لم يكن المُعلِّمُ ضمن اهتمامات نظام عبدالفتاح السيسي في مسرح الرواتب الباهظة الذي شارك فيه القضاة وضباط الجيش والشرطة وكبار الموظفين، وبالرغم من الوقفات الاحتجاجية والمطالب المستمرة، تتجه حكومة شريف إسماعيل إلى إقرار زيادة جديدة لرواتب المعلمين، لكنها محدودة؛ لدرجة أنّ سوريا التي تعاني من الحرب يتفوّق فيها المعلمون عن مصر من حيث الراتب.
أيضًا، كثيرًا ما يتعرض المعلمون، لا سيما في المدة الأخيرة، إلى اعتداءات من طلاب داخل المدارس؛ ما يكشف تدني قيمة المعلمين، الناتجة من عوامل كثيرة؛ أبرزها إهمال الدولة حقوقهم.
وقالت تقارير صحفية اليوم الثلاثاء إنّ «الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة» يدرس حاليًا زيادة رواتب المعلمين في ميزانية وزارة التربية والتعليم للعام المالي المقبل 2017-2018؛ بإضافة المتغيرات وما تشمله من العلاوات وحوافز التميّز والأعباء الوظيفية للأساسي.
وقال الجهاز، في الدراسة المبدئية لرفع المرتبات الشهرية للمعلمين في جميع أنحاء الجمهورية، إنّ «القرار سيكلف خزينة الدولة ما يقرب من 18 مليار جنيه سنويًا»؛ فمن المقرر رفع الأساسي للمعلم من 1112 جنيهًا إلى 1370 جنيهًا بحدّ أقصى، (ما يعادل 77 دولارًا)!
وفي يونيو 2017، قال الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم إنه عرض زيادة رواتب المعلمين على عبدالفتاح السيسي والوزارة تنتظر الموافقة؛ فهي «في مهمة قتالية وليست إدارية».
وقال في كلمته بالجمعية العمومية غير العادية للمعلمين أنّ «المعلمين أوّل عنصر وأهمه في إصلاح العملية التعليمية، ومراعاة المعلم ماديًا واجتماعيًا هي أهم الملفات لديه».
رواتب المعلمين
وبمقارنة رواتب المعلمين داخل مصر سنجد أنها منخفضة جدًا مقارنة بدول عربية وغربية تشهد أيضًا أزمات اقتصادية وحروبًا؛ ففي «العراق» متوسط الراتب للمعلم في بغداد وصل إلى 300 دولار (5100 جنيه مصري)، ويصل إلى 800 دولار لدرجة كبير المعلمين (ما يعادل 13 ألفًا و600 جنيه مصري).
وفي «سوريا»، استقر متوسط الراتب للمعلم في نهاية 2010 عند قرابة ثمانية آلاف ليرة سورية، أي قرابة 170 دولارًا (2890 جنيهًا مصريًا)، ومع تصاعد الأوضاع أصبح نحو 105 دولارات (يقترب من الألفي جنيه مصري).
وفي «المغرب»، يتقاضى المعلم المبتدئ راتبًا شهريًا يقدّر بـ430 دولارًا (قرابة 7310 جنيهات مصرية)؛ بالرغم من أن الاقتصاد المصري أقوى من نظيره المغربي؛ فمصر تملك حقول غاز واسعة، وقناة السويس، بينما الاعتماد الرئيس للاقتصاد المغربي على السياحة فقط.
وفي «كولومبيا»، التي تعاني من أزمة أمنية وانتشار الفقر والعصابات والسرقة، يتقاضى المعلم ستة آلاف دولار سنويًا؛ ما يعني 500 دولار في الشهر (ما يعادل 8500 جنيه مصري).
وفي «تونس»، وصل راتب الموظفين -بما فيهم المعلمون- إلى مائتي دولار (3400 جنيه مصري)؛ إذ تعاني من أزمة اقتصادية مماثلة لمصر، التي لا زالت تمتلك مقومات الدعم المادي الخليجي.
خارج المقاييس
من جانبه قال محمد فوزى، خبير التعليم، إنّ المعلم المصري من أكفأ المعلمين في الدول العربية والأقل راتبًا؛ فهل يعقل أن يُقدّر المعلم المصري خارجيًا بأضعاف مما يُقدر في بلده؟!
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ الدول النامية الآن تهتم بالمعلمين وتعتمد عليهم وسيلة للتنمية في الأوطان؛ وللأسف أُجبر المعلم المصري على أن يكون مجرد ملقن وليس معلمًا، وأصبح التعليم وسيلة تجارية أكثر منها تعليمية.
ووفقًا الملخص الإحصائي الذي أعدته الوزارة في مطلع 2017، يبلغ عدد مدارس التعليم الحكومي التي تعمل في الخدمة في العام الدراسي الحالي 45 ألفًا و279 مدرسة، يوجد فيها 419 ألفًا و961 فصلًا، يدْرس فيها 18 مليونًا و608 آلاف و730 طالبًا وطالبة.
ويبلغ عدد المدارس الخاصة العام الدراسي الحالي سبعة آلاف و385 مدرسة، فيها 62 ألفًا و755 فصلًا، يدرس فيها مليونان و32 ألفًا و679 طالبًا وطالبة.
وبلغ إجمالي أعداد العاملين في التعليم ما قبل الجامعي بالمدارس ودواوين المديريات والإدارات التعليمية في العام الدراسي الماضي 2016-2017 مليونًا و848 ألفًا و483 موظفًا.