شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل بـ«سالون»: مستقبل «أخطر رجل في الشرق الأوسط» في خطر

مع إصدار تقرير الشرطة، الذي وجّه الاتهام بالكسب غير المشروع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، أصبح مستقبله السياسي في خطر، وهو الموصوف بأنّه «أخطر رجل في الشرق الأوسط»، وقد يجبر في النهاية على ترك منصبه؛ ما يمثّل مصدر سعادة لكثيرين.

هذه رؤية الخبير في شؤون الشرق الأوسط «باتريك لورانس» بصحيفة «سالون» الأميركية وترجمته «شبكة رصد»، ويؤكد ضرورة ألا نقع في فخ تأثير شخصية واحدة على سياسة دولة بأكلمها؛ خاصة إذا كانت «الدولة» تتميز بالشوفينية في سياساتها بصرف النظر عن القائم على أمورها، فـ«إسرائيل» برمتها تقف عائقًا أمام «السلام الفلسطيني الإسرائيلي»، ورحيل نتنياهو لن يكون وحده كافيًا لإعادة الدولة اليهودية على المسار الصحيح.

وطالت نتنياهو اتهامات بالكسب غير المشروع منذ ولايته الأولى رئيسًا للوزراء بين عامي 1996 و1999، والمختلف الآن أنّ هذه الاتهامات تبلورت على تقارير شرطية رسمية، وتوجد أدلة كافية لمقاضاته بتهم الاحتيال والرشوة وأخرق الثقة العامة.

وتواطأ نتنياهو مع رئيس تحرير صحيفة إسرائيلية لتلميع صورته أثناء الانتخابات الماضية، ويتعلّق الاتهام الآخر بمسألة نقدية؛ لاستخدام نفوذه المباشر لتحقيق مكاسب لرجال أعمال، واتهم نتنياهو في هذا الصدد بتلقي 280 ألف دولار في صورة هدايا ومساعدات ومدفوعات غير مشروعة طوال العقد الماضي من رجال أعمال مقابل تمرير عقود ومصالح تجارية لهم؛ وأكّدت الشرطة أنها تملك أدلة عليها ويمكن إثباتها بسهولة.

صلب الموضوع

بالنظر إلى عدد المرات المتّهم فيها نتنياهو باستغلال منصبه لتحقيق مكاسب مالية، يمكن القول إنّه تمكن من جمع ثروة مبالغ فيها أثناء توليه منصبه رئيسًا للوزراء، غير أنه يصر على نفي جميع التهم الموجهة إليه؛ خاصة وأنه لم تُقدّم أيّ ادّعاءات رسمية في شأنه حتى الآن. ورسميًا، قد يستغرق الأمر شهورًا قبل توجيه الاتهام له بواسطة قاضٍ.

وإذا وجّه الاتهام رسميًا سيصبح نتنياهو أوّل رئيس وزراء في تاريخ «إسرائيل» يتهم جنائيًا. وفي هذا السياق، أعلن إيهود أولمرت استقالته من منصبه في 2009 بعد أن أوصت شرطة الاحتلال بتهم مماثلة للتي يواجهها نتنياهو. لكنّ «إيهود» لم يُحاكم إلى بعد تنحيه عن منصبه وسُجن؛ بينما لا يظهر نتنياهو أيّ نية حتى الآن على تسليم نفسه، قائلًا بعد إعلان تقرير الشرطة: «كل شيء أفعله أضع في الاعتبار مصلحة الدولة أولا، ولا يوجد ما يجعلني أنحرف أو أحيد عن هذه المهمة المقدسة».

وتقود تصريحات نتنياهو إلى صلب الموضوع؛ فقصة الفساد في رئاسة الوزراء ليست الموضوع الحقيقي الذي يهم الإسرائيليين بقدر ما تهمهم «المهمة المقدسة»، التي يُقصد بها السياسة الأمنية الوطنية الإسرائيلية العدوانية للغاية؛ لا سيماء العداء المتواصل تجاه إيران والتصميم على زعزعة استقرار سوريا، بجانب التوسع في السياسات الاستيطانية.

وفي كلتي الحالتين، قاد نتنياهو «إسرائيل» إلى أقصى اليمين والتطرف في هذه السياسات بطرق غير مسبوقة؛ وهو ما يعكس انحرافًا واضحًا للسياسة الإسرائيلية في سنوات ولاية نتنياهو، ورآها محللون إسرائيليون وغيرهم أنها تهدد الوجود الإسرائيلي على المديين المتوسط والطويل الأجل، كما تساهم بشكل سافر في توطين قيم العنف والاضطراب التي طال أمدها داخل الشرق الأوسط، وبسببها يتجه الفلسطينيون حاليًا ليكونوا عديمي الجنسية؛ بسبب سياسات الفصل العنصري التي تتبعها «إسرائيل» معهم.

غير أنّ الوضع الحالي لا يختلف كثيرًا عما كان يفعله مناحم بيجن في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وكان متطرفًا مثل نتنياهو، والمرة الأولى الموصوف فيها نتنياهو بأنه «أخطر رجل» في الشرق الأوسط أثناء مفاوضات التوصّل للاتفاق النووي الإيراني في الأمم المتحدة عام 2013، وحينها خاطب روحاني الجمعية العامة للأمم المتحدة، معلنًا مد يده إلى القوى العالمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وكان ردّ نتنياهو حينها بأنّ «الاتفاق النووي مع إيران اتّفاق مع الشر نفسه، وستبذل إسرائيل كل ما في وسعها لمنع أي اتفاق من هذا القبيل»، ثم عرض صورًا كرتونية توضّح مدى قرب إيران من بناء سلاح نووي.

ما فعله نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة حينها يذكّرنا بما تفعله المبعوثة الأميركية نيكي هالي هذه الأيام.

وفي هذا العام، بدأت المفاوضات على الاتفاق النووي الإيراني؛ لكنّ نتنياهو حافظ على وعده بمحاولة تقويض الاتفاق. ولا تزال إيران هاجسه المستمر، كما يحاول إبقاء الجيران العرب مضطربين لتوضيح وجهة نظره السياسية؛ لذا فإن استمرار نتنياهو في منصبه يعني تدهورًا أكثر في أوضاع المنطقة.

وسبق وأكّد «ريتشارد فالك»، الباحث والمحامي الدولي والداعي إلى القضية الفلسطينية، أنّ نتنياهو أكثر القادة الإسرائيليين انتهازية وسخرية؛ بالرغم من أنه الاتجاه السائد للدولة الصهيونية، ثم جاء دونالد ترامب الرئيس الأميركي الحالي كداعم لهم ولسياساتهم.

لذلك؛ لن يفرق رحيل نتنياهو كثيرًا في الشرق الأوسط، لكنه سيجعل السياسات الإسرائيلية أقل حدة مما هي عليه الآن، ولا يقتصر تأثير رئيس الوزراء الإسرائيلي على الشرق الأوسط فقط؛ بل يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك. وعرف نتنياهو كيف يستفيد إلى أقصى حد من «الدعم غير المشروط» الواقع في صلب السياسة الأميركية «إسرائيل»؛ بفضل اللوبي الصهيوني الموجود هناك؛ لذا نجد الأميركيين متورطين إلى حد كبير بقدر تورّط «إسرائيل» في انتهاك القانون الدولي في الضفة الغربية وسوريا وأماكن أخرى، والمعاملة اللاإنسانية اليومية لها بحق الفلسطينيين.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023