كشف تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن نمط الحياة شديد البذخ الذي يعيشه أعضاء العائلة المالكة السعودية ،بالرغم من تطبيق الحكومة خطة تقشف واسعة في البلاد .
وقالت الصحيفة إنه خلف جدار مرتفع ، وزعت عليه كاميرات المراقبة ويحرسه الجنود المغاربة، ارتفع القصر المترامي الاطراف الجديد للملك سالمان على ساحل المحيط الأطلسي في المغرب ،وحتى مع إلغاء الحكومة السعودية مشروعات تقدر بقيمة ربع تريليون دولار ،كجزء من برنامج التقشف الحكومية ،فإن العمال يسرعون لإنهاء منصات الهبوط الزرقاء لطائرات الهليكوبتر في قصر العطلات الخاص بالملك ،ونصبت خيمة بحجم السيرك الكبير قد يتناول الملك الطعام فيها برفقة حاشية الضخمة.
تستمد ثروة العائلة المالكة من احتياطيات النفط المكتشفة في عهد والد سلمان الملك عبد العزيز بن سعود، منذ أكثر من 75 عاما ،ويوفر بيع النفط مليارات الدولارات من المخصصات السنوية ، ويقدم القطاع العام لهم فرص العمل ،دون أن يعملوا عملاً حقيقياً ،بالإضافة إلى الامتيازات التي يحصلوا عليها ،والأمراء الأغنى في العائلة يملكون البيوت الريفية الفرنسية والقصور السعودية، وأخفوا الأموال في حسابات البنوك السويسرية، ويرتدي النساء منهم الفساتين الراقية تحت العباءات ويمرحون على أكبر اليخوت في العالم بعيدا عن أنظار العوام السعوديين .
يقول الأميرخالد بن فرحان آل سعود ،المعارض المقيم بألمانيا والمنتمي إلى العائلة المالكة: ” لدى الشعب أموال أقل مما سبق إلا أن العائلة المالكة لديها نفس الأموال كما في السابق.. هناك الكثير من الأموال يتم إخفاؤها من الميزانية ،يتم تحديدها من قبل الملك وحده.
يضيف التقرير: خلال هذه الفترة تمر العائلة المالكة بوقت مضطرب حيث تولى سالمان الحكم ،وهو الملك السادس من أبناء الأب المؤسس من أبناء الأب المؤسس للملكة ،وخلال عامين من الحكم خالف “سالمان” تقاليد الحكم ، وخلق النزاع داخل الأسرة الحاكمة ،وقرب إبنه المفضل إلى العرش ،وأطاح بالأعضاء البارزين من الأفرع الأخرى من المناصب والوزارات العليا ،وهو ما عزز من سلتطه ،لكنه خلق حالة من الاستياء داخل الأسرة ،التي يفترض أن تتوحد .
وبحسب التقرير فإن هناك مقاومة من الأسرة الحاكمة لخصخصة جزء من شركة “أرامكو” –التي مثلت شريان الحياة للإنفاق الحكومي –،لأن ذلك من شأنه أن يجلب مزيد من الرقابة والمراجعة المالية على أنشطة الشركة ، وبالتالي مزيد من الرقابة على المخصصات المالية لأعضاء الأسرة .
ويؤكد أنس القصير ،المتحدث باسم وزارة الثقافة إنه تم تخفيض المخصصات الملكية لبعض الأمراء ، إلا أنه بحسب بعض المقريين من الأسرة الحاكمة لم يتم تخفيض مخصصات البعض منهم على الأقل ، في حين يقول “ستيفن هرتوج” الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد ” في ظل حكم سالمان يبدو أن الأمراء يتمتعون بالعديد من المخصصات المادية ،ولم يتغير نظام المخصصات الرئيسي في المملكة”
ويستمرإنفاق بعض أفراد العائلة المالكة السعودية ببذخ وتقول “دانيا سنو”، وكيل عقاري من شركة ” بلس دميرس” في فرنسا أن العديد من أفراد الأسرة المالكة استمروا في شراء العقارات في باريس خلال العام الماضي ،وأضافت أنها باعت مؤخرا شقة تبلغ مساحتها ما يقرب من 11.000 قدم مربع بقيمة 30 مليون دولار لأميرة سعودية ،وبالطبع فإن الملك سالمان لديه من الممتلكات ما يكفي في داخل السعودية مع مجموعة من القصور تمتد من البحر الأحمر إلى الخليج العربي .
وخلال زيارته هذا الصيف للقصر الجديد بالمغرب طافت بعض مئات سيارات المرسيدس من طراز”سيدان” و”رينج روفر” في جميع أنحاء المدينة ، ويشمل مجمع القصر المرافق الطبية الخاصة ومطابخ الطائرات الفخممة التي أطباق جراد البحر والكافيار والكمأ القادمة جواً من فرنسا .
ويتابع التقرير: يتوجب على العديد من الموظفين ترك هواتفهم عند البوابة لمنع تسريب الصور إلاأن أحد حسابات “تويتر” الذي يعمل تحت اسم مستعار “مجتهد” ، ويتابعه 1.7 مليون من المتابعين نشر تفاصيل عن البناء، والسيارات الفاخرة وفندق الخمسة نجوم المخصص للضيوف ،فيما قال “القصير” المتحدث باسم وزارة الثقافة السعودية، في بيان مكتوب إن التكاليف مغطاة بالكامل من الحساب الشخصي للملك، وليس من قبل الحكومة ، ويقول أحد العمال الذي لم يكشف عن هويته إنه حصل على رحلة حج مجانية عند تسليمه بطاقة الهوية الخاصة به عند البوابة .
وتشير الصحيفة إلى السرية التامة التي فرضتها الأسرة المالكة على ممتلكاتها حيث بنوا الأسوار المرتفعة حول قصورهم واشتروا الأصول خارج البلاد عن طريق شركات الوهمية ،واستخدموا الوسطاء للقيام بالاستثمارات الضخمة ،وتظهر وثائق بنما تورط الملك سالمان في إنشاء الشركات الوهمية في “لوكسمبرج” وجزر العذراء البريطانية ،وربطت الوثائق بينه وبين امتلاكة لأحد اليخوت وأحد المنازل المهيبة التي تطل على “هايد بارك” في حي “مايفير توني” .
ويستطرد التقرير: ربما جاءت أعمق نظرة إلى الجانب المالي للعائلة المالكة عندما منح مسؤول في السفارة الأميركية في الرياض الدخول الغير مسبوق إلى أحد مكاتب وزارة المالية عام 1996 ،ولاحظ هذا الموظف، أن المكتب يعج بالموظفين الذين قدموا لتلقي الأموال نيابة عن الأمراء ، وتراوحت رواتب الأمراء في ذلك الحين من 270.000 دولار في الشهر تمنح لأحد أبناء الملك الملك المؤسس إلى 8000 دولار في الشهر ، لأبناء الأحفاد، وأفاد المسئول الأميركي في مذكرة أن بعض أفراد العائلة المالكة حصلوا على مبالغ إضافية تقدر بقيمة من مليون دولار إلى 3 ملايين دولارتحت بند هدايا الزفاف وبناء قصر ،وتقدر الوثيقة التي ظهرت ضمن وثائق ويكيليكس قبل خمسة أعوام أن المخصصات التي تضمنت المبالغ المالية المدفوعة لعائلات بارزة أخرى بالمملكة ،وصلت إلى 2 مليار دولار من إجمالي إنفاق الحكومة المقدر ب40 مليار دولار أو خمسة بالمائة من الإنفاق العام ، فيما يقول ” القصير” إن إجمالي المخصصات الممنوحة حالياً لا تتجاوز 10 مليار ريال (2.7 مليار دولار) ،يذهب النصيب الأكبر منها إلى زعماء القبائل والمناطق .
وبحسب وثيقة “ويكيليكس” فإن الأمير السعودي الأمير بن طلال أخبر السفير الأميركي أن جزء من إيرادات بيع مليون برميل نفط سعودي يومياً يدخل ضمن البرامج التي لا تدخل في الموازنة ، وتبقى هذه تحت سيطرة الملك والعديد من الأمراء البارزين ، فيما يؤكد مسئول حكومي أميركي عمل مستشاراً لعدد من أفراد الأسرة الحاكمة أن هذه البرامج مازالت قائمة إلى الآن .
ويبقى الخط الفاصل بين أصول العائلة والدولة غير واضح ، ووصف مسؤولون أميركيون في مذكرات متعددة تحويل ملكية أراضي شاسعة من الدولة إلى أبناء وأحفاد الملك ،مثل الأمير الذي وسع السور المحيط بممتلكاته ببطء إلى الخارج ليضم إليها 30 ميلا مربعا آخر ،وووفقاً لدبلوماسي أميركي ،حصل الأمير بندر بن فهد ،سفير المملكة في الولايات المتحدة لفترة طويلة ،والأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز على مئات الملايين من الدولارات من بيع أراضي مدينة ضخمة تقام خارج جدة .
يقول “نيكول بولارد بايمي” المدير التنفيذي لمجموعة “لالالوكس” للموضة في لوس أنجلوس إنه خلال العام الماضي اشترى أحد عملاء الأسرة المالكة حقيبة يد من طراز “هرمس هميالايان بركن” المصنوعة من جلد التمساح والمرصعة بالألماظ والذهب الأبيض في مقابل مئات الآلاف من الدولارات ويضيف “الاقتصاد السعودي في أزمة ،لكنهم مازالوا ينفقون”
ويؤكد الأمير خالد أحد أفراد الأسرة المالكة ،الموجود في المنفى، “سيكون من الصعب على محمد بن سالمان ،ولي ولي العهد السعودي أن يطبق خطة التقشف على الأسرة المالكة ،إذا أراد الوصول إلى عرش البلاد ; فهو لن يكون الملك دون دعمهم، بحسب تعبيره.
ويختتم التقرير: هناك تنبؤات بأن الإنقسامات داخل الأسرة المالكة السعودية قد تهدد قبضتها على السلطة ،وبالرغم من سنه المتقدم ،ظهر الملك سالمان هذا الشهر في جولة داخل البلاد ،ليقول إنه الحاكم للبلاد.