في الوقت الذي يئن المواطنين في مصر من ارتفاع الأسعار بعد تحرير سعر صرف العملة ورفع الدعم عن المواد البترولية جزئيا، ظل المستفيدون من النظام يدافعون عن سياسات الحكومة التي وصفها متخصصون بالـ “كارثية”، ولعل آخرها هو التجهيز لإرتفاع أسعار الدواء، لصالح أباطرة السوق والشركات الأجنبية حتى تتربح من دماء المرضى.
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن الخميس الماضي تحرير سعر صرف الدولار، ليصل في البنوك إلى 13 جنيهاً كسعر استرشادي، مقابل 8.88 جنيه قبل القرارات الجديدة التي اتخذها الخميس الماضي.
وأطلق البنك المركزي المصري الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك (الانتربنك).
ورفع المركزي فائدة الإيداع والإقراض 300 نقطة أساس. وسمح للبنوك بفتح فروعها حتى التاسعة مساء وأيام العطلة الأسبوعية لتنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات العاملين في الخارج.
بعد ساعات من قرار تعويم الجنيه، رفعت الحكومة برفع سعر الوقود في إطار خطة لرفع الدعم عن الوقود.
وقال بيان صادر عن وزارة البترول إن الأسعار الجديدة تضمنت سعر لتر بنزين 95 الذي بلغ 625 قرشًا، وقد تم تحرير سعره، وبنزين 92 بلغ 350 قرشًا، وبنزين 80 بلغ 235 قرشًا، والسولار 235 قرشًا.
الصحة: الزيادة تصب في مصلحة المريض
فعلى الرغم من نفي الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة أي فى أسعار الأدوية بعد قرار تعويم الجنيه، وتأكيده على أن البنك المركزى تعهد بتوفير العملة للشركات لشراء احتياجات السوق من المستحضرات الدوائية، لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحةخالد مجاهد ألمح مداخلة هاتفية مع أحد البرامج الفضائية أن زيادة أسعار الأدوية يصب في مصلحة المريض.
الإعلام: سترتفع لا محالة
وبحسب معلومات لدى الإعلامي أحمد موسى – المحسوب على النظام- أكد فيها أن سعر الأدوية في مصر سترتفع لا محالة.
ويقول موسى، خلال برنامجه على مسئوليتي المُذاع على قناة صدى البلد : “أسعار الدواء هتزيد شئنا أم أبينا.. هتزيد بكرة أو بعده أو الشهر الجاي”.
وظل يدافع عن رؤساء شركات الأدوية، مضيفا: “رؤساء الشركات محدش هيلوي دراعهم.. هيقفلوا المصانع والحكومة بقى تستورد الدواء كله من برة”.
أما الكاتب الصحفي ممتاز القط، فيرى أنه” ليس لأصحاب شركات الأدوية ذنب في تحمل سعر الدولار، لأن نسبة كبيرة من منتجات الأدوية يتم استيرادها من الخارج”.
ويطالب “القط” خلال برنامجه على قناة “العاصمة”، أمس السبت،عن ارتفاع أسعار الأدوية، بضرورة تحريك أسعار الأدوية حتى تتناسب مع ارتفاع سعر الدولار ، مبرراً مطالبته بأنه قد تضطر بعض شركات الأدوية لتصفية أعمالها بسبب الضغط عليها في ظل زيادة سعر الدولار .
ويضيف “لما نقول أسعار الدواء لن ترتفع يبقى بنبعد عن الصواب، ونسبة كبيرة من منتجات الأدوية مستوردة من الخارج، فسيتم استيرادها بأسعار الدولار التي أعلنها البنك”.
البرلمان يقدم مقترحات
وألمح الدكتور مجدى مرشد، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إلى أسعار الدواء مطالبا الإدارة المركزية للصيدلة فى وزارة الصحة ببذل جهد كبير لمواجهة أى ارتفاعات محتملة بشكل عشوائى فى أسعار الدواء بعد قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه المصرى.
ويقترح مرشد، على وزارة الصحة بأن تصنف سوق الدواء فى مصر إلى ثلاثة بحيث يتم تخفيض أسعار الأدوية التى تربح ربحا كبيرا، ويتم رفع أسعار الأدوية التى تخسر خساره فعلية، بينما يتم تثبيت بعض الأدوية الأخرى.
شعبة الأدوية: تحرير سعر الدواء الحل
تعتزم شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إرسال مقترحًا لوزارة الصحة، لحل أزمة الخسائر المتوقع أن تتكبدها الشركات، بعد تحرير سعر صرف الجنيه، مقابل العملات الأجنبية.
محمد أشرف، أمين الشعبة، يقول إن المقترح سيتضمن المطالبة بتحرير سعر الدواء، مع تحمل الشركات المصنعة تكلفه توفير الدواء لمرضى التأمين الصحي، مشددًا على أن هذا المقترح هو أولى، ونخاط نقابة الصيادلة، وغرفة الأدوية لدعمه، عند تقديمه للوزارة.
ويصف تصريح وزير الصحة، الذي تضمن رفضه زيادة أسعار الأدوية بـ “غير المسؤولة “، مؤكدًا أن الأزمة تحتاج لدراسة متعمقة.
ويشير إلى أن الشعبة طالما خاطبت وزير الصحة، لعقد اجتماع لمناقشة أثر زيادة قيمة العملة الأجنبية، مقابل الجنيه، لكن وزير الصحة يرفض ذلك، ما يتنافى مع دوره كمسؤول عن الدواء وصحة المصريين.
كما هاجم رئيس شعبة الدواء بالغرفة التجارية الدكتور علي عوف وزير الصحة والسكان الدكتور أحمد عماد الدين بسبب تصريحاته الأخيرة بخصوص عدم زيادة أسعار الأدوية، وأضاف أيضاً أن الوزارة قد فشلت في الإنتهاء من التأمين الصحي، وأكمل هجومه قائلا: ” الوزير مش عايز يحرك أسعاره خوفاً على منصبه وكرسيه ”.
ويضيف عوف أنه إن لم تقدم الوزارة دولاراً مدعوماً لشركات الأدوية، فستزيد أسعار الأدوية بنسبة قد تصل إلى 40%، وأشار إلى أنه سوف يجتمع بغرفة صناعة الدواء مساء اليوم الأحد بهدف مناقشة الأزمة الحالية.
القابضة للأدوية: حان الوقت لرفع السعر
ويقول الدكتور عادل عبد الحليم رئيس القابضة للأدوية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، إنه حان الوقت لتحرك الدولة وإصدار قرارات برفع سعر الدواء بالتزامن مع تعويم الجنيه وارتفاع أسعار الوقود.
ويؤكد “أن تحريك أسعار الدواء أصبح ضرورة لاستمرار شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال العام”، منوهًا أن الشركة كانت تعاني من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج قبل هذه القرارات الأخيرة التي سترفع تكلفة الإنتاج.
ويستطرد عبد الحليم: أن الشركة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي؛ ولكنها تستهدف فقط تغطية تكاليف الإنتاج، إذ أن استمرار الوضع الحالي مع ارتفاع كافة مستلزمات الإنتاج يهدد القدرة على الاستمرار ويزيد من خسائر الشركات التابعة.
وعاد رئيس القابضة للأدوية ليؤكد في تصريحات صحفية: “أن استمرار شركات قطاع الأعمال العام في الإنتاج أمر ضروري لتلبية احتياجات محدودي الدخل والفقراء من الدواء، وبالتالي فليس من مصلحة أحد توقف هذه الشركات عن الإنتاج”، مشددًا أن إعادة تسعير وتوفير العملة الأجنبية شروط أساسية لاستمرار الشركات في الإنتاج بكامل طاقتها.
خبير دوائي: الصحة تعمل لصالح مافيا الشركات
الصيدلي هاني سامح الخبير الدوائي، طالب الحكومة بعدم الرضوخ لمافيا الدواء، ولمطالب إلغاء التسعيرة الجبرية وتحرير أسعار الدواء.
ويوضح سامح أن وزارة الصحة والإدارة المركزية للصيدلة على مدى الخمسة عشر سنة الماضية كانت تعمل لصالح مافيا الشركات بما تسبب في أرباح خرافية لتلك الشركات حيث تم تسعير أغلب المستحضرات المملوكة لأباطرة الدواء والشركات الأجنبية بأسعار مرتفعة مخالفة للقانون تسببت في تربيح تلك الشركات من دماء المرضى.
ويحذر سامح، في تصريحات صحفية، الحكومة ووزارة الصحة من أي انتهاك لقانون التسعير الجبري وتحديد هامش الأرباح رقم 163 لسنة 1950 والقانون 113 لسنة 1962 بخصوص تنظيم استيراد وتصنيع وتجارة الأدوية والمستلزمات والكيماويات.
ويقول الخبير الدوائي، بأن مافيا الشركات بدأت حملة إبتزاز ضد الدولة والمواطنين هدفها تعظيم أرباحها وطالب الصيدلي هاني سامح الحكومة ووزارة الصحة بوضع قائمة بأسعار الخامات وأسعار الأدوية في دول مثل الهند ومقارنتها بأسعار الأدوية الخاصة بأباطرة الدواء والشركات الأجنبية قبل اتخاذ أي قرار ضد مصلحة المريض المصري.
كما كشف “سامح” أن هناك شركة قطاع أعمال شهيرة مختصة بتوزيع وتجارة الدواء ومتهمة بالفساد في ملف ألبان الأطفال تصدرت الممتنعين عن بيع الأدوية المستوردة ( المهمة للمرضى) وحذرت موظفيها من البيع وهددتهم بالعقاب وسببت قرارها بالرغبة في تعظيم استثمارها والتربح منه (في انتظار رفع الأسعار).
ووفقا لبيانات غرفة صناعة الدواء فإن المبيعات السنوية للأدوية وصلت إلى نحو 40 مليار جنيه خلال عام 2015مشيرة إلى أن عدد مصانع الأدوية العاملة في مصر 154 مصنعا، بالإضافة إلى 50 مصنعا تحت الإنشاء.