لا تزال التغيرات الأقليمية الجديدة تلقي بظلالها على العلاقات السعودية الإماراتية من جهة، والعلاقات المصرية السعودية من جهة؛ حيث كشفت صحيفة “البوابة نيوز” المصرية المقربة من النظام الحاكم والتي يمولها النظام الإماراتي، أن مصر والإمارات بدأتا في تشكيل تحالف لمواجهة تقارب السعودية مع جماعة الإخوان المسلمين، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، والذي تجسد في زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل للرياض مؤخرًا.
وقالت الصحيفة -في تقرير مطول، كتبه رئيس تحريرها عبدالرحيم علي، المعروف بقربه من الإمارات، تحت عنوان “أخطر تقرير صحفي عن الخلاف بين مصر والسعودية”-: إن القاهرة ومعها أبو ظبي أبديتا للسعودية رفضهما لتقارب الرياض مع حماس وبالطبع الإخوان عامة سواءً في مصر أو غيرها.
مصر والإمارات تعترضان رسميًا
وأضافت الصحيفة، أن مصر من جانبها أبلغت كل الوسطاء أنها لا يمكن أن تكون طرفًا في أي مشروع يكون “الإخوان المسلمون” طرفًا فيه، وحتى هذه اللحظة تبدو مصر رافضة لأي تقارب مع “حماس”، بل إنها أبلغت الوسطاء بأن فتح هذا الأمر أو الاقتراب منه غير مقبول على الإطلاق.
وقالت إن مصر ترى في التقارب بين السعودية وحماس مدخلًا للضغط عليها من أجل تخفيف الحصار على قطاع غزة، فالمملكة تحاول جذب الحركة في صفها بسوريا، واتخاذها وسيلة اتصال بـ”إخوان اليمن”، وفي المقابل تستغل “حماس” المملكة في الضغط على النظام المصري لـ”تخفيف الحصار”، ووقف الحملة الإعلامية ضدها.
الملف السوري واليمني والعراقي والإيراني يشعل الخلافات
وكشفت الصحيفة أيضًا، عن وجود خلافات واسعة أيضًا بين مصر والسعودية حول الملف السوري واليمني والعراقي والإيراني، وبما يؤشر إلى تباعد الطرفين كثيرًا خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه، أكد القيادي في حركة “حماس”، الدكتور صلاح البردويل، أن الأزمة بين الحركة والمملكة العربية السعودية شهدت انفراجة كبيرة بعد زيارة رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، خالد مشعل إلى الرياض.
زيارة “مشعل” للسعودية وانفراجة في العلاقات
قال “البردويل” -في تصريحات لوكالة “معًا” الفلسطينية-: إن زيارة وفد الحركة برئاسة خالد مشعل إلى السعودية واستقباله من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين، كانت ناجحة وحققت أهدافها وتعتبر “انفراجة” كبيرة في العلاقات بين “حماس” والرياض.
وشهدت العلاقات بين “حماس” والسعودية، انقطاعًا منذ عدة سنوات، وهذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها وفد الحركة إلى المملكة منذ عام 2012، وفقًا للوكالة.
وأضاف “البردويل” أنه “عندما تكون العلاقة منقطعة، ويعقد لقاء مع الملك، يعني تحول واضح في العلاقة وانفراجة مع السعودية”.
وأشار إلى أن “الوفد الذي ضم (مشعل) وأعضاء المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وصالح العاروري، ومحمد نزال، حظي باستقبال رفيع، وكانت الزيارة مثمرة ولمسنا أن هناك استعدادًا سعوديًا لدعم القضية الفلسطينية، وهذا يقطع لسان رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو الذي يدعي في خطاباته وجود تحالف سعودي مصري إماراتي في المنطقة لحرمان الفلسطينيين من الدعم العربي” وفقًا للوكالة.
وأضاف “نتيجة الواقع العربي المختلط جمّدت الجهود من أجل القضية الفلسطينية وحيّدت بعض الدول الكبرى التي يفترض أن تكون على رأس الأمة العربية، وهذه الزيارة تهدف إلى إعادة الجهد العربي إلى موضعه الصحيح ودعم فلسطين”.
دعم المصالحة الفلسطينية
وتابع: “السعودية دولة كبيرة وتمتلك من الإمكانيات والنفوذ السياسي ما يؤهلها أن تكون الداعم الكبير لقضية فلسطين على المستوى السياسي والمعنوي والمادي”.
ولفت إلى أن “الانفراجة السعودية” تعني إعطاء الحرية للمؤسسات السعودية الشعبية بتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة، كما أكد أن السعودية أفرجت خلال الزيارة عن مجموعة من الشخصيات في حركة “حماس” كانوا معتقلين منذ عدة أشهر “إثر سوء تفاهم” في السعودية، وقدر عددهم بـ4 أشخاص.
وقال إن السعودية ستلعب دورًا في دعم المصالحة من خلال الضغط على الأطراف الفلسطينية “وهذا سيساعد بالتأكيد في حل مشكلة الموظفين ورواتبهم”.
وحول معبر رفح، قال إنه جزء من المنظومة العربية وهو مغلق بقرار سياسي، والعرب قادرون على فتح المعبر وإغلاقه. آملًا أن تشهد الفترة المقبلة انفراجة في موضوع المعبر وفتحه بشكل كامل، وفقًا للوكالة.
توزيع الأدوار الإقليمية
ونقلت وكالة “فارس نيوز”، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، عن مصادر مطلعة، قولها إن هناك اتفاقًا بين قطر والسعودية وتركيا، يقضي بتوزيع الأدوار إقليميًا بين هذه الدول؛ بهدف الحفاظ على مصالحها وتأثيرها في المنطقة، ولصد ما يجمعون على تسميته بـ”الخطر الإيراني”.
وأوضحت المصادر، أن الاتفاق يشمل الشأن السوري، قضية الإخوان المسلمين في مصر، والملف الفلسطيني، وتحديدًا غزة والعلاقة مع حركة حماس.
وبحسب المصادر، فإن هذا الاتفاق جاء خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للرياض، نهاية شهر فبراير من العام الجاري، والتي أعقبها بيوم واحد زيارة مماثلة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
واتفقت الأطراف على أهمية إعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة من جديد، لمواجهة ما وصفوه بـ”التمدد الإيراني”.
تركيا تتولى التفاوض مع تل أبيب
ففي الشأن الفلسطيني، توافقت الأطراف على أن تتولى أنقرة مسألة التفاوض مع “تل أبيب” في التوصل لهدنة مع غزة، في إطار صفقة شاملة يتم بموجبها السماح بإقامة ميناء بحري للقطاع، مقابل إعادة السفير التركي لـ”إسرائيل”.
قطر تتكفل غزة والسعودية تتولى المصالحة
وفي الشأن ذاته، توافقت الأطراف على أن تتولى قطر ملف إعادة إعمار غزة، وتزويد محطة الكهرباء فيها بالوقود اللازم لتشغيلها بـ”الوضع الذي يبقي الأزمة قائمة”، في مقابل أن تقوم بإقناع قيادة حركة حماس، لا سيما التي تقيم في الدوحة، بقبول عرض الهدنة.
وبخصوص الدور السعودي، فستقوم الرياض بدورها في إعادة الدفء إلى العلاقة بين القاهرة وحركة حماس، وتخفيف الإجراءات المصرية تباعًا، وهو الأمر الذي تترجم مؤخرًا من خلال رفع اسم حركة حماس من قائمة “التنظيمات الإرهابية”، وفتح معبر رفح أمام أهالي غزة، والسماح بإدخال كميات كبيرة من الأسمنت للقطاع.