رغم تعويل الدولة كثيرًا على الكنيسة المصرية، وتصريحات البابا تواضروس المستمرة عن تدخله في ملف حوض النيل وسد النهضة، والتوقع بأن تكون الكنيسة طرفًا رئيسيًا في المفاوضات بين مصر وإثيوبيا؛ لما لها من مكانة كبيرة في إثيوبيا، إلا أن الكنيسة لم تحقق أي شيء يذكر في قضية سد النهضة، وأنه تم الانتهاء من بناء نصف سد النهضة دون تحرك فعلي من الكنيسة أو أية نتائج إيجابية على الأرض.
الكنيسة تتواصل مع إثيوبيا
وفور تولي عبدالفتاح السيسي الرئاسة، أعلن البابا تواضروس عن دور الكنيسة في ملف سد النهضة، والتأكيد علي تواصلها مع الكنيسة في إثيوبيا والمسؤولين، على عكس تصريحاته خلال حكم الرئيس محمد مرسي والتي أكد فيها أنه ليس للكنيسة أي دور في هذا الملف.
وأثارت تصريحات البابا تواضروس، أمس، حول زيارته لإثيوبيا، وعدم إدراج ملف حوض النيل ضمن برنامج الزيارة، غضب الكثير من النشطاء الذين كانوا يتوقعون دورًا كبيرًا للكنيسة في هذا الملف.
تواضروس يتجاهل ملف السد
ووصف بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، زيارته التي بدأت السبت إلى إثيوبيا، بأنها زيارة “كنسية” في المقام الأول.
وقال تواضروس -في حوار مع صحيفة “الأهرام”، السبت- إن الزيارة تأتي للاحتفال بـ”عيد الصليب”، وهو أكبر الأعياد الإثيوبية، كما أنها تأتي “ردًا على زيارة بطريرك إثيوبيا متياس الأول إلى مصر، في يناير الماضي، وتواصلًا للمحبة بين الكنيستين المصرية والإثيوبية”، على حد قوله.
ولم يعط تواضروس إفادة واضحة حول مدى إمكان تدخله في ملف “سد النهضة”، الذي يثير التوتر بين مصر وإثيوبيا حاليًا، مكتفيا بالقول إن “الإحساس الوطني وعلاقة الكنيستين يدفعني من أجل وجود حالة من التوافق بين البلدين”، دون أن يحدد المقصود بعبارته هذه.
وأضاف “أرى أن روح الحوار والاحترام تسود علاقات مصر وإثيوبيا الآن، وأن الحوار هو الوسيلة الأمثل في حال وجود أي وجهات نظر مختلفة”، وفق قوله.
وبدأ تواضروس، زيارة هي الأولى له إلى إثيوبيا، السبت، تستغرق خمسة أيام، وسط استقبال حافل له، برئاسة بطريرك إثيوبيا متياس الأول.
وعاد تواضروس من زيارة إلى السويد والدنمارك، الثلاثاء الماضي، في حين يزور الولايات المتحدة منتصف أكتوبر المقبل.
وذكر المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، القس بولس حليم، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، السبت، أنه كان في استقبال البابا والوفد المرافق له في المطار السفير المصري في إثيوبيا ومساعديه، وعدد كبير من العاملين في السفارة المصرية هناك، بالإضافة إلى سفير إثيوبيا في القاهرة، وعشرة من المطارنة، وأعداد كبيرة من الكهنة، والأقباط المقيمين هناك.
ويرأس تواضروس “قداس” صباح الأحد، ويشارك في احتفالية “عيد الصليب”، التي تبدأ في الثانية ظهرًا، وتنتهي في السابعة مساءً، بحضور قيادات الدولة بإثيوبيا، وآلاف الإثيوبيين.
نشطاء ينتقدون البابا
وانتقد ناشطون، عدم تطرق البابا لأزمة “سد النهضة” خلال زيارته، وطالبوه بأن يعيد النظر فى أجندتها، وأن يضع هذا الملف ضمن أولوياته، مؤكدين أنه ليس المطلوب منه أن يستجدي الإثيوبيين بتفهم المطالب المصرية، لكن أن يشرح لقادة الكنيسة الإثيوبية خطورة القضية للشعب المصري، وصعوبة أن يفرّط في نصيبه من مياه النيل.
وكان منسق العلاقة بين الكنيستين المصرية والإثيوبية، الأنبا بيمن، استبق الزيارة بالقول إنها لا علاقة لها بالوضع السياسي، ولن تتطرق لأية أبعاد سياسية، موضحًا أن برنامجها سيتضمن زيارات للأماكن السياحية “المسيحية” في إثيوبيا.
وكان البطريرك الإثيوبي، متياس الأول، بعث برسائل غير مباشرة، إبان زيارته للقاهرة، في يناير الماضي، تدعم عدم التداخل بين الكنيسة والدولة بشأن أزمة سد النهضة، مشيرًا إلى أن ملف السد بين أيدي لجنة خبراء، وأن الكنيسة لا تتدخل في هذا الشأن.
مضيعة للوقت
وفي وقت سابق، ذكر تقرير لموقع “مونيتور” الأميركي، أن “اللجوء للكنيسة أو المؤسسات الدينية في الوقت الراهن لحل الخلاف المستمر حول مياه النيل مضيعة للوقت، ولن يكون سببًا في دفع المفاوضات إلى طريق الحل”، وفق التقرير.
تواضروس تنصّل من مسؤوليته أيام مرسي
وكان تواضروس، قد صرح، خلال حكم الرئيس محمد مرسي، أن أزمة مياه النيل بين مصر وإثيوبيا تتعلق بحكومات ودول، وأن الكنيسة لا دخل لها بها، وأن ترديد اسم الكنيسة في هذه الأزمة يُعد نوعًا من “الخبث”، حتى يشعر الشارع بأن الكنيسة في يدها الحل، وهي التي تمتنع، وهو ما ليس حقيقيًا، وفق قوله.