شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كفاية احتواء.. ماتبسطهاش أكتر من كده

كفاية احتواء.. ماتبسطهاش أكتر من كده
إلى السيد عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية بأمر الدبابة والبندقية

إلى السيد عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية بأمر الدبابة والبندقية..

ما دفعني لكتابة هذه الرسالة القصيرة لك هو ظني ويقيني أن حرية التعبير في عهدك لم نشهد لها مثيلا، مثلما ذكرت في حديثك الأخير مع مذيعة “بي بي سي”.

وعذرًا إن كانت كلماتي تفتقر إلى اللياقة الخطابية، فأنا أعترف لك أنني لم أتعلم بعد آداب السلوك؛ أي التزلف والتملق ومحاكاة الثعابين في المراوغة.

أعلم جيدًا أنك مُصدق لكل ما تقوله وتدّعيه بشأن حرية التعبير في عهدك، ولا عجب في ذلك إن كنت تعتبر نفسك كما وصفتها بأنك طبيبًا خلقه الله لإنقاذ مصر، والتي كادت أن تهوي لولاك، وذلك عقب حِلم ساعة الأوميجا.

لقد تناثر إلى مسامعنا قبل أيام قليلة عزم مؤسسة الرئاسة “احتواء شباب 25 يناير”. وقبل أن أشرع في مناقشة كلمة “احتواء” وما تحتويه من معانٍ وعبارات، دعني قبل كل ذلك أُصارحك بما أعتقده وأظنه في حُكمك وعهدك، بصفتي مواطن مصري أولًا، ومن شباب 25 يناير ثانيًا؛ حتى يمكنك أن تتعرف على هؤلاء الشباب قبل أن تحتويهم.

ولكي أصدقك القول يجب أن تعرف أولًا أن شباب يناير منذ عهد مبارك، وهم دائمًا مُحتوون، ومن كثرة الاحتواء والذي بلغ ذروته في عهدك، الجميع أصابه تسلخات هذا الاحتواء، مما جعلنا جميعًا نسير وفي أيدينا مراهم مضادة للاحتواء، وظللنا نتحسس “أقدامنا” عند سماعنا لكلمة احتواء، داعين الله “كفاية احتواء ما تبسطهاش أكتر من كده”.

أما إن كُنت مُصِرًا على احتوائنا فدعني أدُلك على الذي يجب أن تحتويهم، وأوفر عليك عناء البحث عنهم. ستجدهم في مكانين لا ثالث لهما، اذهب إلى “القبور” المتناثرة في جميع محافظات مصر واستدعي الشهداء الذين احتويتهم قتلًا وغدرًا بالرصاص، اذهب إلى سُندس وشيماء الصباغ، عناوينهما معلومة للجميع، اذهب وتحدث إليهما فهما وحدهما من يمثلان شباب 25 يناير. أما إذا تعذر وصولك لمقابرهما، فأرجو منك أن تصطحب معك وزير داخليتك وتذهب في زيارة قصيرة إلى سجونك ومعتقلاتك، ستجدهما هناك.. نعم شباب 25 يناير الذين احتويتهم ظلمًا وقهرًا في سجونك منذ أن احتويت أنت السلطة، اذهب وتحدث إليهم مع ما تبقى منهم من احتواء.

أعلم جيدًا أن واقع كلماتي ثقيل للغاية ولكني لست من كُتاب أعمدة صحفك التي تُسبح بحمدك، وتُنشد لك قول ابن هانئ في مَلِك مصر المعز لدين الله الفاطمي، “ما شئت لما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار.. فكأنما أنت النبي محمد.. وكأنما أنصارك الأنصار”، ولا من وعاظك من شيوخ السلاطين الذين يعتبرون أن الله ابتعثك لحكم مصر مثلما ابتعث وأرسل من قبل موسى وهارون، ولا من قساوستك حاملي مباخر النفاق والرياء الذين يذوبون حبًا في جمال منظرك وجمال هيئتك، وبالطبع لن تسمعها من أبواق إعلامك الذي بات في عهدك أشد خداعًا وأكثر كذبًا ونفاقًا.

دعني أصارحك بما أعتقده وأظنه في عهدك وحُكمك، الذي يفوق عهد مبارك وعبدالناصر مجتمعين، لقد تفوقت عليهما بسنين ضوئية في الديكتاتورية وكبت الحريات، في البطش والتنكيل، واعتقال وقتل المخالفين والمعارضين. وظفت إعلامك ليسير على نهج إعلام غوبلز، “وزير إعلام هتلر” في اتهام المعارضين بأنهم خونة وعملاء، ويريدون أن يُفتتوا الجيش، تشرزم المصريون وتفرقوا، حتى رأينا في عهدك الأم وهي تُبلِغ عن فلذة كبدها لأنه مُعارض لحكمك، وتعتقد بذلك أنها تُقدم خدمة جليلة للوطن.

في عهدك أصبحت مصر أم الدنيا أضحوكة كل الدنيا، قمعت كل صوت يغرد خارج حظيرة نظامك، وبات المعارضون لحكمك إما في السجون أو في القبور، أو ملاحقون بالدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم، أو مهاجرون خارج حدود الوطن لعدم التنكيل والبطش بهم.

أنت تواصل ادعاءاتك في ذروة انتهاكاتك.. لذا أرجو منك أن تخف احتواءك قليلًا، لأن هناك آلاف المعتقلين يعانون من ويلات الاحتواء. ولن يكون الصحفي إسماعيل الإسكندراني آخر من احتويتهم، ولا الطفل محمود محمد الذي تم احتواؤه بسبب تي شيرت مدون عليه عبارة “وطن بلا تعذيب” لأكثر من 700 يوم احتواء، أو الطالب محمد الإمام المحتوَى منذ أكثر من 580 يوما دون تهمة.. ولو ذكرت لك أسماء من احتويتهم من جميع التيارات السياسية ظلمًا، سنحتاج إلى آلاف المجلدات، لذا إن كان هذا الاحتواء في عُرفك وفي مفهومك، أرجوك كفاية احتواء لحد هنا ما تبسطهاش أكتر من كده.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023