في سجن "طره" وعند أسوار زنزانة "عبدالله الفخراني" كانت بداية الحكاية، حينما حلقت وطارت "عصفورة" عند باب زنزانته وقالت له: "وصلني ما فعله قاضيك لإخوانك في #قضية_كرداسة.. فلا تبتئس ولا تخف منه، وتذكره في كل تكبيرة لك، وقل: الله أكبر منه، الله وكيلي، والله ناصري عليه، وعلى كل من طغى وبغى وظلم وتجبر! وثق في أنك سترى هلاكه أنت ومن معك، ممن حكم عليهم بالإعدام في الدنيا والآخرة!
إنها عصفورة الفخراني – كما أسماها عبر كتاباته – التي تبث الأمل، بحكمة وفصاحة في الخطاب، فثبتته ومن معه، والسؤال: ما حكاية هذه العصفورة؟ وما الذي تقوله لعبد الله الفخراني؟ وما رسائلها التي ينتظرها ويتلهف لمعرفتها رواد موقع فيس بوك عبر صفحته؟!
"عبدالله الفخراني" لمن لا يعرفه؛ هو طبيب مصري يبلغ من العمر 24 عامًا، وهو أحد مؤسسي شبكة "رصد" الإخبارية، وعضو مجلس إدارتها، وعضو المجلس الأورومتوسطي، والمعتقل داخل سجن "طره" منذ 24 أغسطس 2013 الماضي.
ومنذ فترة بدأ الفخراني في كتابة رسائل من داخل محبسه تحت وسم: "عصفورة الفخراني"، وكانت عبارة عن حكم ورسائل للثبات له وللمعتقلين معه داخل السجون، لاسيما في ظل غياب العدالة عن منصة القضاء عند نظر قضاياهم.
"عصفورة الفخراني" طائر يشاركه حزنه وفرحه، فتأتي له قبل جلسات محاكمته تطمئنه، وبعدها لكي تثبته؛ بأن هناك أملًا قادمًا رغم التجديد أو التأجيل الذي يلاحق قضيته.
وتلك بعض من أحاديث "عصفورة الفخراني": "قالت لي بالتوفيق في جلستك.. فابتسمت لها وقلت الحر يعرف ما تريد المحكمة، وقضاتها سلفًا قد ارتشفوا دمه، لا يرتجي دفعًا لبهتان رماه به المجرمون الجالسون على كراسي القضاة.. أجابت: لا تستصعب شيئًا واطلب من الله الأمر الكبير، والذي تراه "محال" فليس هناك شيء كبير على الله ولا صغير، فهو القادر على كل شيئ!".
وذات مرة رأت العصفورة "فخراني" مكتئبًا فقالت له: "غريب أمرك.. على الحق ولك وعد من خالق الكون بالنصر ولا تصبر على البلاء.. ومبارك وأهله وصحبه لهم ثلاث سنوات صابرون وهم على أمل من البشر بالانتصار له!".
لا تهدأ تلك العصفورة في تثبيته، فطارت محلقةً له ذات مرة وقالت له: "سيستمر الابتلاء بكم ويشتد حتى تصبح الدنيا في نفوسكم أحقر من جناح بعوضة.. حينها فقط سيتغير حالكم!، وحينها كان رد "فخراني": حينها فقهت العصفورة مراد الله في البلاء وجهلنا نحن البشر!
ولأنها عصفورة حكيمة فقالت له ذات مرة:" لو كان الصبر هينًا لما خُصص له باب في الجنة!
وذات مرة ذهبت له وحذرته قائلةً: "إياك أن تنس نصيحة صديقك حين قال: "إياك والجزع من القدر؛ فإنك إن فعلت أرهقت نفسك وغرقت".
وفي يوم من أيام المعتقل وقفتْ على كتفه وقالت له: أشعر بما تشعر.. فقد سبق وكنت في قفص من قبل، فأعاد لي الله حريتي.. فلا تيأس؛ فليس أشد من طفل يلهو بعصفورة في قفص وقد خرجت من بين يديه، وأعلم أن الحرية وعد لمن يظل وفيًا لها!
وعن عصفورته يقول فخراني: "لم أتخيل يومًا أن أحدث عصفورة عن همومي وأسمع منها.. وكأنني صرت أفهم زقزقتها وتفهم هي لغتي، أو أن الأرواح لها لغة مشتركة، فيكفينا النظر لبعضنا البعض لنفهم ما يجول بخواطرنا!".
وذات مرة دعاها فخراني لتحمل رسالة لأصحابه خارج المعتقل، فقال لهم من خلال عصفورته: "وابعثي بسلامي لكل ثائر حر، وبشّريه باقتراب النصر، وأخبريه أنا ما هُنّا، ولا وَهِنّا، وإنا على العهد باقون!".
يُذكر أن محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، برئاسة المستشار محمد ناجى شحاتة، أجّلت اليوم السبت محاكمة صحفيي رصد "سامحي مصطفى، وعبد الله الفخراني، عضوا مجلس إدارة شبكة "رصد"، والزميل عمرو فراج – عضو مجلس إدارة رصد ومدير العلاقات العامة بالشبكة – ومحمد سلطان – نجل الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور صلاح سلطان – وآخرين، وذلك في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية "غرفة عمليات رابعة" لجلسة 21 من ديسمبر.
