أثارت تصريحات المهندس إبراهيم محلب، رئيس وزراء النظام المصري، حول سد النهضة، العديد من ردود الأفعال الغاضبة، متهمينه بالتخلي عن حقوق الشعب المصري في مياه النيل وتضليله.
وصف خبراء، تصريحات محلب التي أدلى بها، أمس الثلاثاء، خلال لقائه الجالية المصرية في غينيا الاستوائية، بأنه “لا خوف من بناء سد النهضة”، بغير المسؤولة، وممكن أن تستغلها إثيوبيا للإسراع في بناء السد.
كارثية السد
استنكر الدكتور صبري عبدالمنعم، الخبير المائي ووكيل وزارة البيئة السابق، تصريحات رئيس الوزراء، مؤكدًا أنها تصريحات غير مسؤولة وتضر بمصلحة مصر.
وقال -في تصريح خاص لـ “رصد”-: إن سد النهضة له تأثير كبير على مصر، من حيث كمية المياه القادمة لمصر ونوعيتها، كما أنه يمثل خطرًا حقيقيًا لأنه مبني على ربوة في منطقة شديدة الزلازل ومعامل الأمان له بين سدود “أ” مما يعني أنه يمثل خطورة حقيقية، ولو حدث زلزال وسقط السد فإن تأثيره على السد العالي مدمر مما يؤدي إلى طوفان يضر بمصر؛ بسبب كمية التخزين الكبيرة في سد النهضة والسد العالي والتي يصل مجموعها إلى أكثر من 200 مليار متر مكعب.
وأشار صبري، إلى أن سد النهضة سيكون له أضرار بالغة على الأراضي الزراعية في مصر، وستتناقص المساحة المزروعة إلى مليون فدان، كما ستقل كفاءة توليد الكهرباء بنسبة 40%.
إثيوبيا تسغل التصريحات
ومن جانبه، استنكر الدكتور نادر نور الدين، عضو لجنة حوض النيل وأستاذ الموارد المائية والري، التصريحات التي أدلى بها إبراهيم محلب.
وقال “نور الدين”، في تصريحات صحفية، إن إثيوبيا ستستغل تلك التصريحات للترويج للسد وجلب مزيد من التمويل للإسراع في بنائه وإفقار مصر مائيًا، منوهًا بأن تلك التصريحات تشبه تصريحات سلفه حازم الببلاوي، والتي أشاد فيها بسد النهضة، وأنه مفيد لمصر ولدول حوض النيل.
وأوضح أن تصريحات محلب متناقضة؛ لأنه ذكر أن هناك لجانًا فنية تعمل لتقييم سد النهضة، وفي الوقت ذاته نوه بأنه لا خوف على مصر من سد النهضة، مشيرًا إلى أن سد النهضة سيكون له أضرار بالغة.
ولفت الى أن المشكلة ليست في السد الحالي فقط، لكن الأزمة الحقيقية هي أن إثيوبيا تنوي بناء 5 سدود أخرى لحجز 200 مليار متر مكعب.
ووصف تصريحات محلب بـ”غير الإيجابية”، وفي غير صالح مصر، ومتهورة، وأن السودان ضغطت على مصر للموافقة على بناء السد، مضيفًا، أن المفاوضات تسير حاليًا بشكل “اثنين ضد واحد”، السودان وإثيوبيا ضد مصر، والمستفيد الأول منها إثيوبيا على حساب الفقراء من المصريين.
إعلان فشل المفاوضات
استنكر رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور هاني رسلان، تصريحات محلب، مؤكدًا أنها تسليم بما تفعله إثيوبيا.
وأضاف رسلان “كان من الأجدى لمصر أن تعلن فشل المفاوضات الخاصة بسد النهضة”.
وتابع: “ما يحدث تعمية وتضليل للرأي العام المصري، وتعتيم على حقيقة الوضع، وهو ما يعبر عن الفشل الكامل في إدارة الأزمة”.
تويتر
دشن عضو حزب المصريين الأحرار، القيادي السابق بحملة السيسي للانتخابات الرئاسية، الدكتور حازم عبدالعظيم، هاشتاج عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أمس الثلاثاء، تحت مسمى “حكومة العواطف”.
وسخر عبدالعظيم -في تدوينته التي كتبها داخل الهاشتاج- من تصريحات محلب التي قال فيها إنه لا خوف من سد النهضة، وإنه لا أحد يستطيع أن يحجب الشمس عن مصر، قائلًا: “إيه اللي جاب النهضة جنب الشمس؟!”.
وقال محلب -في لقاء مع الجالية المصرية بمقر السفارة المصرية الجديدة في غينيا الاستوائية، أمس الثلاثاء- إن مشروع سد النهضة الإثيوبي تتم مراجعته بمشاركة مصرية وخبرات عالمية، بما يحقق مصالح دول حوض النيل دون أي نقص أو زيادة، مؤكدًا أنه لا خوف من بناء السد لأن مصر تعمل بإيجابية، وفق قوله.
شدد وزير الموارد المائية والري، حسام مغازي، اليوم الأربعاء، أمام اجتماعات الجولة السابعة لمفاوضات سد النهضة، التي بدأت في العاصمة السودانية الخرطوم، على “أهمية عامل الوقت، وبدء إعداد الدراسات الخاصة بسد النهضة، في أقرب فرصة ممكنة، على أن يتم إنهاء العملية الحالية طبقا لخارطة الطريق المتفق عليها بين مصر والسودان وإثيوبيا”.
اجتماعات شكلية
الخبراء أكدوا أن هذه الاجتماعات شكلية؛ لأن الأزمة الحقيقية تتمثل في أن إثيوبيا تحاول فرض شروطها على مصر.
وشددوا على أن مسار المفاوضات حاليًا متأخر جدًا، وفي صالح إثيوبيا، التي تسرع من خطواتها في بناء السد، لفرض أمر واقع على مصر.
وأضافوا أن هذا المسار غير مجد وشكلي، وسيصل إلى الانتهاء من بناء السد بالمواصفات التي تريدها إثيوبيا، دون النظر إلى الأضرار التي ستلحق بدولتي المصب.
تفتتح إثيوبيا المرحلة الأولى من سد النهضة خلال شهر أغسطس المقبل.
وقال مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية في إفريقيا، بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، عباس الشراقي، إن أديس بابا تمارس تعتيمًا شديدًا بشأن سد النهضة، وفي سبيل هذا تحاول إضاعة الوقت للاستفادة من إتمام المرحلة الأولى.