“الشعب المصرى أكرمه الله بالسيسي”، كانت آخر كلمات الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، أحد الشعراء الذين برز أسمهم منذ الخمسينيات حتى وقتنا الحالي.
توفي الأبنودي، الذي كان عاني من تدهور في حالته الصحية مؤخرا، إثر جراحة أجراها في المخ في مستشفى الجلاء العسكري في القاهرة الأحد، بحسب ما أفادت مصادر مقربة منه.
ولد الأبنودي، الذي كان يلقب بـ”الخال”، وهو لقب شائع في صعيد مصر يدل على المودة والاحترام، عام 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً، وهو الشيخ محمود الأبنودي.
وانتقل إلى مدينة قنا حيث استمع إلى أغنيات التراث الشعبي المعروفة بـ”السيرة الهلالية” التي تأثر بها كثيرا، وجمع بعد ذلك كلماتها من شعراء الصعيد في واحد من أهم أعماله وهو كتاب “السيرة الهلالية”.
والأبنودي واحد من أشهر شعراء العامية في مصر والعالم العربي، شهدت معه وعلى يديه القصيدة العامية مرحلة انتقالية مهمة في تاريخها.
الأبنودي وناصر
بعد خروج الأبنودي من السجن وهو الذي دخله بعد انتقاد سياسي وجهه في حق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كتب بعدها قصيدة يتكلم من خلالها عن إنجازاته، ومدى حب عبد الناصر لمصر، على عكس ما توقع البعض من انتقادات لاذعة سيوجهها الشاعر تجاه حاكم سجنه.
وجاءت كلمات الأبنودي في ما بعد، لتدلل عن مدى حبه للرئيس جمال عبد الناصر، حيث قال “عبد الناصر كان يهتم دائمًا بأحوال الفقراء، وكان محاصرًا من الإقطاع والاستعمار والإخوان، لكنه استطاع أن يحقق للشعب المصري أشياء عظيمة”.
وأضاف: “أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عاش بسيطًا، ومات فقيرًا، ودخلني السجن علشان (طولة لساني)”.
السادات
ولم يوجه الأبنودي نقدًا من خلال شعره للرئيس الراحل أنور السادات.
ومن أبرز المضايقات التي تعرض لها، هي مقابلة جمعت السادات بالأبنودي في قصره بالإسكندرية، ووُضعَت طاولة تجبر الأبنودي على الانحناء ليصافح السادات، والتُقطت صور له ونشرت بالجرائد.
وبعدها رد الأبنودي على ذلك الموقف الذي وصفه بـ”ألاعيب السادات”، أخبر الجميع بأنه رجل شريف لا ينحني لأحد.
في ما أنشد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، قصيدة يخلد فيها ذكرى خالد الإسلامبولي قاتل السادات، والذي اعتبرها البعض نكاية في الرئيس الراحل أنور السادات.
النقد الناعم مبارك
لم يظهر للأبنودي أي قصائد تهاجم نظام مبارك، واكتفى بنقد ناعم، وكان الأبنودي ضيفا دائما في الحفلات الثقافية التي يحضرها رجال السلطة حينها، وأكد أن هناك تفاهما مع الدولة في النقد والكلام.
الأبنودي والثورة
اندلعت ثورة يناير 2011، وانتشرت قصيدة الأبنودى “الميدان” بشكل كبير، وكان الثوار يحفظونها ويرتلونها، وتلهبهم حماستها، وزادتهم إصرارا خصوصا في مقطع “آن الأوان ترحلي يا دولة العواجيز”.
العلاقة مع الاخوان
وظهر الأبنودي معاديا للتيار الإسلامي، وأعلن قبيل الانتخابات الرئاسية، رفضه أي مرشح إسلامي، ومنهم الرئيس محمد مرسي، والذي رفضه رفضا مطلقًا، وكان ضده في الكثير من المناسبات حتى تم الانقلاب.
السيسي
أما عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، فنال تأييد (الخال) والذي شبهه بجمال عبد الناصر، وقال إنه زعيم الأمة.
أبرز الأعمال
كتب أكثر من 700 أغنية لمطربين عرب، منهم وردة الجزائرية، وماجدة الرومي، وصباح، ومن المصريين عبد الحليم حافظ، وشادية، ونجاة، ومحمد رشدي، ومحمد منير.
ومن هذه الأغاني “عدى النهار”، “كل ما أقول التوبة” و”أحضان الحبايب”، و”تحت الشجر يا وهيبة”، و”عيون القلب”، و”طبعا أحباب”، و”آه يا اسمراني اللون”.
كما كتب حوار فيلم “شيء من الخوف” وأغانيه، لحسين كمال، وشارك في كتابة سيناريو وحوار فيلم “الطوق والإسورة”، الذي أخرجه خيري بشارة عن رواية يحيى الطاهر عبد الله، ومن أشهر أشعاره “ضحكة المساجين”.
وكرِّم الأبنودي في عدد من الدول العربية، ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب من مصر 2000، وكان أول شاعر عامية يفوز بها، كما نال عام 2010 جائزة مبارك -“النيل الآن”- في الآداب، وهي أرفع جائزة في البلاد.