يبدو أن نظام عبدالفتاح السيسي، قرر أن يسير بخطوات ثابتة نحو خصخصة النظام الصحي في مصر، خاصة في ظل حالة الجدل التي أثارتها مسودة قانون المستشفيات الجامعية، بخلاف مستشفيات التكامل التي تقرر تحويل مسئولية استغلال 48 مستشفي منها إلي وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، لتتولي استغلالها بالتعاون مع القطاع الخاص.
وقال اللواء سيد شاهين، مساعد وزير الصحة للشئون المالية والإدارية أن هناك خطة مدروسة تنفذها الوزارة لاستغلال مستشفيات التكامل، وأنها تجرى حاليًا تحويل 48 مستشفى أخرى لمراكز صحية متميزة للمرأة والطفل بقرض من البنك الدولى قيمته 75 مليون دولار فى 9 محافظات بالصعيد، كما تم تحويل 9 أخرى في 8 محافظات إلى معاهد فنية صحية.
وأعلنت وزارة الصحة، في وقت سابق تحويل 24 مستشفى تكاملي إلى مستشفيات تأمين صحي، و22 أخرى لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والجراحات البسيطة، من الموازنة المخصصة لوزارة الصحة، فيما تم تحويل مستشفيين فى كفر الشيخ والمنيا إلى مستشفيات متخصصة فى الكبد ومراكز علاج فيروس «سى»، ليصبح إجمالى المستشفيات المستغلة 153 مستشفى من إجمالى 402 مستشفى تكامل.
قرار كارثي
من جانبه، اعتبر محمود فؤاد، المدير التنفيذى لمركز «الحق فى الدواء»، هذا القرار كارثة على القطاع الصحي، وأنه إعلان صريح ببداية خصخصة القطاع الصحى.
وقال لـ«رصد» إن هذا القرار يضر بالمرضى، خصوصا أن كثيرا من الفقراء ومحدودى الدخل هم من يلجأون إلى تلك المستشفيات، وليس فى استطاعتهم تحمل كلفة الكشف الطبى والعلاج حال زيادة أسعار الخدمة فيها.
وأوضح فؤاد أنه طبقا للمادة 18 و33 من الدستور، يمنع التصرف في أصول الدولة وما يحدث حاليا لا يستند لأي قانون أو الدستور.
وقال فؤاد إن وزارة الصحة تفتح الطريق أمام خصخصة الصحة والمستشفيات التكاملية والتى يقدر عددها 552 مستشفى، وهذا لم يستطع فعله أي نظام سابق رغم وجود توصيات عديدة منذ عام ١٩٨٥ للبنك الدولي ثم ١٩٩٥ هيئة المعونة الأمريكية والتى طالبت برفع الدعم عن الخدمات الصحية وتحرير إدارتها لصالح القطاع الخاص وهناك محاولات بذلها الحزب الوطني لصالح هذا القطاع حتي تصل قوتها إلى ٦٠٪ من مجمل القطاعات الصحيه مملوكه له».
الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، وصف ما تنوي وزارة الصحة القيام به بشأن مستشفيات التكامل دليل قوي عن تخلي الدولة لدورها في رعاية المرضي غير القادرين، مضيفاً ان عدم رفع موازنة الصحة في ميزانية الدولة يؤكد اتجاه الدولة لخصخصة الخدمات الصحية.
وأعرب «الطاهر» في تصريح صحفي، عن المخاوف الشديدة من اتجاه وزارة الصحة بالتخلي عن دورها في تقديم الخدمة الطبية للفقراء ومحدودي الدخل، موضحاً ان الشراكة أو التخلي عن هذه المستشفيات للقطاع الخاص الذي يهدف إلي تحقيق الأرباح من خلال تقديم الخدمات الصحية بمثابة تخلي الدولة عن دورها لرعاية المرضي الفقراء ومحدودي الدخل، موضحاً انه في الفترة الأخيرة قامت عدد من الشركات المتعددة الجنسية بشراء معامل تحاليل ومستشفيات حكومية مما يهدد الأمن القومي المصري.
وأضاف «الطاهر» ان القطاع الصحي هو أمن قومي ولا يمكن أن نسلم أرواح وصحة المصريين لشركات متعددة الجنسيات لتقديم الخدمة الصحية، مشيرا إلي أن القطاع الخاص هدفه من أي مشروع الربح وهذا بالضرورة سيرفع سعر الخدمة الطبية علي الفقراء وغير القادرين مما ينذر بتهديد صحة هؤلاء، الأمر الذي يعد كارثة، مطالباً أعضاء مجلس النواب بإيقاف هذه القرارات غير المدروسة التي تضر بصحة الشعب.
وطالب الأمين العام لنقابة الأطباء بوقفة مجتمعية ضد هذه المخططات غير المدروسة لأن الأمر لا يتعلق بالأطباء وإنما يتعلق بحق الشعب وأن هذه المستشفيات مبنية بأموال الشعب.
غضب برلماني
ويؤكد الدكتور مجدى مرشد، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب ، أن وزارة الصحة عرضت هذا الأمر على اللجنة فى دور الانعقاد الأول وقوبل بالرفض، وقال إن المساس بملكية مستشفيات التكامل «مرفوض»، ويجب أن تظل خاضعة للحكومة بشكل كامل، لكن يمكن للقطاع الخاص أن يدخل فى إدارتها فقط، دون الاتجاه إلى خصخصة أى مستشفيات حكومية.
ويتفق معه في الرأي النائب خالد الهلالى، عضو اللجنة، مؤكدا أنه سيطالب باجتماع طارئ لمحاسبة الوزير على اتخاذ القرار دون عرضه على البرلمان.
ويستنكر النائب مصطفي أبو زيد، عضو لجنة الشئون الصحية بنواب العسكر، أي اتجاه لعملية خصخصة مستشفيات التكامل، مشيرًا إلي أن هذه المستشفيات تعد ملاذًا لأكثر من 50 إلي 60% من البسطاء يتجهون إلي تلك المستشفيات، فلا يجب بأي حال من الأحوال أن يتم تخصيصها، الأمر الذي يكبد معاناة في قلوب تلك الفئة البسيطة من الشعب.
المستشفيات الجامعية الخطوة التالية
ويبدو أن نظام عبدالفتاح السيسي لن يكتفي فقط بخصخصة مستشفيات التكامل، في ظل خطة وزارة الصحة في خصخصة القطاع الصحي في مصر بالكامل.
حيث أثارت مسودة تعديل قانون المستشفيات الجامعية التي تُناقش حاليًا، حالة من الجدل، حيث تتضمن استقلالها عن كليات الطب في كل الجامعات، وأن تصبح مستشفيات خاصة لا تتبع الجامعات، الأمر الذي دفع العديد من الأطباء للتخوّف من فكرة الخصخصة، خاصة وأن هذه المستشفيات تخدم قطاع عريض من المواطنين.
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يثير فيها قانون المستشفيات الجامعية الجدل، إذ بدأ الحديث عنه في أواخر عام 2014، عندما كشفت وزارة التعليم العالي عن مشروع قانون جديد لتنظيم العمل في المستشفيات الجامعية مكونًا من 18 مادة من بينهم فصل المستشفيات الجامعية عن الكليات.
وقالت الدكتورة منى مينا الأمين العام لنقابة الأطباء، إن قانون خصخصة المستشفيات الجامعية كارثة بكل المقاييس، مضيفة أن المستشفيات الجامعية مكان لعلاج المرضه فضلا عن تعليم الطلاب بكليات الطب.
وأضافت مينا خلال مشاركتها بمؤتمر بنقابة الصحفيين لمناقشة قانون المستشفيات الجامعية، أن القانون في المادة الأولى ينص على أن المستشفيات تتحول لوحدة صحية مستقلة ليس لها علاقة بالوحدات الأخرى وهذا ليس صحيحا، متسائلة كيف يمكن فصل مستشفى أطفال أبو الريش عن باقي المستشفيات.
وتابعت الأمين العام لنقابة الأطباء، أن القانون ينص على أن المستشفيات ليس لها نصيب من الموازنة العامة وأغلبها يعتمد على التبرعات العامة، مما يؤدي إلى تقديم خدمات رديئة للمواطنين أمام ندرة الدعم المالي، ويسعى القائمون على المشروع لتحويلها مشاريع استثمارية.