لم تشهد السياحة المصرية، تعافيًا ملحوظًا منذ الربيع العربي، وهي من أبرز الموارد الاقتصادية للبلاد، ولم يكن ينقص هذا القطاع الحيوي سوى تفجيرات الأقصر ليتحدث العالم عن كارثة جديدة تُحدِق بالاقتصاد المصري، لكنها في المقابل تؤكد أن استمرار السياسات الأمنية للنظام الانقلابي يمثل ناقوس خطر لمستقبل مصر على جميع الأصعدة، وهو ما لفت انتباه الصحف الأجنبية لهذا الهجوم.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قالت: “إن هذا التفجير لا يعتبر الأول من نوعه؛ حيث أصبحت المواقع السياحية المصرية في الآونة الأخيرة أهدافًا للهجمات المتطرفة، بعد إطلاق قناص على دراجة نارية الرصاص على اثنين من أفراد الشرطة بالقرب من أهرامات الجيزة الأسبوع الماضي”.
وأوضحت “أن تسريع وتيرة الهجمات على المواقع الأثرية يظهر توجه المتمردين إلى صناعة السياحة، التي تعد أحد أهم موارد الاقتصاد المصري، واستهدافها كبديل إستراتيجي يضعف الاقتصاد ويزعزع استقرار الحكومة؛ نظرًا لاعتماد مصر على تدفق السياح بشكل مستمر كمصدر رئيسي للعملة الصعبة”.
وتساءلت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية: هل هذا التفجير يُنذِر بالمزيد في المستقبل؟ وعزت ذلك إلى “المناخ السياسي الحالي في مصر، ما أدى لعودة ظهور الحركات الجهادية المتشددة، خاصة في شبه جزيرة سيناء”.
ورأت الصحيفة الأمريكية “أن هذا دليل بأن النضال السلمي لم يعد الأسلوب المثالي، بعد خيبة أمل الشباب الغاضب بسبب التحول السيئ للثورة في عام 2011، مشيرة إلى أن حادث مدينة الأقصر يعتبر رسالة واضحة، صحيح أن الموسم السياحي لا يبدأ في الأقصر حتى نهاية سبتمبر، لكن تنفيذه بمثل هذا التنظيم يعني أن هناك المزيد من المحاولات القادمة”.
من جانبها، أشارت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إلى أن التفجير تم تنفيذه في مدينة الأقصر، التي تعتبر السياحة فيها شريان حياة لمصر؛ حيث إن المدينة تضم عددًا من أهم المعابد المصرية والمقابر الفرعونية الأكثر شهرة، بما في ذلك الملك توت عنخ آمون”.
وأوضحت الصحيفة، أن المدينة تعرضت للتراجع الشديد في عدد السائحين الأجانب، بما أثر على صناعة السياحة في مصر بشكل عام خلال السنوات القليلة الماضية”.
وزعم زاك جولد، الباحث في معهد تل أبيب للأمن القومي، أن “مثل هذه الأحداث من المحتمل أن تقلق المجتمع الدولي في الوقت الذي بدأت فيه السياحة بالعودة إلى أماكن مثل القاهرة والأقصر”.
أما صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فقد أبرزت “أن الحادث يُعدُّ تصعيدًا خطيرًا في الهجمات المسلحة التي كانت تنحصر في السابق في استهداف المنشآت الحكومية”، مشيرة إلى “أن الهجوم يمثل مرحلة جديدة تشمل حملة متواصلة للعمل عل تدمير صناعة السياحة التي طالما كانت مصدر الدخل الرئيسي لمصر، وتكبدت خسائر فادحة، بسبب أعمال العنف التي شهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية”.
ونقلت عن ماثيو غودير، أستاذ الجغرافيا السياسية العربية في جامعة تولوز الفرنسية قوله: “إن الحادث يعتبر تغييرًا في إستراتيجية الجهاديين في اختيار الأهداف”، مؤكدًا أن “الهدف هو إضعاف الاقتصاد المصري من خلال تدمير صناعة السياحة”.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، وجود تضارب في الأنباء بشأن تفاصيل الحادث؛ حيث نقلت تقارير إعلامية عن عدة مسؤولين أمنيين -لم تكشف عن هوياتهم- “أن انتحاريًا فجر نفسه قرب المعبد، في حين “أن وزارة الداخلية قالت إن أجهزة الأمن في الأقصر أحبطت هجومًا إرهابيًا وقتلت اثنين من الإرهابيين وأصابت آخر”.
وتحت عنوان “التفجيرات بمصر: تهديد للسياح والدولة المصرية”، كتب موقع “أمريكان أنترست” الأمريكي “أن محاولات التفجير هذه تأتي في خضم الهجمات على خطوط أنابيب الغاز وإطلاق نار على اثنين من ضباط الشرطة بالقرب من أهرامات الجيزة الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تفجير الأقصر، ما يشير إلى هجوم على البنية التحتية الاقتصادية الحيوية”، مؤكدًا “أن مستقبل الاقتصاد المصري مرتبط بقوة بسلامة وتأمين صناعة السياحة في البلاد”.