اهتمّت الصحافة الفرنسية اليوم الاثنين بانتخابات الرئاسة المصرية، التي تستمرّ حتى الأربعاء المقبل، موضحة أنّ المشهد تحوّل إلى فوز محسوم مسبقًا لعبدالفتاح السيسي؛ مع شعور المواطنين بعبثية الإدلاء بأصواتهم.
وتناولت صحيفة «لوفيجاور» أجواء الانتخابات في سيناء عبر مقال لها، وقالت إنّ مناخ «البارانويا» (جنون العظمة) يسود مصر في ظل حكم السيسي؛ إذ تحول المشهد الانتخابي إلى فوز معلن له.
ونقلت الصحيفة عن مواطن مصري يعمل في حملة السيسي، ويعترف أنه موجود هنا لوظيفة غذائية، تأكيده أنه لا يؤيد السيسي: «ما الذي فعله من أجلي؟ ما الذي قدّمه هذا الرئيس لي شخصيًا؟».
وبيّن المواطن أنه صوّت للسيسي عام 2014، ولكنه هذه المرة يرفض التوجه إلى صندوق الاقتراع؛ ومتأكد من أنّ «الانتخابات حُسمت من قبل».
وتساءل شاب مصري (طالب): «لماذا يتوجَّب عليّ التصويت؟ هذا لن يغير من الأمر شيئًا؛ فالسيسي سيعاد انتخابه»، مضيفًا أنّ «مرشحين آخرين كانت لديهم طاقات، ولكنهم انسحبوا أو أوقفوا. لا أرى حقًا من كنتُ سأمنحه صوتي؛ ولكن، على الأقل، كنتُ أحب لو تُرك لي حق القرار».
عبث
وحلّلت الصحيفة الوضع الانتخابي الحقيقي في مصر، فكتبت أنّ «السيسي، الرئيس المنتهية ولايته، فصّل لنفسه هالة لتأمين إعادة انتخابه لولاية ثانية من أربع سنوات على رأس البلد»، وأغلب المواطنين في سيناء لديهم شعور بعبثيتها؛ وهذا ما يتقاسمه كثير من المصريين.
وأضافت أنّ «المناخ يكشف بارانويا تدور فيها الانتخابات، التي تهيمن عليها قضايا الأمن، مع نظام يشكّ في الدعم الشعبي له؛ بينما البلد يغرق في أزمة مالية مثيرة للقلق، ويعاني من أجل اجتثاث الإرهاب على أراضيه».
وأنهت الصحيفة مقالها بالقول: «أثناء لقاء متلفز يوم 20 مارس، تأسّف السيسي لغياب انتخابات تعددية؛ لكنه طمأن بأن البلد ليس جاهزًا لهذا الأمر».
مسار ديكتاتور
وأفردت صحيفة «لوجورنال دي ديمانش» مقالًا للوضع في مصر بعنوان «مسار ديكتاتور». وكتبت أنّه «في كل مكان، سواء برفقة أطباء ومهندسين، أو مع ملك السعودية، وجهه يغطي جدران شوارع القاهرة، ومطبوع على لافتات كبرى تمجده؛ ولكن في هذه الحملة الانتخابية، التي تخلو من التشويق، لا يوجد الرئيس في أي مكان».
وأضافت أنّ المرشح السيسي غاب عنه الاختلاط مع الجمهور واللقاءات، حتى في حيّه الأصلي في القاهرة القديمة «الجمالية»؛ حيث السكان يتعرفون على بعضهم عبر شعار «نحن معك يا مصر».
وأكّدت الصحيفة الفرنسية أنّ السيسي «لا يعرف العالَم المدني ولا يحبه إطلاقًا»؛ ما جعل مقربًا منه يعترف بأن السيسي «عسكري لم يسافر إلا قليلا، ولم تكن لديه مسؤوليات تضعه في مواجهة هذا العالم»، وبالتالي فهو لا يمكنه أن يتخيل سوى وزير الدفاع، الحاضر في كل مكان، من أجل تنفيذ سياسة الأشغال الكبرى، كما هو شأن عاصمته الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).
وتابعت أنّ هذا ما يدفع السيسي أيضًا إلى إبداء كراهية للسياسة؛ فـ«خلافًا لسابقيه، لم يناضل السيسي أبدًا ولم يلتحق بأي حزب سياسي، وهو يعتبر السياسة نشاطًا أكّالا ولاذعا، وجعل منه، بمهارة، حجة في حملته الانتخابية، حتى يُغلق النقاش العمومي ويتموقع باعتباره حامي الأُمّة»، كما يؤكد الباحث الفرنسي دافيد خالفا.
سياسة فاشلة
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن الباحث الفرنسي قوله إنّ السيسي بحث عن نتائج سياسته؛ فمعدلات النمو 4.8% لا تسمح للعائلات المصرية بالإنفاق إلى نهاية الشهر «جعل دائرة أنصاره تتقلص، إضافة إلى حملة التطهير الذي استهدفت الرتب العليا في الجيش وفي الشرطة، بمن فيهم من سانده سنة 2013، مثل رئيس أركان الجيش ورئيس الاستخبارات».
وبشأن الحملات الانتخابية للسيسي، أوضح الباحث الفرنسي أن السيسي لا يقوم بحملة انتخابية؛ لأنه يخشى على سلامته الشخصية.
مهزلة الانتخابات
وفي سياق متصل، تناولت جمعية «أورو فلسطين» الفرنسية الانتخابات المصرية عبر مقال بعنوان «طيف الانتخابات في مصر في ظل ديكتاتورية السيسي الدموية».
وجاء في المقال: «مسؤولونا ووسائل إعلامنا الذين سخروا من مهزلة الانتخابات في روسيا يتحاشون فعل الشيء نفسه مع الانتخابات التي يقوم بها الدكتاتور السيسي في مصر، وقد فسّر الرئيس ماكرون الأمر بأنه لا يمنح دروسًا في حقوق الإنسان».
وتابعت «ولكنّ البزنس (التجارة) هو البزنس، أليس كذلك؟ صفّينا القذافي بعد أن فرشت فرنسا له السجاد الأحمر، حين وضع الملايين في جيوب مسؤولينا. والسيسي، الذي يطيع حاليًا الأوامر الإسرائيلية الأميركية ويملأ أكياس تجارنا من بائعي الموت، ليس لديه ما يخشاه».