لم تكن الحركة الطلابية يومًا بمنأى عن الأحداث المهمّة التي تعيشها مصر فتأثّرت بها وأثّرت فيها. قارعت الاستبداد مع مَن قارعه ونالت نصيبها من العقاب مع مَن عوقب. ثم كانت لاحقًا نموذجًا حيًّا للحراك المجتمعي والسياسي وتفاعلت مع الوضع الجديد الذي أفرزته الثورة.
في السنوات الثلاث الماضية، كانت ومازالت الجامعات المصرية تشهد صراعًا بين الطلاب وقوات الأمن التي تسحقهم في كل وقفة أو اعتصام أومسيرة لهم بكل ما أوتيت من قوة .
هل حققت الحركات الطلابية في العالم مكاسب؟
قال المؤرخ الفرنسي والتر لاكير لم يلعب الطلاب دورًا في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطلاب في مصر”
انتفاضة الطلاب المصريين في 1935/1936
تعتبر هذه الانتفاضة الصوت الأول العالي للحركة الطلابية المصرية، كانت بداية الانتفاضة بمسيرة حوالي 2000 طالب من جامعة القاهرة.
المكاسب التي حققتها
انتهت الانتفاضة بمرسوم ملكي يقضي بإعادة دستور 1923، ودفع الطلاب زعماء الأحزاب السياسية إلى تشكيل جبهة موحدة، ومهّدت الانتفاضة الطريق لتوقيع المعاهدة الإنجليزية المصرية 1936 والتي قضت بتبادل السفراء المصريين مع بريطانيا العظمى وحق مصر في رفض الامتيازات الأجنبية وبعض المكاسب الأخرى
حادثة كوبري عباس 1946:
يوم 9 من فبراير 1946، خرجت مظاهرات كبرى من جامعة القاهرة تُطالب بالاستقلال الوطني، فمرت من ميدان الجيزة، ثم حاولت عبور كوبري عباس، ولكن أمر قائد الشرطة بفتح الكوبري على الطلاب، فسقط العديد منهم في النيل، فقُتل وأصيب أكثر من مائتي طالب.
المكاسب السياسية
1ـ إعلان “كلمنت أتلي” رئيس الوزراء البريطاني عزم القوات البريطانية على الانسحاب من القاهرة.
2ـ ضغط الحركة على الحكومة لإلغاء المفاوضات مع الإنجليز من طرف واحد وهو ما تحقق في 1951 على يد رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا.
الحركة الطلابية في عهد عبدالناصر
شكَّلت هزيمة يونيو عام 1967، نقطةً فاصلة في تاريخ الحركة الطلابية، خرجت مظاهرات حاشدة في جامعتي “القاهرة” و”عين شمس” ضدَّ الأحكام الهزيلة التي صدرت بحقِّ قادة الجيش المسؤولين عن الهزيمة، والمطالبة بإصلاحات سياسية.
المكاسب السياسية
نتيجة هذه المظاهرات اضطر الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر”، في 21 من فبراير عام 1968 إلى عقد اجتماع في منتصف الليل لمجلس الوزراء، وإصدار قرار بإلغاء هذه الأحكام، وإحالة القضية إلى محكمة عسكرية.
أقر “عبدالناصر” بمطالب الطلبة، وأقرَّ استقلال الجامعات، وصدر قرار رئيس الجمهورية بشأن تنظيم الاتحادات الطلابية.
عهد السادات
بدأ التذمر الطلابي من السادات في الجامعات المصرية منذ العام 1971 عندما أعلن أنه عام الحسم مع إسرائيل ولم يحارب وكذلك عندما أعلن في العام الذي يليه أن هذا عام “الضباب” وأنه لن يحارب، فقامت الانتفاضة الأخيرة في الجامعات المصرية انتفاضة 1972.
وانتهت المظاهرات باعتصام كبير في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة “القاهرة”، دعا خلاله الطلبة إلى سرعة تحرير التراب الوطني، وكان من نتائج الاعتصام، تأسيس اللجنة العليا لطلاب مصر، لكن ردَّ فعل “السادات” كان عنيفًا ضد مظاهرات الطلبة، حيث اقتحمت قوات الأمن الحرم الجامعي لفضِّ الاعتصام
النضال الطلابي ومكاسبه السياسية في الدول الأجنبية
كندا
في الخمسينات والستينات كانت مجموعات من اليسار الجديد قد أنشأت منظمتين “اتحاد الطلبة للسلام”و”الرفاق الكنديون الشباب”. كانتا مهتمين بزيادة الوعي بخصوص “الفراغ الجيلي”
المكاسب التي حققتها
منذ السبعينات، أدت الاستفتاءات الشعبية التي تقدمت بها اتحادات الطلبة في كندا إلى تأسيس “مجموعات أبحاث مصلحة العامة” التي يديرها الطلبة.
بالإضافة إلى إنشاء “تحالف الطلاب المناهض للحرب” الذي ركز على إصلاح التعليم العام، والاهتمام بالنشاط اللاعنفي، والإصلاح بشكل عام.
فرنسا
في فرنسا، لطالما كان النشاط الطلابي مؤثرًا في تشكيل ماهية نقاش عامة الشعب، في 1968، أغلقت أبواب جامعة باريس، فخرج الطلاب للتعبير عن احتجاجهم على طرد طلبة جامعة باريس.
وتظاهر طلاب السوربون في باريس. تطور الأمر إلى تمردٍ شعبي شارك فيه الطلبة بكافة توجهاتهم السياسية.
أحداث باريس تلك وصلت في نهاية مايو لحالة ثورة مسيطرة لم يشهدها العالم من قبل، حالة “ثورة تدير أغلب مؤسسات الدولة” حرفيًا.
إندونيسيا
لعبت مجموعات الطلبة دورًا هامًا في إسقاط حكومة سوهارتو: عام 1998 وذلك بالمبادرة بتنظيم مظاهراتٍ حاشدة عبرت بدورها عن الاستياء الشعبي من الرئيس.
بعد سقوط حكومة سوهارتو، قدم الرئيس ب.ج. حبيبي الذي استلم الحكم بعد سوهارتو، عروضًا لاسترضاء مجموعات الطلبة التي عملت على إنهاء ذلك الحكم الديكتاتوري، وذلك من خلال مقابلة زعماء أولئك الطلبة
إيران
ما برح الطلبة يحتجون ويتظاهرون، سواء ما قبل 1979 لمناهضة حكم الشاه، أو في السنوات الأخيرة، لمناهضة الجمهورية الإسلامية بقيادة الخميني .
في يناير 1978، فرق الجيش طلبة متظاهرين وزعماء دينيين، ونتج عن ذلك قتل عدد من الطلبة وإشعال شرار سلسلة من المظاهرات التي تمخضت عنها الثورة الإيرانية بعد ذلك بحوالي سنة.
أحداث الشغب التي قام بها الطلبة في يوليو 1999
في تلك الحادثة، قتل عدد من الطلبة على مدى أسبوع من المواجهات العنيفة التي بدأت بغارة شنها أفراد الشرطة على مبنى سكن جامعة، ردًا على مظاهرات قامت بها مجموعة من الطلبة في جامعة طهران احتجاجًا على إغلاق جريدة إصلاحية.
وفي يونيو 2003، خرج آلاف الطلبة الإيرانيين إلى الشوارع في احتجاجات مناهضة للحكومة، بسبب خطط الحكومة بشأن خصخصة بعض الجامعات.
وفي عام 2005، شهدت إيران أكبر مظاهرة طلابية، حين رعى “مكتب تعزيز الوحدة” تلك المظاهرة تأييدًا لمقاطعة التصويت في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وبالرغم من كل هذه الإجراءات الفاشية القاسية التي تم تطبيقها بحزم، عاد الطلبة ليشكلوا كتلة أساسية ومهمة ساندت الرئيس “الإصلاحي” محمد خاتمي وأدت لانتخابه في 1997، كذلك ليقودوا أول انتفاضة ضد الفقيه عام 1999.
الولايات المتحدة
حدث أكبر إضراب طلابي في تاريخ أمريكا في مايو ويونيو 1970، احتجاجًا على حادثة إطلاق النار في كنت ستيت وعلى غزو كمبوديا من قبل أمريكا.
في أوائل التسعينات، ازداد النشاط الطلابي للتركيز على التأثير السلبي من جهة الجيش والشركات الكبرى على قطاع التعليم.
كما اهتم النشاط الطلابي أيضًا بموضوع الإنفاق على مدارس التعليم العام، والحد من رسوم الجامعات، ومشكلة استغلال العمالة في صنع اللوازم المدرسية، وزيادة مشاركة الطلبة في صنع القرارات المتعلقة بالتعليم.