“ما من مستبد إلا ويتخذ صفة قدسية يشارك بها الله.. فالطاغية يعتقد أنه على تواصل مع قوى عُليا يستمد منها قدرات خارقة لحماية اتباعه، فإرادته هي إرادة الشعب، ومهمته الأولى هي انقاذ هذا الشعب من المخاطر التي تحيق به.. إنه ملهم الشعب و مصدر الأمان بالنسبة له”، عبارات لخصها الكواكبى عن الطغاة فى كتابه “طبائع الاستبداد”.
اقتل، اغتصب، انف، اعتقل، زور، نافق.. المهم فى النهاية أن تصعد لهرم السلطة وتجمع ثروات لم يحلم بها غيرك، أن تضيع مصائر شعوب بأكملها لتحقق حلما رأيته مرة فى المنام.. تلك هى السياسة التى اتبعها كثير من الطغاة على مر العصور، وأحدثهم وليس آخرهم عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر.
الملف التالي يستعرض نماذج جرائم ومصارع قادة الأنظمة القمعية المستبدة في عدد من دول العالم..
“تشاوشيسكو” رومانيا
شهدت رومانيا أسرع محاكمة في تاريخ القرن العشرين، حين تم الحكم على الرئيس الروماني الأسبق نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إلينا بالإعدام رميًا بالرصاص في محاكمة عسكرية استمرت ساعتين فقط، وتم تنفيذ ذلك الحكم يوم عيد الميلاد 25 ديسمبر 1989 أمام شاشات التليفزيون الرسمي.
وكان تشاوشيسكو الذي عمل في الحزب الشيوعي لفترة طويلة من حياته قد فاز بمنصب الرئيس الروماني عام 1974 وكان عصره يتسم بالديكتاتورية، وقتل الكثير من معارضيه، حتى قامت ضده ثورة شعبية أيدها الجيش، وأطاحوا به وأعدموه وزوجته بعد فشل محاولة هروبه بالطائرة.
مالي
في عام 1968قد قامت ضد حكم الجنرال موسى تراوري ثورة شعبيةدعمها الجيش بانقلاب عسكري في مارس 1991، وبعدها مثل تراوري أمام محكمة اتهمته بارتكاب جرائم دموية وجرائم اقتصادية واستمرت محاكمته خمس سنوات انتهت عام 1997 بحكم الإعدام، ثم تم تخفيفه إلى سجن مؤبد حتى حصل على عفو رئاسي في عهد الرئيس ألفا عمر كوناري عام 2002.
الأرجنتين
شهدت الارجنتين حكما استبداديا تحت قيادة الجنرال خورخي فيديلا وقاد العديد من الاعمال الوحشية ضد معارضيه ومنها خطف 500 طفل من ذوي معارضيه السياسيين ـ ومنحوا بالتبني إلى مسؤولين أو مقربين من النظام لتربيتهم ليصبحوا جنودًا للنظام، اعتقال ما يقارب 30 ألف رجل وامرأة وطفل خلال خمس سنوات من الحكم فقط، نصف مليون أرجنتيني تم نفيهم إجباريًّا أو اختياريًّا، بالجملة سميت الخمس سنوات من حكم خورخي بسنوات حكم الرصاص.
حوكم خورخي فيديلا، فقضى عقوبته منذُ عام 1985 في السجن حتى انتهت حياته في زنزانته في مايو عام 2013
البرازيل
وقعت البرازيل تحت وطأة الحكم العسكرى الذى ارتكب الجرائم الوحشية ما بين 1964 و1985, وبعد سقوط الحكم العسكرى لم يقدم أعضاء الجنرالات الى اى محاكمة لان العسكر فى البرازيل سابقوا باصدار قانون للعفو العام سنة 1979 ليتمكنوا من تأمين أنفسهم ضد أي أنواع للمحاسبة.
قدرت اعداد حالات الاغتيال السياسى فى البرازيل ما يقارب434 حالة اغتيال سياسي، و210 في عداد المفقودين حتى الآن، الضحايا حقوقيون وسياسيون يساريون عارضوا الحكم العسكري.
ومؤخرا تم اتهام 377 مسؤولاً عسكريًّا عن الجرائم، منهم 200 على قيد الحياة، وهم الذين ستتم محاكمتهم.
تونس
قام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بالفرار هاربًا إلى المملكة السعودية بعد أن قامت ضده ثورة شعبية أطاحت بنظامه في 14 يناير 2011، وقد صدر حكم غيابي من المحكمة العسكرية بتونس بالسجن المؤبد على بن علي في قضية التواطؤ في قتل 43 من المتظاهرين أثناء “ثورة الياسمين” 2011
لماذا لا يحاكم السفاح فى مصر ؟
في أغسطس 2011، دخل حسني مبارك قفص الاتهام ممددا على محفة طبية متهما بالتآمر لقتل متظاهرين مناهضين له وبالفساد، لكنه، اليوم، خرج من نفس القفص منتصرًا ومبتسمًا بعد أن أسقطت عنه المحكمة تهم القتل وبرأته من تهم الفساد.
وقبل ذلك بكثير فمنذ نشأت الدولة المصرية الحديثة وبعد توقيع مصر اتفاقيات تحفظ حقوق الانسان لم يعرف التاريخ المصرى حاكما واحدا صدرت ضده أحكام تدينه على الاساليب الديكتاتورية والموحشة التى تعاملوا بها مع معارضيهم.
فقد استخدم رؤساء مصر عبر العصور عددا من الاساليب القمعية ومنها استخدام الجيش كوسيلة من الوسائل المباشرة للاستبداد في الأنظمة الشمولية وغالباً ما يتم السيطرة عليه بشكل مباشر من قِبل الطاغية وعائلته وهو مُسخر لخدمته وخدمة هذه العائلة.
وزرع العسكر اسس المنظومة البوليسية (قوى الأمن) التي تعمل ليلاً نهاراً على مراقبة المواطنين و زرع الخوف والرعب في قلوبهم ، ففي النظام الاستبدادى كل مواطن هو عرضة للاتهام بالخيانة والتآمر على الوطن وإضعاف الشعور الوطني والقومي.
الطاغية فى مصرمعصوم من الخطأ فإذا حصل خلل ما وانتشرت الجريمة والفساد والرشوة فهذه مسؤولية الآخرين الذين لم يطبقوا جيداً نصائحه وتوجيهاته وهذا ما تلخصه مقولة “هو كويس بس اللي حواليه فاسدين”.
واستغل العسكر فى مصر الاعلام الذى تحول على أيديهم الى نوع من الدعاية الاعلامية الموجهة، فجميع وسائل التواصل الجماهيري من صحف وراديو وتلفزيون تخضع بشكل مباشر ومُحكم للطاغية أو أحد أفراد عائلته حتى تمرر من خلالها ما تريده وتنمّط الرأى العام بشكل يخدم مصالحها.