كلما أقبلت وفود اقتصادية أجنبية لتزور مصر يهلل إعلام الانقلاب وكأنها إنجاز اقتصادي يضاف لهم، لكن حقيقة الأمر أوضحه المحلل الاقتصادي ممدوح الولي نقيب الصحفيين السابق مؤكدا أن الأمر مجرد تفقد للأوضاع وليس معناه أن استثمارات أجنبية جديدة ستدخل لمصر.
وتصدر خبر استقبال قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، توبياس الوود وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حضور وفد تجاري يضم 46 شركة بريطانية في مجال التجزئة والبنية التحتية والبناء والطاقة.
وصرح علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن أعضاء مجلس الأعمال المصري البريطاني يحضرون الاجتماع.
ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق أوضح الأمر في مقال سابق له فقال إنه ليس شرطا أن يعقب قيام مجموعة من المستثمرين الأجانب بزيارة مصر أن يقوم هؤلاء بالاستثمار في مصر، فقد تكون الزيارة لمجرد تفقد الأوضاع، أو توصيل رسالة مساندة فقط، مثلما حدث مع زيارات للعديد من المستثمرين الخليجيين والأجانب وزيارة مستثمرين أمريكان لمصر في سبتمبر 2012.
وتابع الولي: ليس شرطا تنظيم مستثمرين مؤتمرا للاستثمار في مصر، أن يعقبه قيام من حضروا المؤتمر بتنفيذ مشروعات في مصر، فكم من مؤتمرات تمّت بالداخل والخارج للدعوة للاستثمار في مصر، ولم يعقبها تنفيذ مشروع واحد مثلما حدث بعد مؤتمر الاستثمار الخليجي في مصر الذي عُقد بالقاهرة في ديسمبر الماضي.
واستطرد الولي: حتى الإعلان عن تأسيس شركة ليس شرطا أن يعقبه تنفيذ المشروع، فالتجارب خلال السنوات الماضية تشير إلى أن حوالي ثلث الشركات التي يتم تأسيسها لا ترى النور بسبب المشاكل التي تواجهها بعد التأسيس.
ولكن الولي تابع إيضاح الصورة بتأكيده على أن هناك شروطا يلزم توافرها لأي بلد حتى يكون جاذبا للاستثمار، منها شروط يلزم توافرها مسبقا بذلك البلد، إلى جانب وجود معايير تضعها الشركات الدولية لاختيار الموقع الملائم لتنفيذ مشروعاتها، وكذلك وجود عوامل تشير إلى التميز والتقدم التكنولوجي.
ويضم مجموعة الشروط المسبقة المطلوب توافرها في ذلك البلد وهي: الاستقرار الاقتصادي، وذلك من خلال تحديد مدى تقلب معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ومعدل التضخم، وتقلب سعر الصرف الحقيقي.
وعدد أزمات سعر الصرف خلال السنوات العشر الأخيرة، ووضع الحساب الجاري داخل ميزان المدفوعات قياسا الى الناتج، ووضع الموازنة العامة قياسا الى الناتج، والدين العام الإجمالي قياسا إلى الناتج المحلى.
وفيما يخص القدرات التمويلية هناك: معدل عرض النقد قياسا للناتج، والائتمان المحلى الممنوح للقطاع الخاص قياسا للناتج، والقيمة السوقية للشركات المدرجة بالبورصة قياسا للناتج.
وفي إطار البيئة المؤسسية يتم التعرف على مؤشر المشاركة والمحاسبة، ومؤشر الاستقرار السياسي، وغياب العنف، ومؤشر فعالية السياسات والاجراءات الحكومية، والأطر التنظيمية ومؤشر سيادة القانون، ومؤشر السيطرة على الفساد.
وفيما يخص بيئة أداء الأعمال فلابد من التعرف على سهولة بدء الأعمال، والتعامل مع تراخيص البناء، ووضع تسجيل الملكية، وواقع الحصول على الكهرباء، وأحوال الحصول على الائتمان، ومدى حماية المستثمرين، ومدى تنفيذ العقود.
أما عن معايير الشركات الدولية في اختيار الموقع الملائم لتنفيذ استثماراتها أضاف الولي أنها تضم بيان حجم السوق وفرص وسهولة النفاذ إليه من خلال التعرف على: الطلب المحلي الحقيقي للفرد، وتقلبات الطلب المحلي، ومؤشر الأداء التجاري، ونسبة التجارة الخارجية إلى الناتج، وتطبيق التعريفة الجمركية، ومدى الانفتاح على العالم الخارجي.
"الولي" ختم الصورة بأنه بالنظر إلى مدى توافر تلك المتطلبات في بيئة الاستثمار المصرية، عرض ترتيب مصر من قبل ثلاث جهات دولية، أولها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الذي يصدر مؤشر التنمية البشرية حيث جاء ترتيب مصر به رقم 110.
وفى تقرير سهولة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي، جاء ترتيب مصر رقم 112 في مؤشر سهولة الأعمال من بين 189 دولة، ورقم 106 في الحصول على الكهرباء، ورقم 135 في مؤشر حماية المستثمرين، ورقم 152 في تنفيذ العقود، ورقم 142 في استخراج تراخيص البناء، ورقم 149 في مؤشر دفع الضرائب.
كما كان ترتيب مصر في مؤشر التنافسية الدولية 119 من بين 189 دولة، وكان ترتيب مصر 129 في سهولة الاقتراض، و142 في عجز الموازنة، ورقم 125 في نسبة الدين العام للناتج، وترتيبها 129 في توفير الخدمات المالية و121 في عوائق التجارة.
لتكون المؤشرات كلها بحسب الولي تشير إلى وجود مشاكل عميقة في بيئة الاستثمار في مصر، تحتاج إلى جهود ضخمة طويلة الأجل لتحسين الصورة، حتى تزيد جاذبيتها الاستثمارية.
ورغم سعيها لإصدار قوانين استثمار جديدة فيثور جدل كبير حولها حتى أن بها مخاطر كثيرة وهو ما رصدناه في تقرير بالأمس ويمكن الاطلاع عليه بالرابط التالي:
http://rassd.com/3-128036.htm