اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في نيويورك، عصر الإثنين، بشكل نهائي، مركز العودة الفلسطيني ومقره لندن كمنظمة غير حكومية تتمتع بالصفة الاستشارية في الأمم المتحدة، وهو القرار الذي اعتبره رئيسه ماجد الزير، في حديث لشبكة “رصد”، يومًا تاريخيًا ونصرًا لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى بلادهم التي هجروا منها عام 1948.
فيما اعتبرت القناة الثانية الإسرائيلية، القرار هو إنجاز دولي لحماس؛ على اعتبار أن المركز تابع لها.
ويعتبر المركز أول مؤسسة فلسطينية تتبنى الدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين تنال مثل هذه الوضعية الدولية والتي جاءت بعد رفض المجلس المكون من 54 دولة، مشروع قرار تقدمت به “إسرائيل”، يطلب عدم منح المركز الفلسطيني الصفة الاستشارية، وهي توصية من قبل لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة والتي تقررت الشهر الماضي.
ونتيجة لعدم وجود توافق على الادعاءات الإسرائيلية، فقد أحال رئيس المجلس مشروع القرار الإسرائيلي للتصويت، إلا أنه فشل في إحراز الأصوات المطلوبة لتمريره؛ حيث صوتت ١٦ دولة ضد القرار منها روسيا والصين والبرازيل جنوب إفريقيا وإيران والدول العربية الأربعة، وأغلب دول الكتلة الأميركية اللاتينية، فيما صوتت ١٣ دولة لصالح مشروع القرار منها الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، فيما امتنعت ١٨ دولة عن التصويت.
وحصل المركز على العضوية بعد قرابة 5 أعوام أعاقت “إسرائيل” فيها الطلب وبثت ادعاءات ليس لها أساس من الصحة بأن المركز يدعم العنف و”الإرهاب”، وبذل اللوبي الداعم لـ”إسرائيل” والبعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في نيويورك جهودًا كبيرة من أجل تعطيل طلب المركز، كان آخرها طلب اجتماع مع الدول الأوروبية الأعضاء للتحريض على مركز العودة، لكن المحاولات باءت بالفشل.
ووضعت “إسرائيل” مركز العودة على قائمة الإرهاب حسب القانون الإسرائيلي منذ 2010، ورغم ذلك استمر المركز في الوتيرة العالية للعمل وحقق اختراقات مهمة ووصل إلى أن يحوز الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة، وفق ما يقول الزير.
أبعاد القرار
وعن أبعاد القرار، أوضح رئيس المركز ماجد الزير، في حديث لشبكة “رصد”، أن أهمية اعتماده تكمن في أنه يحمل اسم حق العودة وهذا يعني الحضور الدائم لقضية اللاجئين وحقهم في العودة لديارهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948 في أروقة الأمم المتحدة ومقراتها وجلساتها.
يعني أيضًا، وفق الزير أن الإرادة الإسرائيلية ليست دائمة نافذة وأنه بالإمكان تحقيق انتصارات عليها في المحافل الدولية وإيجاد مساحات حركة واختراقات في الاروقة الدبلوماسية، مؤكدًا ” أن المخططات الإسرائيلية يمكن إفشالها”.
وأكد أن القرار يعني أن “هناك مخزون قوة لدى فلسطينيي الشتات في الدولة التي يعيشون فيها في جميع أنحاء العالم بالإمكان توظيفها توظيفا إيجابيا بحيث تحقق مساحة عمل لصالح العدل والحق الفلسطيني”.
وشدد “الزير” على أن المركز مؤسسة مستقلة تتمتع بعلاقة جيدة مع الكل الفلسطيني، وليس لها أي انتماء أو لون سياسي.
واعتبر مدير مركز العودة الفلسطيني، النتيجة تعبير عن انحياز المجتمع الدولي للحقوق التي ينص عليها القانون الدولي، معبرًا عن خيبة أمله في الدول التي صوتت لصالح القرار رغم فشله، بالقول إنها عكست انتكاسة في مواقف دول أوروبية تعتبر من الديمقراطيات العريقة حين رضخت لضغط اللوبي الإسرائيلي واستخدمت السياسة وتوازناتها للوقوف في وجه مؤسسة حقوقية.
وأشار إلى أن النتيجة التي صدرت بالاعتماد الكامل للمركز بحكم إسقاط المجلس لمشروع القرار الإسرائيلي تعتبر إحدى أهم المحطات في سقوط البروبوغاندا الإسرائيلية ودعايتها المضللة.
وأوضح الزير، أن حديث المندوبة الألمانية بوجود أسئلة لم يُجب عنها المركز هو محاولة لتضليل الدول الأعضاء، معتبرًا أن هذا يتنافى مطلقًا مع مضمون كلمة دول الاتحاد الأوروبي التي قدمتها مندوبة لوكسمبرغ حين أشارت في بداية الجلسة إلى ضرورة وقف تعطيل طلبات بعض المؤسسات من خلال طرح الأسئلة عليها.
فشل إسرائيلي
ونوه إلى “إسرائيل” والولايات المتحدة عطلت طلب المركز لأكثر من ٤ سنوات بهذه الطريقة، مؤكدًا أن مندوبي المركز وممثليه قد أجابوا على كل الأسئلة التي طرحت وبكل الطرق والوسائل التي يعتمدها نظام اللجنة المعنية في الأمم المتحدة.
جدير بالذكر، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة يضم من بين أعضائه في الكتلة الأوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا واليونان والسويد وفنلندا، إضافة لعدد من الدول الشرق أوروبية، وقد رفضت البعثة البريطانية في نيويورك الادعاءات الإسرائيلية حول مركز العودة الذي يعَدّ مؤسسة بريطانية تعمل وفقا للقانون المحلي في المملكة المتحدة.
وكان أكثر من 100 برلماني أوروبي وبريطاني، وجهوا المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة والدول الأوروبية، مطالبة للأعضاء في المجلس ذاته بضرورة إقرار عضوية “مركز العودة” مؤسسة ذات صفة استشارية في الكيان الأممي.
وشملت عريضة الدعم التي وجهت فحواها للمجلس والدول الأوروبية، توقيعات شخصيات سياسية وأعضاء لجان ورؤساء لجان في البرلمان الأوروبي، كان من بينهم رئيس وزراء مالطا السابق وعضو البرلمان الأوروبي ألفريد سانت، بالإضافة لوزير خارجية سلوفينيا الأسبق وعضو البرلمان إيفو فيجال.
وضمت العريضة أيضًا دعمًا كاملًا من نواب حزب الشين فين الأيرلندي، سواء في برلمان الجمهورية الأيرلندية أو في البرلمان الأوروبي، ومن ضمنهم العضو المرموق جيري أدمز ورئيس ونائب رئيس الحزب، وآخرون.
كما حصل المركز على رسائل وتوقيعات من البرلمانيين البريطانيين؛ حيث بلغت 16 رسالة، طالب نص مجملها الأمم المتحدة بدعم طلب المركز بشكل فوري، وعدم الالتفات للدعاية الإسرائيلية.
ووجه النواب رسائل مباشرة لوزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند، والبارونة إيلانا المعنية بشؤون الأمم المتحدة في الخارجية البريطانية؛ حيث طالبت الرسالة بضرورة دعم بريطانيا لمركز العودة، باعتباره مؤسسة تعمل في بريطانيا منذ أكثر من 19 عامًا.
أعلن أيضًا نائب رئيس البرلمان الأوروبي “ديمتريس بابديمولوس” عن دعمه الكامل لطلب مركز “العودة” الفلسطيني الانضمام للأمم المتحدة كمنظمة غير حكومية ذي صفة استشارية.
وطالب باباديمولس، بحسب بيان صدر عن مركز “العودة”، الدول الاعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، بضرورة دعم مركز العودة الفلسطيني باعتباره أحد المؤسسات القليلة التي تسعي لإيجاد حل لقضية الشعب الفلسطيني يضمن حقوق الشعب الفلسطيني خاصة قضية اللاجئين.