لا شك أن إمتلاك إيران لأسلحة نووية، وسط الخلاف الخليجي الإيراني، الذي تصاعد بعد عملية “عاصفة الحزم” في اليمن، ومواجهة التمدد الشيعي في الخليج من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج في تكريس الخلل القائم في موازين القوى، إذ أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية هي الأبرز في الشرق الأوسط، كما أن الخليج قد ألمح بنيته في امتلاك النووي، لكن هناك 3 أسباب تمنع الخليج من القنابل النووية”.
تلميحات مباشرة لامتلاك “النووي”
سبق وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية، خلال حواره مع الحياة اللندنية، أنه موقفهم واضح في مجلس التعاون الخليجي، وتستطيع أن يكون لك برنامج نووي سلمي، لكن لا أحد في المنطقة من حقه امتلاك سلاح نووي، وإلا فمن حقنا في دول مجلس التعاون الخليجي امتلاك السلاح نفسه، والمنطقة يجب أن تكون خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وفي عام 2015، وقعت السعودية وكوريا الجنوبية في الرياض اتفاقية لبناء مفاعلين نوويين تبلغ قيمتهما 2 مليار دولار، ومدتها 20 سنة ويشمل الاتفاق أيضًا التعاون في الأبحاث والتطوير والبناء والتدريب.
واتفاق الشراكة جاء بعد جهود قادتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة، واستمرت أكثر من أربع سنوات؛ حيث كانت البداية في العام 2011، عندما وقعت اتفاقية مشتركة بين البلدين في مجال تطوير وتطبيق الطاقة النووية، ثم التوقيع في العام 2013 على مذكرة تفاهم مع معهد الأبحاث الكوري للطاقة الذرية، للتعاون في المجالات البحثية وما يتطلب للسعودية من بنية تحتية للمفاعلات البحثية، إلى أن جاءت اتفاقية 3 مارس 2015 لتكون تتويجًا ونجاحًا لهذه الجهود.
16 مفاعلًا نوويًا
ووفقًا لهاشم يماني، رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، فإن السعودية سوف تمتلك 16 مفاعلًا نوويًا قبل بحلول 2030، وفي عام 2011 أعلن الأمير تركي الفيصل، الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية وسفير السعودية في الولايات المتحدة، أن المملكة قد تنتج أسلحة نووية، إذا وجدت نفسها محاطة بين نووي إيران ونووي إسرائيل، وفي عام 2012 تم التأكيد على أن المملكة العربية السعودية ستطلق برنامجها للأسلحة النووية الخاصة فورًا، إذا طورت إيران بنجاح الأسلحة النووية.
وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل، إن المملكة العربية السعودية تواصلت مع حليفتها باكستان للحصول على أسلحة نووية “جاهزة”، فيما يؤشر أن سباق التسلح النووي مع خصومها إيران الشيعية دخل مرحلة التبلور.
وأضافت، أن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية، قال لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية أنه “بالنسبة للسعوديين فقد حان الوقت”.
وأوضح المسؤول، الذي يرد ذكر اسمه للصحيفة: “كان هناك اتفاق قائم منذ فترة طويلة بين الباكستانيين وآل سعود، وهو الذي سهل قرارا استراتيجيا ليمضي في طريقه.
وتابع: “إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن أي أسلحة بالفعل قد تم نقلها، لكنه أكد أن السعوديين يقصدون ما يقولون، وأنهم سوف يفعلون ما يقولون”.
وكان الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية والسفير السعودي السابق لواشنطن ولندن الشهر الماضي صراحة لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن “أي شيء يمتلكه الإيرانيون سيكون في حوزتنا أيضًا”، معربًا عن رغبات المملكة امتلاك سلاح نووي.
كما حذر الفيصل، من أن الاتفاق النووي الإيراني سوف يفتح الباب لانتشار الأسلحة النووية، ولا يغلقه، على عكس ما كان يعتقد في بداية الأمر.
بداية محاولات السعودية
وكانت “بي بي سي” أكدت أن العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز أخبر المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط دينيس روس في عام 2009، أن السعودية ستحصل على الأسلحة النووية، مشيرًا إلى أن السعودية دأبت على إرسال إشارات من هذا النوع.
وفي ذات العام 2009، صدر مرسوم ملكي سعودي جاء فيه “تطوير الطاقة الذرية يعد أمرًا أساسيًا لتلبية المتطلبات المتزايدة للمملكة للحصول على الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة وتقليل الاعتماد على استهلاك الموارد الهيدروكربونية”، تبع ذلك في العام 2011 الإعلان عن خطط لإنشاء 16 مفاعلًا نوويًا خلال العشرين عامًا المقبلة، بتكلفة تقديرية 80 مليار دولار، وستقوم هذه المفاعلات بتوليد ما يقرب من 20 في المائة من الكهرباء في السعودية، بينما كانت ستخصص المفاعلات الأخرى – الأصغر حجمًا وطاقة – لتحلية المياه.
عراقيل تمنع دول الخليج من امتلاك النووي
معاهدة تمنع الخليج
وقعت دول الخليج ومصر على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كما وقعت عليها إيران أيضًا، لكنها لم توقع على البروتكول المحدث للكميات الصغيرة لعام 2005، كما أنها – مثل إيران – لم توقع على البروتكول الإضافي الذي يسمح بعمليات تفتيش أكثر صرامة، كما لم توقع على “معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية”، على الرغم من أنها دعمت باستمرار إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
ووفقًا لمعاهدة حظر الانتشار، فقد تعاهدت الدول الموقعة على المعاهدة على عدم نقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى وعلى أن لا يقوموا بتطوير ترسانتهم من الأسلحة النووية، واتفقت هذه الدول على أن لا تستعمل السلاح النووي إلا إذا تعرضت إلى هجوم بواسطة الأسلحة النووية من قبل دولة أخرى. واتفقت الدول الموقعة أيضًا على تقليل نسبة ترسانتها من الأسلحة النووية، وتكريس قدراتها النووية لأغراض سلمية.
وشاركت مصر والدول العربية الأخرى في مؤتمر المراجعة الدوري لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي بدأ أعماله في نيويورك في 27 أبريل الماضي وانتهى يوم 22 مايو، لكن نتائج المؤتمر جاءت مخيبة للأمال بسبب رفض الولايات المتحدة وحلفائها مبادرة عربية لإقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط.
وبعد مفاوضات، استمرت نحو أربعة أسابيع في نيويورك، أعلنت كل من واشنطن ولندن وأوتاوا رفضها جزءا من مشروع البيان الختامي، يحدد الأول من مارس 2016 موعدا نهائيا لتنظيم مؤتمر حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، ويكلف الأمين العام للأمم المتحدة بأن كي مون الدفع لتنفيذ هذه المبادرة، التي أطلقت في 1995.
غير أن إسرائيل، التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي، لكنها شاركت في المؤتمر بصفة مراقب للمرة الأولى منذ 20 عاما، رفضت أن يتم تحديد موعد المؤتمر المرتقب أو جدول أعماله وكذلك وصاية الأمم المتحدة.
باكستان لن تمد العرب بسلاح نووي
ويقول اللواء عادل سليمان، أن السلاح النووي هو خط أحمر وضعته الولايات المتحدة ومنعت العرب من الاقتراب منه، وكان الهدف من امتلاك اسرائيل السلاح النووي عن غيره من هو خلق حالة من الردع لدى أي طرف يحاول مجرد التفكير في تدمير إسرائيل أو القضاء عليها أو حتى محاربتها”.
وحول امكانية مساعدة باكستان دول الخليج وامدادها بسلاح نووي، علق الخبير العسكري بقوله:” باكستان لم تساعد دول الخليج في عاصفة الحزم أو عاصفة الأمل، كمشاركة قصف جوي أو قوات برية، فالبتالي مسألة اشراك العرب في سلاحها النووي أمر مستبعد”.
وعما اذا كانت دول الخليج تنوي المضي في مشروع نووي شبيه بالبرنامج الإيراني قال أوباما: “لم نجد أي اشارة من السعوديين أو من أي دولة أخرى (من أعضاء مجلس التعاون) بأنها ترغب في المضي في برنامج نووي خاص بها”.
وأضاف “أن السبب يعود إلى أن الأمن الذي توفره الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة وهذه الدول رادع أكبر من أي مخزون نووي مستقل”.
وأشار إلى قناعته بأن دول الخليج بما فيها السعودية، تبدو راضية بالاتفاق مع إيران، إذا تم العمل به كما هو معلن، ما سيسمح بالحؤول دون أن تشكل إيران خطرًا نوويًا.
إنعدام الخبرات النووية
وقال اللواء حمدي بركات الخبير العسكري، إن الدول العربية كلها لا تمتلك خبرات ريادة السلاح النووي، خاصة وأن أبوابها مفتوحة لكل الغرب خاصة الولايات المتحدة، كما إن هناك حظر على دراسة وتعلم انشاء مفاعلات نووية في تلك الدول.
وأضاف كل الدول العربية لا تمتلك الخبرات الكافية، خاصة وأن هناك “ميكروسكوب” على كل علماء العرب الذين يدرسون علوم الطاقة في الخارج، وكل ما استطاعت عليه الخليج هي مفاعلات لتوفير الطاقة وليس كسلاح “قنبلة نووية” حتى الآن.