تضامنًا مع بريطانيا في حملتها التي بلغت أشدها، ضد روسيا على خلفية قضية تسميم العميل المزدوج سيرجي سكريبال وابنته في بريطانيا، طردت واشنطن وكندا و14 دولة أوروبية، اليوم الإثنين، عشرات الدبلوماسيين الروس، فيما لم يستبعد الاتحاد الأوروبي اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد روسيا خلال الأسابيع المقبلة.
وأعلنت واشنطن أنها ستطرد 60 روسيًا، تصفهم بـ«الجواسيس»، في إطار قضية سكريبال، كما أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، فيما اعتبر السفير الروسي في الولايات المتحدة أن الولايات المتحدة تدمر ما تبقى من العلاقات مع بلاده. ولاحقًا، أعلنت كندا طرد أربعة دبلوماسيين روس تضامناً مع بريطانيا.
حملة أوروبية
وأوروبيًا، طردت أوكرانيا ثلاثة عشر دبلوماسيًا روسيًا، كما أعلنت فرنسا طرد أربعة دبلوماسيين روس، وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية طرد أربعة دبلوماسيين روس في إطار القضية نفسها، وقالت على حسابها على موقع «تويتر»: «لقد طردنا اليوم أربعة دبلوماسيين روس، لأن روسيا لم تساهم بعد في توضيح ملابسات عملية التسميم في سالزبري»، حيث تعرض سكريبال وابنته لهجوم بغاز الأعصاب في الرابع من مارس الحالي.
أما ليتوانيا ولاتفيا، فقاموا اليوم باستدعاء سفراء روسيا إلى وزارات الخارجية، كما عمدت بولندا إلى طرد أربعة دبلوماسيين روس من البلاد.
وقال وزير الخارجية البولندي جاسيك تشابوتوفيتش، إن بولندا ستطرد أربعة دبلوماسيين روس في سياق تحرك أوروبي أوسع لإبداء التضامن مع بريطانيا في ما يتعلق بتسميم سكريبال، مضيفاً أن الدبلوماسيين يتعين عليهم مغادرة البلاد في موعد أقصاه الثالث من إبريلالمقبل.
وأكد أنّ «إبداء التضامن مع بريطانيا وغيرها من الدول هو أهم شيء»، لافتًا إلى أن «هناك تكلفة دبلوماسية لذلك، لكنها تستحق».
وايضًا، أعلنت أوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وجمهورية التشيك، طرد دبلوماسيين روس «تضامنًا» مع لندن. وطردت السويد دبلوماسيًا روسيًا على خلفية تسميم سكريبال.
وفي بيان، قال الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، إنه قرر طرد 13 دبلوماسيًا، وأضاف أن القرار اتخذ «تضامنًا مع شركائنا البريطانيين والحلفاء عبر الأطلسي، وبالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي».
بدوره، قال وزير خارجية لاتفيا إن بلاده ستطرد دبلوماسيًا روسيًا، بينما ذكرت وزارة الخارجية في ليتوانيا أنها ستطرد ثلاثة دبلوماسيين روس، ردًا على الهجوم، كما قالت إنها ستمنع أيضًا 44 شخصاً آخرين من دخول أراضيها، وشاركت التشيك في الحملة وقررت طرد ثلاثة دبلوماسيين روس، بحسب ما أعنه أندريه بابيش، رئيس وزراءها.
وانضمت إستونيا وهولندا والدنمارك إلى قائمة الدول الغربية التي قررت طرد دبلوماسيين روس. وقال وزير خارجية إستونيا سفين ميكسر، خلال مؤتمر صحفي، إنه «بعد ظهر اليوم استدعينا السفير الروسي وأعطيناه مذكرة تفيد بضرورة رحيل الملحق العسكري بالسفارة من البلاد»، معتبراً أن «أفعاله (أي الملحق العسكري بالسفارة الروسية) لا تتماشى مع معاهدة فيينا».
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إن هولندا ستطرد اثنين من الدبلوماسيين الروس بسبب هجوم غاز الأعصاب الذي وقع في سالزبري بإنكلترا. وقالت الحكومة الهولندية إنه سيكون على الدبلوماسيين، اللذين يعملان ضابطي استخبارات في السفارة الروسية في لاهاي، مغادرة الدولة خلال أسبوعين.
أما الدنمارك فأعلنت طرد اثنين من الدبلوماسيين الروس وقال وزير الخارجية اندرز سامويلسن للصحفيين: «التفسيرات الروسية للحادث تخيلية، وعدد منها متناقض، وهي على الأرجح ستارة دخان لبث الشكوك».
وفي المحصلة، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أن 14 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت طرد دبلوماسيين روس، قائلًا «بطريقة ملموسة، قرر 14 بلداً من الاتحاد الأوروبي طرد دبلوماسيين روس»، ولافتًا إلى أن «تدابير إضافية تتضمن عمليات طرد جديدة ليست مستبعدة خلال الأيام المقبلة والأسابيع المقبلة».
ترحيب بريطاني
بدورها، رحبت لندن بالدعم الأوروبي لها، من خلال حملة طرد الدبلوماسيين الروس، وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن بلاده ترحب بدعم أظهرته دول في الاتحاد الأوروبي في قمة الأسبوع الماضي، بشأن الهجوم على العميل المزدوج سكريبال، لكن أضاف أن «الأمر يعود إلى كل دولة لتقرر اتخاذ إجراءات إضافية ضد موسكو».
وأضاف المتحدث للصحفيين، ردًا على سؤال عن اعتزام دول عدة، في التكتل طرد دبلوماسيين روس: «رأيتم في المجلس الأوروبي رد فعل شديد الإيجابية من شركائنا الذين قالوا إنهم يتفقون مع التقييم البريطاني. أما في ما يخص قرارات قد تختار دول اتخاذها لدى تخطيطها للمزيد من الإجراءات، فهذا أمر يرجع بوضوح لتلك الدول».
كما أشاد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بقيام دول حليفة لبلاده بطرد دبلوماسيين روس ووصف هذه الخطوة بأنها «استثنائية». وكتب جونسون في تغريدة على موقع «تويتر» قائلا: «رد الفعل الدولي الاستثنائي اليوم من جانب حلفائنا سوف يسجل في التاريخ باعتباره أكبر عملية طرد جماعي لضباط استخبارات روس على الإطلاق، وسوف يساعد في الدفاع عن أمننا المشترك».
Today’s extraordinary international response by our allies stands in history as the largest collective expulsion of Russian intelligence officers ever & will help defend our shared security. Russia cannot break international rules with impunity
— Boris Johnson (@BorisJohnson) March 26, 2018
بينما وصف وزير الدفاع البريطاني جافين ويليامسون طرد دبلوماسيين روس من دول عديدة بأنه «رسالة قوية» إلى الكرملين. وخلال زيارته للعاصمة الإستونية تالين، قال ويليامسون اليوم، إن دعم العديد من الدول لبلاده يعد بمثابة هزيمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح أن الكرملين يستهدف التفرقة، لافتاً إلى أن العالم اتحد خلف الموقف البريطاني «وهذا انتصار عظيم».
الرد الروسي
وبالمقابل، قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنطونوف، إن أميركا تدمّر ما تبقّى من العلاقات مع موسكو، وذلك في أول ردّ رسمي من روسيا على قرار الإدارة الأميركية طرد مواطنين روس وإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، فيما أعلن الكرملين أن موسكو ستردّ بالمثل في حال طرد دبلوماسييها.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن روسيا سترُد بالمثل في تعاملها مع طرد عشرات الدبلوماسيين الروس من مجموعة دول أجنبية بسبب تسميم العميل الروسي المزدوج.
وأضاف بيسكوف في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين أن موسكو لم يصل لعلمها سوى تقارير في وسائل الإعلام حول احتمالات الطرد، ولن ترد إلا إذا تلقت إفادات رسمية، وتابع أنه في مثل هذه الحالة، سيكون رد موسكو قائمًا على مبدأ المعاملة بالمثل، لكنه لفت إلى أن القرار النهائي سيتخذه رئيس الدولة الروسية.
وتابع «نحن نأسف بشدة لهذه القرارات… لقد قلنا ونكرر مرة أخرى: روسيا لم يكن لها وليس لها أية علاقة بهذه القضية»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس.
والأسبوع الماضي، توقع رئيس مجلس أوروبا، أدونالد توسك، بأن تفرض الدول الأعضاء في الكتلة إجراءات ضد موسكو بسبب دورها المشتبه به في تسميم الجاسوس السابق. وطردت بريطانيا بالفعل 23 دبلوماسيًا روسيًا، واتهمتهم بأنهم عملاء استخبارات غير معلنين، ما أدى إلى طرد روسيا العدد نفسه من الدبلوماسيين البريطانيين. واستدعى الاتحاد الأوروبي سفيره لدى روسيا. وكانت بريطانيا قد اتهمت روسيا بشن الهجوم. واتفقت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا على الاحتمال الكبير لصحة الاتهام.