هي ليست كسابقتها؛ فلا يحلم أصحاب الرتب اللامعة والنياشين المرصوصة علي صدورهم أن يحققوا أهدافهم القديمة التي تراكم عليها غبار ستين عاما أو يزيد. ولا يحلم كذلك أصحاب رابطات العنق الإيطالية والعطور الفرنسية أمام الميكروفونات التي ستتراص أمتارًا وطبقات عندما يقرروا التراجع أن يلووا عنق الحقائق ويجعلوا أنظارنا تذهب بعيدًا عن طريق حتمي.
الآن وبعد سنوات أربع ملهمة محشوة برائحة الدم وصوت الرصاص وصراخ المعذبين في السجون وبكاء المغتصبات الصامت عرفنا كل شيء؛ عرفنا أننا خدعنا طيلة عمرنا في من كانوا يرتدون هذا اللون الكاكي وعرفنا نخب الميكروفونات وخداعهم وعرفنا جيلًا جديدًا لن يحيا إلا حرًا؛ وعرفنا أن لكل مقام مقال وأن مقامنا الآن ثورة تعيد لنا أنفسنا؛ وعرفنا هؤلاء الذين يبيعون دماءنا بحفنة من الدولارات أو بأيام علي الشاطئ بعيدا عن حر الزنازين؛ عرفنا وعرفنا ولن ننسي ولن نترك العابثون مرة أخري يحشون بنادقهم ليقتلوا أولادنا بعد سنوات طويلة وسنبقي هكذا كما كنا طوال السنوات الأربع تتحطم جباهنا أمام رصاصات العار ولا تتحطم كرامتنا علي أبواب الخونة؛ سنبقي هكذا نستقبل الرصاصات التي تملأ من خزانات الخيانة وتطلق من بنادق الجنون.
طريقنا واحد عرفناه؛ إن الفرص التاريخية في حياة الأمم تحتاج إلي النضال والأمل وحياة الأمم العظيمة تبدأ بمخاض مؤلم و قد حانت لحظة فارقة في نقاط متعددة في أمة منتهكة شاء شبابها أن يرفع وجهه ويري طريقه.
من أراد العودة فليعد. من أراد الانسحاب فلينسحب؛ فلن يتوقف سيل الأمل وطوفان الحرية والثورة وسنبقي هكذا علي الطريق. إن في آخر النفق ضوء ساطع؛ سنحمل بعضنا بعضًا وسنجعل من دماء شهداءنا جسرًا وسنبقي علي عهد الشهيد وسنصل إلي الضوء البعيد ونحرر بلادنا وأمتنا ونستفيق من غفلتنا الطويلة ونخرج من النفق يغير عودة . وعلي المتراجعون الامتناع والبقاء في التيه.