري وعضو اللجنة القومية للهيدرولوجيا باليونيسكو – عن أن إثيوبيا استغلت الانقسام فى الشارع المصرى لتنفيذ المخطط الإسرائيلى لإنشاء سد النهضة، مؤكداً أن سد النهضة يهدد الأمن المائى والقومى لمصر، خاصة أن إثيوبيا تسعى لإنشاء السد بسعة تخزينية 74 مليار متر مكعب وهذا ليس بهدف إنتاج الكهرباء فقط كما يزعمون، مؤكداً أن الهدف الرئيسى من بناء السد هو الزراعة، خاصة أن السعة التخزينية لإنتاج الكهرباء فى حدود 6 إلى 12 مليار متر مكعب.
وقال النشوى في تصريحات صحفية إن إثيوبيا استغلت تراجع دور مصر الإقليمى فى المنطقة لتحل مكانها لتحقيق مصالح الكيان الإسرائيلى وأميركا فى القارة الأفريقية للسيطرة على الخامات الزراعية والموارد الطبيعية، وإجبار مصر على توصيل مياه النيل لإسرائيل بإرادتها أو عن طريق عمل سدود ضخمة فى إثيوبيا وأنفاق وتحويل مجرى النيل الأزرق لقطع شريان الحياة عن مصر وتوصيل مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق أنبوب يمر بالبحر الأحمر، وهو أحد السيناريوهات أو المشروعات التى وضعتها إسرائيل منذ 20 عاماً تمهيداً لإضعاف مصر، وإجبارها على قبول فكرة تقسيم مصر إلى 4 دويلات تبدأ بفصل سيناء عن مصر.
وتابع النشوى أن السد يمكّن إثيوبيا من نقل المياه إلى أحواض أخرى والإضرار بمصر بما يؤدى إلى نقص حصتها بنحو 12 إلى 15 مليار متر مكعب فى السنة، وتقليل كهرباء السد العالى بنسبة 30%.
السيسي يدمر الأمن القومي لمصر
ومن جانبه قال أحمد رامي – القيادي بحزب الحرية والعدالة – : “أنا لا ألوم غيرنا فى البحث عن مصلحته طبيعي أن يسعى الصهاينة لذلك ولكن ماذا كان دور السيسي؟”
وأضاف رامي في تصريح خاص لـ”رصد”، أن السيسي يتسبب فى خسائر الأمن القومى المصري لا يمكن استدراكها، هذا مثال والآخر كان توسعة قناة السويس بما يتسبب فى أضعاف القدرة على حماية سيناء حال تعرضها لاحتلال أو هجوم صهيونى، وكذلك التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير.
وأضاف رامي أن الإجراءات الثلاثة خصمت من المكانة الإستراتجية لجغرافية مصر، و هو ما يفسر الدعم الصهيونى بالرجل، بالإضافة طبعا للتضييق على قطاع غزة عامة والمقاومة فيه خاصة و التى تعتبر خط دفاع أول عن حدود مصر الشرقية.
وقال رامي إنه لا بد أن نذكر هنا أن الأمر ليس عن ضعف قدرات لمصر بل عن رضا يبلغ درجة التآمر إذ أن السيسي وقّع اتفاقًا مع الطرف الإثيوبي منح له به شرعية قانونية لبناء السد بدلا من بذل جهود لمنع بنائه سواء سياسية أو حتى عبر التقاضى الدولي.
مشروعات المياه في سيناء تؤكد المشروع
وقال الدكتور أسامة رشدي – المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية – أن هذا متوقع منذ فترة، فالسيسي يسعى دائمًا لإرضاء حلفائه في إسرائيل، ويعتقد أن رضاءهم هو ضمان استمراره، بخلاف العلاقات الدافئة بين مصر والاحتلال والتنسيق المتبادل بين البلدين والمنافع المتبادلة، حيث يعتبر النظام المصري إسرائيل شبكة كبيرة للعلاقات العامة لعبد الفتاح السيسي.
وأوضح رشدي في تصريح خاص لـ”رصد”، أن سد النهضة هو خطة إسرائيل للحصول على مياة النيل، حيث إنها تسعى للتحكم في المياه من المنبع، فهي تسعى لإحياء الاستفادة بمياه النيل من خلال إحياء مشروع السادات القديم الذي وعد به وتوقف عنه أمام معارضة كبيرة من الداخل المصري.
وقال إن مشروعات المياه التي تتم في سيناء تشير إلى أن هناك خطوات قريبة، حيث سيتم الترويج وقتها إلى أن هذا لصالح مصر، ويضمن حصتها في مياه النيل.
تحذير فلسطين
وفي سياق ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة حول ما كشفه الموقع البريطاني، وصف القيادي في حركة حماس، والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، بالضفة الغربية المحتلة، فتحي القرعاوي، هذا المشروع بأنه من أكثر المشاريع “خطورة وتأثيراً سلبياً” على القضية والمشروع الوطني منذ سنوات طويلة.
وأكد القرعاوي، أن النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي يقيم أفضل العلاقات مع الجانب الإسرائيلي، وما شهدناه من مشاريع اقتصادية مشتركة وتصريحات ثناء وشكر متبادلة، يؤكد أن المرحلة ستكون خطيرة على حساب الفلسطينيين وقضيتهم.
وذكر القيادي في حركة حماس أن إقامة مشروع لتزويد إسرائيل بمياه النيل المصرية، في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه مصر على قطاع غزة، وإغلاقها لمعبر رفح، وتدميرها للأنفاق الحدودية والتجارية، مناف للقيم والأخلاق العربية، ويصب في مصلحة المحتل.
وطالب القرعاوي الجانب المصري بالتراجع عن تنفيذ هذا المشروع؛ لما فيه من خطورة كبيرة على دور مصر في المنطقة، التي باتت تطبِّع علانيةً مع الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من كل الظروف الصعبة التي تحيط بالفلسطينيين، وهذه الخطوات السلبية ستفقدها مكانتها في المنطقة.
وكان السفير الإسرائيلي في مصر حاييم كورين، قد صرح في السابق أن العلاقة بين مصر وإسرائيل تمر في أفضل أوقاتها، وأضاف أن التعاون بين الجيشين بلغ المستوى الجيد، وخاصة فيما يتعلق بملف الأمن في شبه جزيرة سيناء.
إسرائيل تخنق مصر مائيًا
وقال الدكتور مغاوري شحاتة – رئيس لجنة الكوارث بأكاديمية البحث العلمي – إن إسرائيل تحرض أثيوبيا لإكمال سد النهضة ليس للحصول علي الماء؛ ولكن للتحكم في مياه النيل عن طريق التغلل إلي منابع النيل من خلال دولة مؤثرة مثل أثيوبيا؛ خاصة أن إسرائيل تحتاج إلى مليار متر مربع مياه فقط وتمتلك مشروعًا مائيًا.
وأضاف شحاتة في تصريح صحفي، أنه خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلي أثيوبيا تحدث عن إدارة موارد المياه؛ مما يعني إعلانه اعتزام إسرائيل التحكم في موارد المياه أي أنه قارب علي خنق مصر مائيًا.
وأشار إلى أنه سيكون هناك خبراء من إسرائيل في اللجان الفنية التي ستحدد نسبة تقسيم المياه، وأن أثيوبيا وإسرائيل عنصر واحد، حتى أن طريقة المفاوض الإسرائيلي هي نفس طريقة المفاوض الأثيوبي، بالإضافة إلي أن هناك سببًا تاريخيًا يتعلق برفض مصر توصيل مياه النيل إلى إسرائيل.
التوقيع على اتفاقية سد النهضة ضمن المخطط
وكشف عامر عبدالمنعم -الكاتب الصحفي- في مقال سابق له، أن الإصرار على ضخ الماء لسيناء في الوقت الحالي يناقض الواقع؛ فنهر النيل سيجف عند اكتمال بناء السد الإثيوبي، ولن تصل مياه الفيضان السنوية التي تخزن في بحيرة ناصر، لأن التخزين سيكون في إثيوبيا، وهذا يعني أن السد العالي سيكون خارج الخدمة، ومعه البحيرة أيضا، وكان من المنطقي أن تبحث الحكومة في كيفية مواجهة الكارثة المتوقعة لا أن تتوسع في مشروعات لنقل المياه إلى الفراغ.
وأضاف أنه عندما وافق عبد الفتاح السيسي على بناء السد الإثيوبي الذي سيتسبب في تعطيش مصر والتسليم للإثيوبيين بلا مبرر، ثم تشييد بنية أساسية لنقل المياه إلى سيناء فهمنا أنه يريد التهيئة الشعبية لنقل المياه للكيان الصهيوني، وتنفيذ ما عجز الرئيس الأسبق أنور السادات عن تنفيذه عندما أعلن عن توصيل مياه النيل لصحراء النقب والقدس من خلال ترعة السلام، لكن مع الدعوة الأخيرة بإخلاء شمال سيناء من السكان التي ظهر منها توجيه مقصود ومنظم أن الأمر أبعد من هذا، وأن الماء ليس للمصريين، وإلا من أجل من يضخ الماء إذا كان السكان سيطردون؟!.