قال الباحث في السياسات الدولية «جيمس دورسي» إنه في خطوة يمكن أن تساعد على جرأة السعودية ضد طهران، بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تحرّكات لإثبات إخلال إيران بالاتفاقية النووية؛ عبر طلب ذلك من مساعديه في البيت الأبيض.
ويوضح «جيمس» في مقاله المنشور بصحيفة «هاف بوست» أن الاتفاقية النووية تتطلب تأكيدًا كل ثلاثة أشهر من الرئاسة الأميركية بالتزام الجانب الإيراني، وأن ترامب، الذي انتقد الصفقة لفترة طويلة، حاول مرتين منذ قدومه إلى البيت الأبيض إثبات إخلال إيران بالاتفاقية، بجانب محاولته فرض عقوبات عليها بسبب تطويرها برنامج صواريخ؛ رغم تأكيدها أنها لا تقع تحت شروط الاتفاقية.
يضيف «جيمس» أن ادّعاءات فشل إيران في الامتثال إلى شروط الصفقة التي رُفعت من عليها العقوبات وفتحت لها الأبواب للعودة إلى الحقل الدولي ركّزت على ادعاءات فشل طهران في الامتثال إلى روح الصفقة وليس شروط الاتفاقية.
اعتبرت صحيفة «فورين بوليسي» أن لجوء ترامب إلى مساعديه في البيت الأبيض بدلًا من وزارة الخارجية يوضح إحباطه من فشل ريكس تيلرسون في تزويده بالحجج التي يحتاجها في مواجهة إيران.
يرى منتقدو الصفقة النووية أنها ساهمت في زيادة قدرة طهران على الاعتداء على دول الخليج بالصواريخ الباليستية ودعم مليشيات الوكالة؛ من بينهم حزب الله والمليشيات الشيعية في العراق والمتمردون في اليمن، فيما أكد آخرون أن إنهاء الاتفاقية لن يحل الأزمة؛ ولكن التزام طهران بالصفقة ليس كافيًا، وحتى الآن لم يتحدث أحد عمّا يمكن لترامب فعله لاستخدام الصفقة النووية ضد إيران.
وأبرزت صحيفة «لوبي لوج» أن الرسائل الإلكترونية المسرّبة من حساب سفير الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة» أكّدت أن الإمارات وشركات ضغط سعودية في واشنطن دعمتا جماعتين أميركيتين تدعيان إلى استخدام سياسة أقوى تجاه إيران.
في الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن دولته ستستخدم آليات الاتفاقية لمعارضة أي تحرك أميركي يهدف إلى تقويض الصفقة، وحذّر من أنّ إيران لديها اختيارات آخرى؛ من بينها الانسحاب من الاتفاقية.
يقول جيمس إنه بصرف النظر عما سيقرره الرئيس الأميركي، فإن تحركه يمكن أن يشجع السعودية على تصعيد معركتها مع إيران بالطريقة نفسها التي ساهم بها في اندلاع الأزمة الخليجية التي أدت إلى مقاطعة السعودية والإمارات ودول أخرى قطر.
يوضح جيمس أن أحد مطالب التحالف السعودي الإماراتي لقطر كان تقليل علاقاتها مع إيران، التي تشاركها أكبر حقل غاز في العالم، بجانب طرد الكويت هذا الأسبوع السفير الإيراني و14 من الدبلوماسيين لمزاعم علاقتهم مع خلية تجسس وإرهاب؛ رغم لعبها دور الوسيط في الأزمة الخليجية وحفاظها لفترة طويلة على علاقات متوازنة مع السعودية وإيران.
يبدو أن السعودية شعرت بالجرأة بسبب عداء ترامب تجاه طهران، وكذلك تركيزه على مكافحة الإرهاب؛ رغم وجود اختلافات في وجهات النظر السياسية بين الرئيس الأميركي وأبرز مساعديه.
في السياق نفسه، قال جيمس إنّ الأمير السعودي محمد بن سلمان أثبت عزمه على المخاطرة لتقوية دور المملكة كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بجانب محاولته زعزعة استقرار إيران عبر شحن الأقليات السنية في الدولة الشيعية، ويتضح أن مسؤولين أميركيين يرغبون في الشيء نفسه رغم الاختلاف بشأن الصفقة النووية.
يوضح جيمس أن حقيقة رغبة ترامب في عرقلة إثبات التزام طهران بالاتفاقية، بصرف النظر عما سيفعله، ساهم في تشجيع محمد بن سلمان على الاستمرار في خططه.
يرى الباحث السياسي أنه عكس فشل أميركا تاريخيًا في زعزعة استقرار إيران؛ إلا أن خطة الأمير محمد في حالة تنفيذها يمكن أن تكون ليها عواقب على منطقة أوراسيا.
يوضح جيمس أن استخدام السعودية مقاطعة بلوشستان الموجودة في باكستان، التي تنتشر فيها الفتن الطائفية والقومية، في خطتها ضد إيران يمكن أن تقوّض جهود باكستان للسيطرة على أعنف الجماعات التي تجري عملاتها في الدولة؛ ويمكن أن تثير فتنًا طائفية كبرى.
يعتقد متابعون للوضع أن الجماعات المسلحة بالقرب من الحدود الإيرانية يتمتعون بدعم سعودي وأطلقوا هجمات عابرة للحدود داخل الأراضي الإيرانية؛ ما دفع إيران إلى الرد على هجمات هذه الجماعات داخل الأراضي الباكستانية؛ ما تسبب في اعتقال قائد من الحرس الثوري الإيراني، خاصة بعد اتهامات تجنيده أشخاصًا داخل بلوشستان.
في السياق نفسه، رفضت إدارة الرئيس الأميركي هذا الأسبوع دفع 300 مليون دولار لباكستان تكلفة قتالها ضد المليشيات الإرهابية، يعتقد البعض أن عددًا من هذه المليشيات تدعمها الاستخبارات الباكستانية، فيما قالت وزارة الدفاع الأميركية إن التمويل أوقف بسبب فشل باكستان في اتخاذ خطوات كافية ضد شبكة الحقانية، وهي خلية تابعة لجماعة طالبان.
يرى جيمس أن الاضطراب في إيران، بجانب العنف في بلوشستان، سيقوضان مشروع الصين «حزام واحد طريق واحد»، بجانب قلقها من تأثير أزمة الخليج على وارداتها من الطاقة من المنطقة، وكذلك تأثير ذلك على استثمارات الخليج في بنك استثمار البنية التحتية الآسيوية، المفترض أن يموّل مشاريع الطريق الصيني.
يوضح جيمس أن وتيرة التوتر بين السعودية وطهران ارتفعت هذا العام، وهو ما اتضح من تصريحات الأمير محمد بأن الصراع بين الدولتين سيكون داخل إيران وليس السعودية.
رغم أنّ محمد بن سلمان لم يوضح ما يخطط له، قال المجلس العربي الخليجي للدراسات الإيرانية إنّ السعودية يمكنها دعم تمرد قبائل البلوش الموجودة في إيران، بجانب قدرتهم على إقناع باكستان بتخفيف معارضتها لأي دعم سعودي متوقع للبلوش الإيرانيين، موضحًا أن التحالف بين العرب والبلوش له جذور تاريخية في الخليج العربي بشأن معارضتهم الهيمنة الفارسية.
مع تصاعد وتيرة التوتر ودعم أميركا لها، حذّر وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر من أن الفصل التالي في تاريخ الشرق الأوسط سيشهد مواجهات مباشرة بين السعودية وإيران من أجل الهيمنة الإقليمية؛ وهو ما حدث حتى الآن عبر مليشيات بالوكالة، موضحًا أن أي مواجهة عسكرية مباشرة ستؤدي إلى أكبر حرب تشهدها الشرق الأوسط مقارنة بالحروب السابقة.