في ذكرى استشهاد عبقري الإسلام سيد قطب رحمه الله ورضي عنه (29 أغسطس 1966م) نستلهم عددا من الحقائق:
– ثباته وشموخه أمام قوة الطاغوت، وتحكم "العسكر".
– أن تجربته "السجونية" لها سهم كبير في مجيء خواطره القرآنية على نحو حي خالد يستمد خلوده من خلود القرآن؛ لأنه التحم بالنص القرآني وأخذ عنه مباشرة، وهو لذلك أهل.
– أن الإنسان بموقف واحد يقفه، ينصر فيه الحق، ويتصدى فيه للباطل أعظم بركة وأكثر أثرا من مئات الكتب والمقالات.
– أن "نصف عالم" مع الجهاد والثبات والصدع بكلمة الحق، أفضل مئات المرات من "عالم كامل" لكنه لا ينصر الحق بكلمة، ويرى المجازر والحرمات تنتهك ولا يتحرك لسانه بحرف واحد؛ فضلا عمن يعطى الدنية في دينه، ويبيع دينه بدنيا غيره.
– وظيفة العالم هي البيان والصدع بالحق، وليس العمل فقط، أو إنجاز أشياء من وراء حجاب أو من تحت الأرض .. لابد للعالم أن يقف بكل جرأة، وأن يضرب المثال الأروع في الثبات وقول الحق لا سيما أمام المستبدين المتجبرين، وإلا فلا فائدة مما يكتبه العالم أو يخطبه.
– الأفكار والعقائد لا يمكن أن تستأصل بالاستبداد والقهر والقيد والسجن، ولا حتى بالقتل، بل تواجه بالفكر والحجة والدليل والبرهان، وإن قتل العالم أو المفكر أو الداعية من أجل فكره وعقيدته يعد أوسع الأبواب وأسرع الوسائل لانتشار فكره واعتناق ما يعتنقه.
لقد خلَّد موقف سيد قطب وثباته واستشهاده فكره في العالمين، وكان سببا في إغناء "دار الشروق" بما ترجم إليه "الظلال" وغيره من كتبه إلى لغات الدنيا، فلا أذكر لغة لم يترجم إليها "في ظلال القرآن".
وفي نهاية كلمتي في ذكراه لا يسعني إلا أن أنشر شيئا من سلسلتي "قطبيات":
قطبيات (3)
*** (إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح، وكتبت لها الحياة) عن كتاب "دعوة الإخوان المسلمين وعبقرية بناء جماعتها" ص19 .