رصد موقع ميدل إيست بريفنج، في تقرير له ظاهرة قال إنها انتشرت خلال العام الفائت في منطقة الشرق الأوسط، وتتمثل في: انشغال معظم الدول ببناء الجدران على الحدود؛ ظنًا منها أنها يمكن أن تجلب الأمن، مؤكدًا في النهاية أن الحرية وليس الجدران، هي التي تستطيع تحقيق ذلك.
بين مصر وغزة
قررت القاهرة في يوليو 2014 إقامة جدار أمني على حدودها مع غزة بناء على اعتقادها أن الأنفاق تستخدم لتهريب السلام إلى فرع تنظيم الدولة في سيناء.
بين تونس وليبيا
بعدها بعام، عقب هجوم سوسة الذي أودى بحياة 38 سائحًا؛ أعلن رئيس الوزراء التونسي خططا لبناء جدار على حدود بلاده مع ليبيا، إثر اكتشاف أن الجاني تلقى تدريب في ليبيا.
بين السعودية واليمن
بدأت الشركات السعودية في أبريل الماضي بناء جدار على حدود المملكة مع اليمن، يمتد بطول 1100 ميلا ويبلغ ارتفاعه عشرة أقدام، ومزود بأجهزة استشعار للحركة وكاميرات.
بين السعودية والعراق
قررت الرياض في وقت سابق من هذا العام بناء سياج آخر على حدودها مع العراق. ورغم أن طوله لا يتعدى 600 ميل، إلا أنه أكثر تعقيدًا من الجدار الجنوبي، حيث يحتوي على بوابات إلكترونية وأجهزة استشعار عن بعد وكاميرات مراقبة.
بين الأردن وسوريا والعراق
بدأ الأردن في بناء “جدار ذكي” على حدوده مع سوريا والعراق، عقب سيطرة تنظيم الدولة على صحراء البلدين. ولا يزال العمل مستمرا على طول الحدود.
بين إسرائيل والأردن
اتخذت إسرائيل قرارا في يونيو الماضي ببناء جدار على حدودها مع الأردن، وسوف يتم التنفيذ في العام المقبل. ولدى إسرائيل تجربة مبكرة في هذا السياق من خلال بناء الجدار الذي يفصلها عن الفلسطينيين في الضفة الغربية.
بين تركيا وسوريا
قررت تركيا في أغسطس 2014 بناء جدار على حدودها مع سوريا. يقع الجزء الأول من الجدار إلى الجنوب مباشرة من بلدة ريحانلي التركية، وهو قيد الإنشاء حاليا.
احتمالات مستقبلية
قال الموقع في تقريره: “نأمل ألا يكتشف أنصار نظرية المؤامرة- وهم كُثُر في الشرق الأوسط- وجود علاقة خفية بين شركات البناء وتنظيم الدولة”، مبينا أن هناك احتمالات مستقبلية لتوسيع رقعة هذه الأعمال: جدار يقسم ليبيا بين شرق وغرب. وجدار يقسم سوريا بين غرب وبقية البلاد. وجدار يقسم العراق بين وسط وجنوب. وجدار يقسم اليمن بين جنوب وشمال. متسائلا: “هل بقيت أماكن أخرى؟!”.
الوحدة العربية!
وأوضح التقرير أنه قبل أقل من 60 عاما، كان العرب يغنون ويتظاهرون في شوارع معظم العواصم من أجل “الوحدة العربية”. وبالفعل أعلن عن الجمهورية العربية المتحدة قصيرة الأجل في عام 1958؛ ما جعل مصر وسوريا بلدا واحدان وامتلأت موجات الأثير بوابل من الخطب حول “مصير واحد.. شعب واحد.. أمة واحدة”، لكن الآن، أصبحت الجدران تبنى في كل مكان. لكن الأكثر أهمية ليس هذه الجدران المصنوعة من الطوب والإسمنت، ولكن تلك الجدران التي لا تُرى على الإطلاق. الجدران التي بنيت حول عقل كل مواطن في العالم العربي.
مفتاح الأمان
واعتبر التقرير أن هذه الجدران، الظاهرة والخفية، ليست سوى انعكاسات لسعى الدول العربية لتحقيق أقصى قدر من الأمان. لكن هل توفر هذه الجدران الأمان حقا؟.
وأشار التقرير إلى أن هذه الجدران لم توفر الأمان لمبارك في مصر، ولا لبن علي في تونس، ولا لصالح في اليمن، ولا للقذافي في ليبيا، ولا للأسد في سوريا.
وتسائل قائلا: “هل تستطيع الجدارن الأمنية، ومعدات التنصت، وبرامج التجسس، وقف الأفكار؟”، مجيبا: “الأفكار لديها قدرة مذهلة على اجتياز الجدران، وعبور الحدود، والمرور بنقاط التفتيش، والتملص من أجهزة الكشف عن المعادن، والسخرية من المسئولين والمعدات الأمنية الأكثر تطورًا، لذا لا توجد قوة سياسية بإمكانها هزيمة الأفكار مهما بلغت قوة وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرتها”.
واختتم التقرير بقوله: “النقطة المركزية التي قد تُحَسِّن الأمن، هي: السماح بإجراء نقاش اجتماعي في مناخ حر.. حرية حقيقية؛ لأن التوافق الاجتماعي يُبنى على الخيارات الحرة”، مبينا أنه يوجد خياران فقط للمنطقة هما:
(1) إما أن نشهد إجماعا على طراز كوريا الشمالية؛ حيث يتحدث القائد العظيم المحبوب بالنيابة عن كل مخلوق على وجه البسيطة.
(2) أو نتوصل إلى إجماع حقيقي، يحدث فقط بين الشعب الذي يمتع بالحرية.