قالت صحيفة «هآرتس» إنّه للمرة الأولى في التاريخين القديم والحديث تتمكّن أميركا من تحقيق فوائض عليا في النفط المخزن لديها، وإنتاج النفط الصخري؛ ما مكّنها من تصدير أولى شحنة إلى دولة الإمارات في يناير الماضي، وأصبحت صادرتها الآن تتنافس مع دول روسيا والشرق الأوسط، وباتت واحدة من كبرى الدول المصدّرة للنفط في العالم.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الشحنة خرجت من محطة «هيوستن بردكتس بارتنرز» ووصلت ميناء الرويس في أبو ظبي يوم 31 يناير الماضي، وفقًا لبيانات تتبع السفن، موضحة أنها حتى العام الماضي كانت تعتمد على قطر في وارداتها.
ومن المتوقع أن يستمر إنتاج النفط الصخري في أميركا؛ بعدما وصل حاليًا إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميًا، وتتوقع الحكومة الأميركية أن يتجاوز الإنتاج 11 مليون برميل يوميًا بحلول أواخر 2019؛ وهو مستوى من شأنه منافسة روسيا (أكبر منتج للنفط في العالم).
ومن النتائج المترتبة عليه أيضًا انخفاض واردات النفط الأميركية في آخر خمس سنوات؛ بعدما استطاعت توفير وظائف عالية الأجر في المجتمعات الريفية لديها، وخفّضت أيضًا أسعار البنزين المحلي بنسبة 37%؛ وبذلك تمكّنت أميركا من استبدال المخاوف بشأن نقص احتياجات البلاد من الطاقة، التي بلغت ذروتها في السبعينيات، إلى هيمنة في المجال على المستوى العالمي.
وقال «جون إنجلترا»، رئيس شركة «ديلويت» العاملة في مجال الطاقة بالولايات المتحدة، إنّ إنتاج النفط الصخري كانت له آثار إيجابية بشكل لا يُصدّق على الاقتصاد الأميركي وعلى القوى العاملة، وأيضًا تمكّنت من تخفيض انبعاثات الكربون في الهواء؛ إذ حلّ الوقود والغاز الصخري مكان الفحم داخل محطات الطاقة.
والآن، تتنافس صادرات الطاقة الأميركية مع منتجي النفط في الشرق الأوسط وروسيا، وتضاعف حجم التداول اليومي في العقد الماضي، وحاليًا يرصد العملاء الأجانب الراغبون في شراء البنزين والديزل والنفط الأميريكي في جميع أنحاء العالم مؤشر أسعار النفط الأميركي عن كثب.
وستبقى مسألة إمكانية استمرار قطاع النفط الصخري على هذه الوتيرة قيد المناقشة؛ بعدما أثار هذا النمو السريع مخاوف من وصول الصناعة إلى ذروتها والتوقعات بشأن مستقبلها متفائلة جدًا ودون أساس.
ومن ناحية أخرى، ترتب على إنتاج النفط الصخري في أميركا بكميات هائلة ارتفاع تكاليف العمالة المتعاقدة معها مؤخرًا ارتفاعًا حادًا، كما ارتفعت أسعار الأراضي القابلة للحفر فيها. ويدعو ممولون صخريون المنتجين إلى التركيز على تحسين العائدات القصيرة الأجل بدلًا من توسيع نطاق الحفر.
بيد أنّ المنتجين الأميركيين تجاوزوا بالفعل التوقعات وتغلبوا على التحديات، بما في ذلك الجهود الأخيرة التي بذلتها منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» لإغراق شركات النفط الصخري؛ عن طريق إغراق الأسواق العالمية بالنفط.
وتراجعت مجموعة الدول المنتجة للنفط في نوفمبر 2016 عن خططها، ووضعت تخفيضات في الإنتاج؛ بضغط من أعضائها بسبب الأسعار المنخفضة إلى أقل من 27 دولارًا في وقت سابق من ذلك العام، بعد أن كانت مائة دولار للبرميل في عام 2014.
وبذلك؛ فاز منتجو النفط الصخري في حرب الأسعار؛ بخفض التكاليف والتقدم السريع في تكنولوجيا الحفر، ويتداول النفط الآن فوق 64 دولارًا للبرميل، وهو ما يكفي لكثير من المنتجين الأميركيين لتمويل الحفر الموسع وتحقيق أرباح من أسهم للمساهمين.
ازدهار الصادرات
كما ساعدت الكفاءة التي أدارت بها المعركة مع منظمة «أوبك»، بما في ذلك الحفر السريع والتصاميم الأفضل للبئر، الشركات الأميركية على إنتاج ما يكفي من النفط؛ ما مكّنها من الضغط بنجاح لإلغاء الحظر المفروض على صادرات النفط. وفي أواخر عام 2015، ألغى الكونجرس الحظر المفروض في أعقاب الحظر الذي فرضته منظمة أوبك عام 1973.
وتصدّر الولايات المتحدة حاليًا نحو 1.7 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وستتمكن هذه السنة من تصدير 3.8 مليارات قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي، وانتهت الآن من إصلاح المحطات المصممة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال؛ وهو ما يسمح بزيادة الصادرات.
وأدى هذا الطلب المتزايد على التصدير، إلى جانب ارتفاع الإنتاج في المواقع النائية مثل غرب تكساس وشمال داكوتا، إلى ازدهار بناء خطوط الأنابيب الأميركية، وأضافت شركات أخرى إلى المجال بما في ذلك «كيندر مورغان وإنتيربريس برودوكتس بارتنرز».