نقترب من مرور الذكرى الثالثة على أحداث مجلس الوزراء، التي شهدت ارتقاء نحو 18 شهيدًا، من بينهم العالم الأزهري الشهيد الشيخ "عماد عفت" الذى ارتقى في 16 من ديسمبر 2011 بميدان التحرير؛ إثر تظاهرات دعت لها مجموعة من القوى الثورية حينئذ للمطالبة بتسليم المجلس العسكري للسلطة.
لم يكن غريباً أن يكون الشيخ "عماد عفت" شهيداً بالميدان، فهو "شيخ الميدان" منذ أول يوم من أيام ثورة يناير، شارك الثوار في ثورتهم ضد الظلم وضد نظام المخلوع مبارك، وواصل جهاده ضد ظلم العسكر، فكان الختام بشهادة في الميدان إثر إصابته بطلق ناري نافذ في القلب؛ ففاضت روحه.
الشيخ عماد الدين أحمد عفت " أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إمام الثوار ورمز المقاومة داخل الأزهر الشريف"، من مواليد الجيزة ، ولد في 15 أغسطس 1959 ، حصل علي ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1991، وليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف عام 1997
فضلاً عن دبلومة الفقه الإسلامي العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1999، ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة.
"أرى الشهادة قرب ميدان التحرير" .. كلمات لطالما رددها الشيخ الشهيد قبيل موعد استشهاده وكأنه تنبأ بموعده، كما أنه كان من الشخصيات التي لا تحب الظهور على الشاشات وكان محباً للعمل في الخفاء، حتى وصفه محبوه وطلابه بأنه كان:" فقيهًا عابدًا ذاكرًا شاكرًا لله خاضعًا لربه، وكان نبيلاً لا يخشى في الله لومة لائم، وكان خلوقًا جم التواضع حسن السمت، ما رآه أحد إلا وأحبه".
** ومن كتابات الشهيد عماد عفت كما نشرها تلامذته:
وربِّ الضُّحى والليلِ يَسجُو ويَغشى * لَسوفَ يُـرَضِِّيكَ الإلـهُ ويَرضى
فـكــم مَـرّةٍ أَغـنـى الإلــهُ وأَقـــنـى * فَسَلِّم لهُ الأَقدارَ تَنجُو وتَرضى
** ومن كتاباته (رحمه الله)؛ بيتان من الشعر كتبهما الشيخ عماد عفت إلى إحدى تلميذاته؛ ليزيد حماسها للتقدم في دروب العلم:
صبــر وعـزم وانـتبـاه … خلف الهوى يرضي الإله
جدي ودومي واثبتي … شقي طريقًا في الحياه
والشيخ الشهيد "عماد عفت" هو صاحب الفتوى الشهيرة التي حرمت التصويت لفلول الحزب "الوطني" المنحل وجميع أعضائه السابقين في مجلس الشعب، وكان قد استند في فتواه إلى أنَّ "فلول الوطني يرغبون في تدمير مستقبل مصر بنشر الرشاوى والمحسوبيات ثانية"، وقال الشيخ: "إنَّ من يمنحهم صوته يساعدهم على الوصول إلى المنصة التشريعية".
وعن قصة استشهاده روت زوجته نشوى عبد التواب في تصريحات صحفية أن زوجها الشيخ عماد عفت كان واقفًا خلال تظاهرات مجلس الوزراء فى الصفوف الأولى، وشاهده الكثيرون، مشيرةً إلى أنه كان هناك المئات بينهم ضباط ومجندون شاهدون على ما جرى، لكنهم أبوا أن يشهدوا فى التحقيقات، ولم يقل أحد منهم قولة الحق، أو يصف كيف استشهد الشيخ عماد حينها بالميدان.
وتجدر الإشارة إلى أن واقعة قتل الشيخ الشهيد "عماد عفت" كانت إبان تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة المخابرات الحربية، وكان رئيس الوزراء آنذاك كمال الجنزوري، وكان المشير حسين طنطاوي رئيساً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو ما يحملهم جميعاً مسئولية مقتله.
رحل الشيخ العالم الشهيد وبقي علمه ينتفع به طلابه، ينشرونه كما كان يوصي بأهمية طلب العلم ونشره، رحل الشيخ وبقي جهاده وصبره في مقاومة الظلم والظالمين، يعلمان أجيالاً تجيئ من بعده أنه مهما طال أمده واشتدت وطأته، فسيأتي رجال – مثل الشيخ عماد – يدفعونه ويقاومونه ما دامت فيهم حياة.
فيديو لحظة استشهاد الشيخ عماد عفت: