شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل “الذات الإلهية” أقل قدرا من “الذات الطينية”؟ – سامية أنور دنون

هل “الذات الإلهية” أقل قدرا من “الذات الطينية”؟ – سامية أنور دنون
مفارقة؟...لا بل مفارقات! غريبة عجيبة لا منطق فيها ولا ذمة، أن من محظورات هذا الزمان لا بل من مهلكاته أن تذكر " الذات الطينية" بسوء أو أن تقترب منها بشيء منه!

مفارقة؟…لا بل مفارقات! غريبة عجيبة لا منطق فيها ولا ذمة، أن من محظورات هذا الزمان لا بل من مهلكاته أن تذكر ” الذات الطينية” بسوء أو أن تقترب منها بشيء منه! هذا أن كانت الذات ذات طبيعية عادية بسيطة، إذ أنك ستفح على نفسك أبواب كنت في غنى عنها، أقلها باب المحاكمة القضائية بتهمة السب والشتم أو التحقير، لتضطر غير واجل فيما بعد للاعتذار مرات ومرات حتى تغلق ذاك الباب، وتمنع رياحه النتنة عنك لترتاح وتستريح، أما إن كانت تلك “الذات الطينية” من أصحاب المقامات “الرفيعة”، والمناصب “العالية الكبيرة”، والشخصيات العامة “المرموقة”، التي تنحني لها القامات “القصيرة”، وتحيط بها “بطانات السوء”، وتسير لخدمتها آلاف ” الزبانية”، ويقف على باب قصورها المئات من “كلاب الحراسة البشرية”، فيعد ذكرها بسوء هو أشبه بعملية انتحارية مصيرها جهنم وبئس المصير!!

تخيل معي ” أن كان التخيل مسموح في هذا المضمار؟”، لو أن أحدا لا زال في “كامل قواه العقلية”، أقدم على رسم كاريكاتور كرتوني لرئيس دولة أو ملك من الملوك وهو يقف على باب بيته يطلب منه الأذن بالدخول، فيطلب منه صاحب الرسم الكرتوني أن يذهب لينظف الأطباق المتسخة، ويقوم على خدمته، وأن يظل خارج الغرفة تحت الطلب ورهن الإشارة!! فهل من شك لدى أحد بأن هذا الانتحاري ” المجنون” سيوارى تراب قبره بعد ساعات معدودات كحد أقصى من نشر هذا الرسم الكرتوني المسيء؟ هذا إن استطاع نشره ووجد “مخبول” آخر غيره يشد على يده! وإن كان الله “عز وجل” قد كتب له في اللوح المحفوظ عمر مديد وحياة أطول ” رغم أنف العالمين”، فلا شك أنه سيتمنى الموت الف مرة من هول ما ستراه عيناه ” إن ظل له عينين! “، وما ستسمعه أذناه ” إن ظل له أذنين!”، أما أن يكون المقصود بهذا الرسم الكرتوني “المشينة والبذيئة” هو “الذات الالهية” عز وجل مقامها، وأن يتطاول كل “زنديق” على وصف الله “عز وجل” بكل ما لا يليق به، فهذا أمر في قوانين حياتنا “المختلة”، وفي عرف تقدمنا الفكري ” المتخلف”، أصبح يسمى حرية رأي، ونبراس علم، ولغة تعبير! وأمر طبيعي لا غضاضة فيه! بينما يعد مجرد التلميح بسوء ولو من بعيد جدا لأي “ذات طينية” من الرؤساء أو القادة جريمة عظمى يستحق فاعلها الحبس والإذلال إن لم يكن الإعدام شنقا بعد أن يكون قد نال ما نال من التعذيب والتنكيل كما جرت العادة في بعض الدول!

بهذه الناصية الكاذبة الخاطئة، وهذا النهج الضال المضل أصبح العالم بأسره ينادي غير خاجل ولا واجل!   لا بل وصل الأمر إلى ما هو أدهى من هذا وأمر! وهو تخصيص مساحات عريضة في الصحافة المكتوبة، وفتح فضاء واسع فسيح في القنوات الاعلامية، لاستضافة كل “رويبضة أو رويبض” وكل “حقير” للحديث عن ” الذات الالهية” بأسوأ العبارات ووصفها بأحقر الأوصاف، بينما لا يجرأ أيا من هذه القنوات أو الجرائد على مجرد الإساءة لأصحاب السلطة والنفوذ من “الذات الطينية”! فبأي لسان كاذب بربكم تتحدثون؟؟ وبأي مكيال أخرق تكيلون؟؟

قال “عز وجل” في كتابه الحكيم بسم الله الرحمن الرحيم ” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان” صدق الله العظيم، أي أن الطريق إليه ” عز وجل” لا يزيد على أن نتجه بجوارحنا لله ونقول  “يا الله” و “يا رب” بلا مقدمات ولا وسيط، وهو الواحد القهار ذو الجلال والاكرام، بينما الطريق إلى علية القوم أصحاب “الذات الطينية” مثلنا، هي أصعب بكثير من بلوغ قمة جبال الهمالايا بلا حبال، والحديث معهم ” إن جرى حديث وهيهات يجري!” لا يكون بلا مقدمات تبجيلية وتعظيمية وألقاب تفخيميه تتجاوز في عددها عدد كلمات مقدمة ابن خلدون للوصول الى اسم الرئيس وهي” الذات الطينية”.

ان وجوب احترام حرية الرأي والتعبير هو أمر لا خلاف فيه ولا جدال، أما أن يتحول الرأي إلى إساءة فجة وصريحة ل ” الذات الألهية”، وتحقير للرموز الدينية والمقدسات، ثم تجد بعض المتشدقين تتعالى ألسنتهم بالدفاع عنه ومطالبة المجتمع بتقبله والتغاضي عنه، والتصدي لكل غيور على دينه أو أي مستهجن لهذه “الدناءة”، واعتباره “رجعي الفكر” تحت مسمى “حرية الرأي” فهذا أمر جل خطير ولا يمكن السكوت عليه، ف “الذات الإلهية” ليست مرتع لمن لا مرتع له! كما أنه ليس من المعقول أن نطلب ممن يسب دينه جهارا نهارا! ومن تهان مقدساتها ليل نهار، ومن يساء إلى إلهه أن يقف كالصنم مكتوف اليدين تحت شعار “الديموقراطية”! بغض النظر أن أكانت صادقة أو غير صادقة، فالمساس ب ” الذات الألهية” أمر مرفوض البتة تحت أي شعار وأي مسمى، ولا بد من الضرب بيد من حديد على كل متطاول عليها احتراما وتقديرا لها، وهذا لا يعني بالتأكيد بأن تكون الرصاصة في مقابل الكلمة، ولكن يعني أن يحفظ ” للذات الإلهية ” قدرها وأن يعاقب كل من يسيء اليها بعقوبة رادعة مانعة متوافقة مع مدى اساءته، والنظر إلى هذه الإساءات بالعين الصحيحة لا بالعوراء، في حين أن الكثير يزج بهم في غياهب السجون من وراء قصيدة أو مقال أو كلمة في حق “ذات طينية”!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023