أثارت قضية استعداد حكومة الانقلاب في مصر لمراقبة الإنترنت، وخاصةً مواقع التواصل الاجتماعي، جدلاً كبيرًا بمصر، حيث أشارت تقارير أوروبية، وأمريكية أن الداخلية المصرية بدأت مراقبة شبكة الإنترنت، من خلال التعاقد مع شركة "Blue Coat" الأمريكية، المتخصصة في حلول الأمن والأمان الرقمي؛ لتركيب أنظمة تسهل عمليات الرقابة والتعقب، لأنشطة المستخدمين المصريين على شبكة الإنترنت.
كما إن الأنظمة الجديدة تعطى السلطات حرية غير مسبوقة في مراقبة البيانات، عبر تطبيقات المحادثة، والشبكات الاجتماعية مثل "سكايب" و"فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب".
أوروبا تحظر تصدير تكنولوجيا المراقبة لمصر
دعا أعضاء البرلمان الأوروبي، الدول الأعضاء، إلى اعتماد استراتيجية مشتركة في التعامل مع مصر، تقوم على تطبيق متزايد لسياسة تعتمد على الشروط، مطالبين فرض الاتحاد الأوروبي، حظرًا على تصدير تكنولوجيا مراقبة شبكة الإنترنت، التي تستخدم في التجسس وقمع المواطنين.
وأعرب أعضاء البرلمان الأوروبي، في بيانٍ صادر اليوم، عن قلقهم البالغ إزاء سلسلة من قرارات المحكمة الأخيرة في مصر، بما في ذلك صدور أحكام بالسجن لمدد طويلة، في 23 يونيو الماضي، على ثلاثة صحفيين في قناة الجزيرة، و11 متهمًا آخرين، حوكموا غيابيًا، وكذلك تأكيد أحكام الإعدام الصادرة بحق 183 شخصًا.
وطالب الأعضاء، الرئيس عبدالفتاح السيسي، باتخاذ قرارٍ عاجلٍ؛ لضمان عدم تنفيذ عقوبة الإعدام الصادرة، بحق العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، مؤخرًا، مشددين على ضرورة ألا يعتقل أحد بدون إصدار حكم من محكمة، يفي بإجراءات العدالة الحرة والنزيهة.
الشباب يرفض
من جانهم، أعلن عددٌ من النشطاء السياسيين، والمدونين، غضبهم من الإجراء السابق، حال ثبتت صحته، مطالبين الحكومة بالإفصاح عن حقيقة الأمر، أمام الشارع المصري، لافتين إلى أن مصر، التي شهدت ثورتين، لن تقبل بانتهاك الحقوق الخاصة، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، على حد تعبيرهم.
وعنها، أكد "محمد مؤمن"، أحد مستخدمي مواقع التواصل، في تصريحاتٍ لشبكة "رصد"، أن الشباب المصري لن يسمحوا بتلك الخطوة، التي تصادر الحريات العامة والشخصية.
وأشار "مؤمن" إلى أن السيسي، كالعادة، خان كل العهود، حيث سبق وقال أنه لن يسمح أن تعود مصر للعهود السابقة، ولن تشهد تكبيلاً للأفواه، أو مصادرةً للحريات، بالإضافة إلى أنه يخالف الدستور، الذي جاء بانقلابه، الذي نصت إحدى مواده على احترام خصوصيات الناس، وضمان الحريات والحقوق الشخصية.
اتفق معه في الرأي "شادي الهواري"، موضحًا أن مراقبة شبكات الإنترنت ستحمل سلبيات أكثر من الإيجابيات، قائلاً: "حتى إن كانت الداخلية محتاجة تراقب المواقع؛ لرصد تحركات الإرهابيين، فإن ذلك لا يعطيها الحق في مراقبة كافة المصريين، لابد أن تفرق الأجهزة الأمنية بين مواجهة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان".
رفض حقوقي
ومن ناحيةٍ أخرى، أكد "محمد زارع"، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن الأفعال التي ترتكبها وزارة الداخلية، بحكومة الانقلاب العسكري، غريبة ومتناقضة، متسائلاً "كيف لوزارة الداخلية أن تستخدم حجة الأمن القومي مع أشياء معينة، بينما تستعين بشركة خاصة، بشريكها الأجنبي؛ لتحليل المعلومات الخاصة بالمصريين، وتتبعهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟".
وأوضح "زارع"، خلال تصريحاتٍ صحفية، أن الشعب يعبر عن رأيه من خلال هذه الشبكات الاجتماعية، حتى لو كان معارضًا لرأي الدولة، مشيرًا إلى أن هناك انتهاك للخصوصية، وحرية الرأي والتعبير.
وأشار رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، لن يقيد الحريات فقط، بل يؤثر على الأمن القومي ويعرضه للخطر، موضحًا أنه في الوقت الذي يعاني فيه الشعب، ولا يجد قوته، تدفع وزارة الداخلية، بحكومة الانقلاب، أموالاً طائلةً لشركةٍ خاصة بغية مراقبتهم.
خصائص البرنامج
البرنامج الذي تستخدمه مصر بإمكانه اختراق "واتس آب"، و"فايبر"، و"سكايب" وبرامج أخرى، حيث أنه مشابه للبرنامج المستخدم في أغلب الحكومات الغربية، والولايات المتحدة.
حيث كشف موقع "باز فيد نيوز" الإلكتروني، في تقريرٍ لـ"شيرا فرينكل"، من القدس، و"ماجد عاطف" من القاهرة، عن بدء مصر في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها على شبكة الإنترنت، عبر شركة شقيقة لشركة أمن إنترنت أمريكية، ما يمنح الحكومة المصرية قدرة غير مسبوقة على التسلل إلى المعلومات في "سكايب"، و"فيس بوك"، و"تويتر" و"يوتيوب"، وغيرها.
ونقل الموقع عن عددٍ من المسؤولين المصريين، الذين رفضوا الإفصاح عن هويتهم، أن الشركة التي فازت بالعقد بدأت بالفعل عملية مراقبة الاتصالات عبر الإنترنت، كما أكد أحد المسؤولين أن الشركة بدأت بالفعل عملها مع الحكومة ولديها علاقات قوية بأجهزة أمن الدولة المصرية.
وأضاف أنه وعلى الرغم من أن مصر تتبعت الاتصالات عبر الإنترنت في السابق، باستخدام أنظمة مراقبة تسمح للمسؤولين بالمراقبة الواسعة للشبكات المحلية، إلا أن شركة "سي إيجيبت"، وفرت للحكومة المصرية ولأول مرة الاستخدام الواسع لتكنولوجيا "حزمة الفحص والتفتيش العميقة"، التي تقوم بتحديد المواقع، والتتبع، والمراقبة المكثفة، للحركة على الإنترنت.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين، قامت السلطات باعتقال عشرات الآلاف من المصريين، بسبب مشاركتهم في تظاهراتٍ سلمية، أو بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان، وبينما يُعتقل الكثيرون أثناء التظاهرات، تراقب الحكومة الإنترنت لمتابعة الأصوات التي قد تكون معارضة للرئيس العسكري في مصر.
ونقل عن "علي منيسي"، المسؤول بشركة "سي إيجيبت"، أن مهمة الشركة هي إعطاء الحكومة المصرية نظام المراقبة، وتدريب الحكومة على كيفية استخدامه، وكيفية الوصول إلى المعلومات المجمعة من الحسابات البريدية ومواقع التواصل الاجتماعي.