التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الأربعاء بوفد أميركي رفيع المستوى برئاسة جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، ضمن جولته الحالية في دول بالمنطقة للتباحث بشأن سبل دعم السلام واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق بيان للخارجية.
انعقد اللقاء بعد تداول أنباء عن إلغائه، كما أظهرت النسخة المعدّلة لبرنامج الوزير؛ بعدما قررت الولايات المتحدة أمس الثلاثاء تعليق 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية (البالغة 1.3 مليار دولار)، وحجب قرابة 95 مليون دولار مساعدات اقتصادية؛ لأن مصر لدم تحرز تقدمًا في ملف حقوق الإنسان والديمقراطية.
ومن المتوقع أن يتطرق المسؤول الأميركي في جولته إلى قضية المساعدات الأميركية لمصر، وتتضمن تطمينات لنظام السيسي، الذي تعتبره إدارة ترامب حليفًا مقربًا في «مواجهة الإرهاب».
سوء تقدير
وعلّقت مصر على قرار الولايات المتحدة تجميد المساعدات العسكرية قائلة أنها تعتبر هذا الإجراء «يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط البلدين على مدار عقود طويلة، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها، وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الشعب المصري، وخلط للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية الأميركية».
وتعد هذه المرة الثانية منذ إطلاق برنامج المساعدات الأميركية لمصر عام 1979، بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي تمس فيها واشنطن المساعدات العسكرية للقاهرة، وكانت المرة الأولى في أعقاب الانقلاب على حكم الدكتور محمد مرسي؛ لكن هذه المساعدات تجددت عام 2015.
وقال محللون إنّ عودة المساعدات العسكرية في المرة الأولى جاء -في جانب كبير منه- نتيجة تضرر شركات السلاح الأميركية من تعليق المساعدات التي كانت تأتي في صورة تدفقات مالية؛ مما يساعد مصر على توقيع عقود طويلة المدى لاستيراد أنواع مختلفة من الأسلحة.
لكنّ واشنطن تداركت هذه الأزمة بعد، وعدّلت طبيعة المساعدات بما يعطيها مرونة أكبر في تعليق جزء منها أو كلها، أو حتى قطعها دون أن تتضرر الشركات الأميركية المصدرة للسلاح.
«شعرة معاوية»
وبينما كان من الطبيعي أن يذهب الجزء المعلق (195 مليون دولار) إلى الكونجرس في نهاية العام المالي (شهر سبتمبر المقبل)، طلب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي وقّع وثيقة تتعلق بهذه المساعدات، أن يوضع المبلغ في حساب خاص لحين إظهار مصر تقدمًا في مجال حقوق الإنسان؛ خصوصًا في ما يتعلق بقانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية في مصر، صدر في مايو الماضي وأثار جدلًا واسعًا محليًا ودوليًا، وكان سببًا رئيسًا لتحرك أعضاء في الكونجرس الأميركي لإصدار القرار الجديد الخاص بالمساعدات الأميركية لمصر.
وعلى الرغم من الدلالة القوية لهذا القرار، فإنه يعكس أيضًا رغبة واشنطن في الحفاظ على «شعرة معاوية» مع النظام المصري؛ إذ يأتي التعليق جزئيًا وقابلًا للرفع مرة أخرى دون الرجوع إلى الكونجرس.
وتتهم منظمات حقوقية دولية نظام عبدالفتاح السيسي بمحاولة إسكات كل أطياف المعارضة والقضاء على حرية الرأي والتعبير في مصر.