ما زالت الثورة المصرية التي انطلقت في يناير 2011، تثير شجون كل من عايشها وشهدها، ليس فقط المصريون، ولكن أيضًا من الغربيين الذين حضروا الأيام الأولى للثورة في التحرير، لدرجة أنها سيطرت على بعضهم حد العشق، وتمنى -كالمصريين جميعًا- أن تتحقق آمالها.. من بين هؤلاء الكاتبة البريطانية ويندل ستيفنسون “44 عامًا” التي كانت في فلسطين وقتئذ، وسارعت إلى استقلال طائرة متوجهة إلى القاهرة لتلحق بركب الثوار، وتسطر كتابًا أسمته “التجول في الميدان: قصص من الثورة المصرية”.
في البدء كانت الفرحة للتخلص من الدكتاتور مبارك، لكنها للأسف سرعان ما تحولت إلى نهاية محزنة، بتولي السيسي، وهو رجل عسكري آخر تحول فجأة لسياسي، الرئاسة، حسب صحيفة “واشنطن تايمز”.
الصحيفة الأميركية أضافت “أحد أكثر الفصول الهامة في الكتاب، هو ما يروي الكثير من الأعمال الفاسدة التي ارتكبها النظام القانوني في مصر”، مشيرًا إلى “أن الكتاب غالبًا ما يخلف انطباعات شخصية من لمسة كاتبة ذكية وعاطفية للغاية بعدما صعدت موجة الثورة المصرية العالية ثم تحطمت وانحسرت وتركت البلاد مرهقة وأسوأ بكثير مما كانت عليه، على الأقل حتى الآن”.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، “أن ميدان التحرير في ثورة 2011 تحول إلى مدينة فاضلة؛ حيث قُرئ الشعر، وحدث تضامن تطوعي بين المسلمين والمسيحيين، وأظهر المحتجون -معظمهم من الشباب- شجاعة ومثالية”، مستدركة “لكنهم لم يكونوا ذوي خبرة سياسة لذلك لم يكن لديهم كثير من الخطط بعد الإطاحة بمبارك، وبعد أربع سنوات، تولى الحكم الجنرال السيسي، وأعاد أعضاء الإخوان إلى السجن والعديد من الناشطين العلمانيين، فضلًا عن تجريم المعارضة السياسية، حتى باتت البلاد أسوأ حالًا مما كانت عليه إبان عهد مبارك”.
وتنقل الصحيفة من كتاب ستينفنسون التي كانت لا تهتم باللاعبين الرئيسيين في مصر: الإخوان والجيش، فتقول: “لم أكن أحب الإخوان، فهم يعتمدون على السمع والطاعة والتسلسل الهرمي، ويطردون المعارضة ويتحاشون المناقشة والأسوأ من ذلك، لم يكن لديهم أي أفكار خاصة بهم”، أما بالنسبة لرجال الجيش فنقلت عن أحد زعماء المعارضة البارزين قوله: “إن الجيش صندوق أسود”، ولم تضف الكاتبة عليه أكثر أو أقل، فقد كان حوارها مع ضابط المخابرات العسكري “قصيرًا”.
ورأت الصحيفة الأميركية أن كتاب ستيفنسون اعتمد على وجهة نظر الثوار غالبًا لذلك لم تقدم إجابات على الأسئلة الكبيرة حول الثورة وخاتمتها التي لم تأت بعد”، موضحة “نظرًا للخسائر الكثيرة التي تكبدها الإخوان، لماذا وافقت الجماعة على مرشح للرئاسة؟ ومن هو المسؤول عن القرارات السيئة الكارثية التي اتخذها أعضاؤها منذ وصولهم للسلطة؟ كيف كان تآلف الجيش المصري فكريًا أو عبر الأجيال، وهل سيكون له تأثير كبير على طموحات السيسي السياسية؟”.
من جانبها، وصفت صحيفة” لوس أنجليس تايمز” الأميركية، الطريقة التي كتبت بها ستيفنسون الكتاب كما لو أنها نابعة من وقوعها في حب الثورة المصرية، مستشهدة بقولها: “من المفترض بي كصحفي أن أكون غير متحيز نهائيًا، لكني أعترف أنني آملت أن تتحقق بعض أمنيات وآمال الثورة المصرية. لقد فتنت تمامًا بها وناصرتها وتحمست لهذه الثورة، لا سيما خلال الـ18 يومًا في ميدان التحرير وروح الثوار، وهذا النوع من الحماس، وأن تسيطر علينا فكرة أننا نستطيع العيش في مجتمع أفضل وأكثر عدلًا”. واستدركت قائلة: في الوقت الراهن “بدا كل شيء قوي للغاية، وأؤمن أنه كان حقيقيًا تمامًا، لكن لم يمكن تحقيقه”.