اتجهت الأزمة السياسية بباكستان، إلى ما لا يأمل به جميع الاطراف بالدولة، كان ذلك عقب مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وإصابة المئات؛ عندما أطلقت الشرطة الباكستانية رصاصاتٍ مطاطية وغازًا مسيلاً للدموع، على حشدٍ من المتظاهرين كان يسير باتجاه مقر إقامة رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، للمطالبة باستقالته.
وبدأت الاحتجاجات منذ ما يقرب من أسبوعان، حيث يعتصم الآلاف من أنصار المعارضين "عمران خان"، لاعب الكريكيت السابق، و"محمد طاهر القادري"، رجل الدين المقيم في "كندا"، منذ الـ15 من أغسطس في العاصمة الباكستانية مطالبين باستقالة "نواز شريف".
انقلابٌ هادئ
اتخذت الأزمة بعدًا جديدًا مطلع الأسبوع الجاري، عندما طلبت الحكومة من الجيش -الذي يتمتع بنفوذ كبير- القيام بوساطة؛ ما أثار مخاوف من أن يستغل الجيش الوضع لتنظيم "انقلاب هادئ"، وتعزيز هيمنته على السلطات المدنية.
وكانت الحكومة قد طلبت قبل أسبوعين من الجيش حماية المباني الاستراتيجية في وسط العاصمة، وبينها المقر الرسمي لرئيس الوزراء مستندة إلى المادة 245 من الدستور.
ولكن في بلدٍ يحفل تاريخه بالانقلابات، يشتبه المحللون في أن يكون العسكريون وراء تحرك المعارضين "خان" و"القادري"؛ بغية إضعاف "شريف"؛ تمهيدًا لإحداث فوضى تستدعي تدخلاً قويًا من الجيش.
ويرى هؤلاء المحللون أن الجيش يآخذ "نواز شريف" على انتظاره وقتًا طويلاً، قبل أن يقرر في يونيو البدء بعملية عسكرية ضد معاقل طالبان، في منطقة شمال "وزيرستان" القبلية، فضلاً عن محاولته تحقيق تقارب مع الهند، وسعيه إلى محاكمة الرئيس السابق، برويز مشرف، بتهمة "الخيانة العظمى"، وهي سابقة من نوعها في تاريخ باكستان.
تشبث كافة الاطراف
وبدأ تصعيد الأحداث مع تشبث كافة الأطراف بمواقفها المعلنة، ووصول الحوار بين الحكومة وحركة الإنصاف، وأيضًا الحركة الشعبية، إلى طريقٍ مسدود، فقد أعلن "طاهر القادري"، رئيس الحركة الشعبية، فشل الحوار كليًا مع الحكومة، متهمًا إياها بسوء النية وعدم الجدية في حل الأزمة السياسية.
وكان "القادري"، قد أجل مهلته للحكومة، مساء الأربعاء الماضي، لساعات، بعد وساطات حزبية، جدد فيها مطالب حركته، واشترط على الحكومة تنفيذ مطلبين يتضمنان تسجيل قضية قتل جنائية ضد 21 متهمًا، من بينهم رئيس الوزراء "نواز شريف"، وشقيقه "شهباز شريف"، رئيس حكومة إقليم البنجاب؛ بقتل 14 من أنصاره في 17 يونيو الماضي، إضافةً إلى استقالة رئيس حكومة إقليم البنجاب وحكومته، ومن ثم تمديد المهلة الممنوحة للحكومة الاتحادية، بغرض بحث بقية مطالب حركته، وهو ما رفضته الحكومة. وخلال ما يحدث ارتدى العديد من أنصار "القادري" ملابس بيضاء على هيئة أكفان، استعدادًا لما يصفونه بالشهادة أو انتصار ثورتهم.
أما "عمران خان"، زعيم حركة الإنصاف، فعلق حوار حزبه مع الحكومة، بعد 5 جولات من الحوار، جدد "خان" خلالها مطلب حزبه باستقالة رئيس الوزراء، نواز شريف، كشرطٍ لاستئناف الحوار، مؤكدًا أن أنصاره سيواصلون اعتصامهم، حتى تحقيق مطالبهم، متهمًا "نواز شريف" بمحاولة تضييع الوقت، محذرًا من السماح له بالاستمرار، لأنه سيمنحه فرصة للتأثير على لجنة التحقيق، وشراء المسؤولين ووسائل الإعلام، على حد قوله، فيما أجّل "خان" إعلانًا، وصفه بالهام، كان مقررًا حتى الخميس.
أما وزير الدفاع الباكستاني، خواجه أصف، فقد أكد في حوارٍ له مع إحدى القنوات المحلية، أن قوات الأمن لن تساوم على أمن العاصمة، ولن تترك المعتصمين داخل المنطقة الحمراء.
بدورهما، طلب الزعيمان المعارضان، خان والقادري، من أنصارهما التجمع من جديد والتحرك نحو مقر رئيس الوزراء. وأعلن القادري عن مقتل 7 من أنصاره وإصابة نحو 70 آخرين في إطلاق نار من قبل قوات الأمن الباكستانية، فيما قال خان إن أحد أنصاره قُتل وأصيب العشرات. ولم يتم التأكد من صحة هذه الأنباء من مصادر مستقلة.
فيما جاء رد الحكومة بعدم وجود أي احتمالٍ بأن يقدم "شريف" استقالته، وأصرت على أنه لم يقترح أي عضو بالحكومة ذلك.