أعلنت السلطات السعودية أنها بصدد دراسة مشروع متكامل لمعالجة الأخطاء في نظام ولاية الرجل على المرأة المثير للجدل.
تأتي الخطوة -وفق مراقبين- في إطار جهود المملكة لتخفيف الانتقادات الحقوقية لنظام الولاية، التي تصاعدت بشكل كبير بعد واقعة الفتاة السعودية رهف القانون، التي فرت من المملكة وحصلت على اللجوء في كندا، الشهر الماضي؛ بسبب ما قالت إنه “عنف” تعرضت له من قبل أسرتها، رغم نفي الأسرة لذلك.
وحسب نظام الولاية، يتعين على المرأة البالغة في المملكة الحصول على تصريح من ولي أمرها من الذكور -الذي قد يكون والدها أو شقيقها أو أحد أقاربها- للسفر أو الزواج أو إجراء بعض المعاملات مثل استئجار شقة ورفع دعاوى قانونية.
وفي هذا الصدد، قال النائب العام السعودي، سعود المعجب، إن المملكة “تجري دراسة على مشروع متكامل حول الإهمال في الولاية لمعالجة هذه القضية تمهيدا لرفعه إلى الجهات العليا لاعتماده”، حسب ما نقلت عنه صحيفة “عكاظ” المحلية.
وأضاف المعجب، في ختام ندوة بالعاصمةالسعودية الرياض هذا الأسبوع تناولت موضوع الإهمال في الولاية، أن النيابة العامة “لن تدخر وسعا في حماية الأفراد أيا كانوا نساءً أو أطفالا أو آباءً من تسلط الآخرين من خلال الصلاحيات النظامية في تحريك الدعاوى الجزائية حسب ما تنص عليه الأنظمة تطبيقا للشريعة السمحة وتوجيهات ولاة الأمر”.
وأوضح أن “النيابة العامة -بصفتها أحد أجهزة العدالة في المملكة- استشعرت مسؤوليتها تجاه المجتمع من خلال تبني عدد من البرامج والمشاريع التوعوية والاجتماعية للمساهمة في الحد من تجاوزات ضعاف النفوس الذين تسول لهم أنفسهم ممارسة سلوكيات خاطئة في نظام الولاية”، مشيرا أن ما يصل إلى النيابة من شكاوى حالات قليلة لا تشكل ظاهرة.
واستطرد: “الشريعة الإسلامية كفلت حقوق الأفراد سواء كانوا ذكورا أو إناثا على حد سواء، وسارت بلادنا وولاة أمرنا على هذا النهج منذ توحيد البلاد من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية”.
وتصاعدت في الفترة الأخيرة الانتقادات الحقوقية من طرف نشطاء حقوقيين داخل المملكة ومنظمات حقوقية دولية تطالب المملكة بإنهاء العمل بنظام الولاية.
وكانت قضية الفتاة رهف سببا في تسليط الضوء أكثر دوليا على تلك القضية؛ حيث عد البعض ما تعرضت لها الفتاة -حسب زعمها- من عنف على يد أسرتها راجعا إلى نظام الولاية رغم أن أسرتها نفت مزاعم تعنيفها.
وبعد المراجعة الدورية الشاملة للسعودية في “مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة” في 2009 و2013، اتخذت السعودية“خطوات محدودة” لإصلاح بعض جوانب نظام ولاية الرجل، لكن التغييرات التي أحدثتها “تبقى ناقصة وغير فعالة ولا تكفي”، حسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
ويقول منتقدون إن تأثير هذه السياسات التقييدية على قدرة المرأة على اتخاذ قرارات تتعلق بحياتها، يختلف من وضع لآخر، لكنه يرتبط بشكل كبير بإرادة وليّ الأمر. ففي بعض الحالات، يستخدم الرجال السلطة التي يمنحها لهم نظام الولاية لابتزاز قريباتهم اللواتي يكنّ تحت ولايتهم.
وكانت السعودية نفذت سلسلة من الإصلاحات على مدى السنوات الأخيرة لتخفيف القيود المفروضة على المرأة.
من الأمثلة البارزة لهذه التغييرات السماح للمرأة بالمشاركة في الفضاء السياسي عبر دخول مجلس الشورى (2013)، والمشاركة في انتخابات المجالس البلدية ترشحا وانتخابا (12 ديسمبر/كانون الأول 2015)، والسماح للمرأة بقيادة السيارة (24 يونيو/حزيران 2018)، وتعيين نساء في مناسب حكومية رفيعة.
كما أصدرت السعودية عدّة قرارات زادت كثيرا من فرص دخول المرأة لسوق العمل، في إطار برنامج إصلاح اقتصادي أوسع يهدف إلى تقليص اعتماد البلاد على النفط. وشملت هذه القرارات إلغاء عبارات من قانون العمل كانت تسمح بعمل النساء فقط في المجالات “المناسبة لطبيعتهن”، وعدم اشتراط حصول المرأة على تصريح من ولي الأمر للعمل.
كما قدمت السلطات حوافز لأصحاب العمل لتوظيف النساء وتخصيص نسبة معينة لهن، ووفرت للنساء آلاف المنح لمواصلة دراستهن في جامعات في الخارج.
ورغم أن هذه الإصلاحات “خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها تبقى جزئية وغير كاملة؛ فما زال نظام ولاية الرجل على حاله، وما زال يُعرقل الاصلاح، وأحيانا يُفرغه من محتواه”، حسب “هيومن رايتس”.
وتستند السعودية في تطبيق نظام الولاية على تفسير لآية قرآنية، رغم وجود خلاف بين علماء الدين حول هذا التفسير.
في أبريل/نيسان 2016، أعلنت السعودية عن رؤية 2030 التي قالت إن الحكومة “ستستمر في تنمية مواهبها (المرأة) واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والاسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا”.